محمد علوش – الديار
دون سابق إنذار، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية الشقيقين اللبنانيين ريمون رحمة وتيدي رحمة، وشركاتهما الثلاث ومنها ZR ENERGY على لائحة العقوبات، متّهمة إياهما باستخدام ثرواتهما وسلطتهما ونفوذهما للانخراط في «ممارسات فاسدة تساهم في انهيار سيادة القانون في لبنان».
بدأت التحليلات تتطاير يميناً ويساراً، فمنهم من فهم العقوبات «رفض» أميركي لترشيح سليمان فرنجية، علماً أن الأخوين يملكان علاقة أكثر من ممتازة مع كل المكونات المسيحية بالبلد، من «المردة» الى «القوات اللبنانية» فـ «التيار الوطني الحر»، ومنهم من وجدها رسالة لـ «القوات»، ومنهم من اعتبرها فعلاً أميركياً لمواجهة الفساد، فما هي أسس كل هذه التحليلات؟
بحسب مصادر مطّلعة، لا يمكن أن تقرأ العقوبات الأميركية الأخيرة على الأخوين رحمة من المنظار الذي كانت تقرأ فيه العقوبات السابقة، فهي غير مرتبطة بالسياسات المتبعة تجاه حزب الله، وبالتالي هي ذات أهداف سياسية مختلفة عن الحرب مع الحزب وتمويله وتسهيل عمله.
وإنطلاقاً من ذلك، ينبغي السؤال عما تريده الولايات المتحدة من هذه الخطوة في الوقت الراهن، الأمر الذي يستدعي العودة إلى العقوبات التي سبق أن فرضت على النائب علي حسن خليل والنائب السابق يوسف فنيانوس، وبعدهما جبران باسيل، والتي كانت ترتبط بأمرين أساسيين: الأول مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع «إسرائيل»، والثاني تسهيل عمل حزب الله داخل الدولة اللبنانية وتسيير شؤونه المالية، وبالتالي هناك رسالة ما أرادت واشنطن أن تبعث بها على وقع المشاورات والاتصالات القائمة حول الإستحقاق الرئاسي، فما هي؟
بعد إعلان العقوبات، سعت العديد من القوى السياسية إلى إبعاد إرتباط الإخوين رحمة بها، من «تيار المردة» مروراً بحزب «القوات اللبنانية» وصولاً إلى «التيار الوطني الحر»، ومن قرأ العقوبات استهداف لفرنجية، عاد بالذاكرة الى يوم جاهر المرشح الرئاسي بعلاقته مع الأخوين رحمة، فوجد أن ضربهما يعني ضرب رئيس «تيار المردة» وضرب طموحه الرئاسي، لكن بعد مشاهدة المشهد من بعيد، يمكن قراءة الرسالة الأميركية المرسلة من خلال العقوبات بطريقة اوسع.
في مطلق الأحوال، ما ينبغي التأكيد عليه هو أن هذه الخطوة الأميركية، التي تأتي في عز التفاوض الرئاسي، تماماً كما جاءت العقوبات المتعلقة بترسيم الحدود في لحظات تفاوض حساسة، مرتبطة بالإستحقاق الرئاسي بالدرجة الأولى وبالتأكيد، لكنها موجهة إلى القوى المسيحية تحديداً دون تخصيص، لأن الأخوين تجاوزا كل الخصومات السياسية بين القوى المسيحية، وبحسب المصادر فإن الرسالة تقول بأن واشنطن جاهزة لمعاقبة أولاً: معرقلي التسويات، وثانياً، الذين يظنون أن بإمكانهم تسويق تسويات لا تكون الولايات المتحدة الأميركية في صلبها، وذلك بعد شعور البعض بضعف الدور الأميركي، على حساب الدور الفرنسي من جهة، والإيراني – السعودي من جهة ثانية.
لكل من قال أن واشنطن لا تُبالي بالملف اللبناني؟ جاءت العقوبات لتؤكد من خلالها الإدارة الاميركية أنها حاضرة في الملف اللبناني ولا يمكن تجاوزها، على عكس الصورة العامة التي يتم ترويجها، لناحية تركها هذا الملف إلى المشاورات بين الجانبين الفرنسي والسعودي فقط.