د. زينه زغيب – ليبانون تايمز
هنا بيروت، الأحد، الساعة السابعة صباحًا، مهلًا.. الساعة الثامنة صباحًا! حسنًا، لا يهم.
استيقظ اللبنانيون الأحد في توقيتَين مُختلفَين على أثر إعلان رئيس الوزراء الموقّت نجيب ميقاتي عن تأجيل العمل بالتوقيت الصيفي إلى 20-21 أبريل/ نيسان في مقابل رفض جهات عدّة في لبنان هذا القرار مع الإصرار على مُباشرة العمل بالتوقيت الصيفي، منها أطراف سياسية وحزبية ومؤسّسات دينية وشركات ومحطّات تلفزيونية وغيرها.
وما أن تم الإعلان عن هذا الخبر حتى انتشر كالنار في الهشيم، فأصبح موضوعُ “الساعة” موضوعَ الساعة، حيث اتّخذ منحًى طائفيًا بامتياز. فانقسم الرأي العام في لبنان بين مؤيّد ومُعارض للقرار.
الدولار يقفز فوق عتبة المئة ألف ليرة لبنانية؟… “لا يهمّ!”
الناس بالكاد تستطيع شراء ربطة خبز؟… “تعوّدنا!”
الشابات والشبان في حالة حُزن دائم ويأس من انعدام آفاق المستقبل؟… “بُكرا بيدبّروا حالُن!”
لكنّ موضوع الساعة خط أحمر!!! “لن نُساوم عليه لأنه موضوع كرامة! موضوع إثبات موقف! موضوع حياة أو موت! نكون أو لا نكون!”.
وسط جوٍ محموم من المُزايدات والمُهاترات وعرض العضلات، عادت ذكريات مشؤومة إلى الواجهة من جديد، صور بشعة ونموذج المنطقة الشرقية والمنطقة الغربية الذي يذكّرنا بالحرب الأهلية. فيما قِلّة على دراية بأن ما نشهده ليس سوى استراتيجية إلهاء تعمل على تحويل انتباه الجمهور عن القضايا الأساسية لصالح موادّ تافهة وغير مُهمّة.
جميعنا يعلم أن لبنان ليس بخير، وما من شخصَين يختلفان حول هذه المسألة. لكن هل نحن بخير؟ هل عقولنا وضمائرنا بخير؟ إنه سؤال تجاهل العارف، والإجابة معروفة.
مؤسف أن الطائفية ما زالت قابعة في بعض النفوس، ومؤسف أن كُثرًا يجيدون اللعب على الوتر الطائفي لشدّ عصب جماعاتهم، لكن ما هو مؤسف أكثر أن يجد هؤلاء آذانًا صاغية من الحشود التي تنجرّ “ع العمياني” وراء الزعيم مهما كان ولأي طائفة انتمى، على حدّ وصف غوستاف لوبون في كتابه “سيكولوجية الجماهير”.
أما حان لنا أن نتّعظ ونتعلّم ممّا مررنا به ومرّ علينا من حوادث وكوارث وحروب، فنتمهّل ولو لثانية ونفكّر في أبعاد المسائل التي تجري من حولنا؟
مرّ العمر وأجدادنا يُردّدون بتفاؤل فيه شيء من التصنّع والإنكار، ومن يدري.. ربما شيء من الانفصال عن الواقع: “بُكرا الوضع بيتحسّن وبيرجع لبنان متل ما منحبّو..”
لكن كيف يمكن لوطن أن يتحسّن بضربة عصا سحرية؟ كيف له أن يتحسّن من دون وجود نيّة لذلك أصلًا، وإن وُجدت، فهي لا تُستكمل من خلال أفعال أو خطوات عملية بنّاءة في هذا الاتجاه.
لا أدري حقًا إن كان يجوز التساؤل: متى تدُقّ ساعة القيامة للبنان؟ أم أننا ربما لا نستحقّ هذا الوطن.