محمد علوش
لا يوجد في الدستور اللبناني أي إشارة الى “تشريع الضرورة”، يقول معارضو التشريع بظل الفراغ الرئاسي، مع العلم أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يرفض أيضاً استعمال عبارة “تشريع الضرورة” ولا يحبذها، كون المجلس سيد نفسه ولا يحتاج الى تبرير قيامه بدوره الأساسي، أي التشريع.
سقطت جلسات تشريعية عديدة في فخ المقاطعة المسيحية، فالكتل المسيحية الكبرى تُطالب بأن يقوم المجلس النيابي بدوره بظل الفراغ الرئاسي والمتمثل فقط بعقد جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس الجمهورية، فضاعت فرص إقرار قوانين عديدة، لكن يبدو أن المجلس قد يعود الى التشريع من باب تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية.
تكشف مصادر نيابية أن “حركة” ما تجري لمحاولة تأجيل الاستحقاق البلدي، لأن القوى السياسية غير حاضرة لخوض هذه المعركة في هذه الظروف فهي إما تأخرت بالشروع بالعمل، وإما غير قادرة على إيجاد مقاربة تتوجه من خلالها الى سكان القرى والبلدات لإقناعهم بالخيارات السياسية، لذلك يفضلون التأجيل.
عندما مضى وزير الداخلية بإجراءات تنظيم الانتخابات البلدية، حاولت القوى السياسية الرافضة للتشريع رمي مسؤولية تأجيل الانتخابات على الحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي، فأصر الأخير على وزير الداخلية بأن يمضي بتنظيم الاستحقاق لأن التمديد للمجالس البلدية والمخاتير يتطلب تشريعاً، والوصول الى الاستحقاق دون تشريع يعني سقوط المجالس البلدية، وسقوط صفة المخاتير القانونية، وبالتالي أعاد الكرة الى ملعب القوى السياسية والمجلس النيابي، فالكل يرفض تحمل المسؤولية.
نعم قد يكون للجميع مصلحة بالتأجيل في الظروف الراهنة، لكن هناك قوى تحتاج التأجيل أكثر من غيرها، على رأس هذه القوى التيار الوطني الحر الذي خرج من انتخابات نيابية فيها خسائر ضخمة على صعيد حجم الأصوات التي حصل عليها التيار، ويخشى بأن يكون الاستحقاق البلدي استكمالاً للمواجهة ضده، خاصة أن بحوزته بلديات أساسية وكبيرة، تسعى القوات اللبنانية لأن تحصل عليها، لذلك تكشف المصادر النيابية أن هناك نقاشاً داخل التكتل بخصوص المشاركة بجلسة تشريعية لتأجيل الانتخابات البلدية حصراً، وقد عبّر عن هذه الرغبة نواب التيار على رأسهم النائب آلان عون، الذي أكد بمعرض نفيه خبر إيفاده من قبل جبران باسيل الى الثنائي الشيعي لطلب التأجيل، انه “في حال بقيت الحكومة متخلّفة عن تأمين التمويل وكل المستلزمات البشرية والإدارية المطلوبة لإجراء الانتخابات منذ تاريخ الدعوة اليها حتى تواريخ إجرائها، فسيتحمّل التيار الوطني الحر مسؤوليته لمنع وقوع البلديات والمخاتير في حالة الفراغ”.
ترى المصادر النيابية أن التيار بحال شارك بجلسة تشريعية لتأجيل الانتخابات، يحتاج الى اعتراف حكومي او نيابي واضح بأن لا إمكانية لتمويل الانتخابات، وهو ما تأمن خلال جلسة اللجان المشتركة اليوم، أو لا إمكانية لتأمين مستلزماتها اللوجستية، ليتمكن من تبرير مشاركته بالجلسة التشريعية، وهو يمهد الأرضية لهذه المشاركة من خلال الحديث عن “المسؤولية الوطنية” بمنع وقوع البلديات والمخاتير في حالة فراغ.
بالمقابل تكشف المصادر عن وجود ضغوط أوروبية وأميركية باتجاه إجراء الانتخابات البلدية، لأن أحد أبرز الشروط الدولية المفروضة على لبنان هي الالتزام بالمسار الدستوري وإجراء الاستحقاقات في مواقيتها، لذلك قد لا يكون التأجيل طويلاً، وسيتخذ عنوان التأجيل التقني، حتى نهاية الصيف المقبل ربما!