اشارت صحيفة “الاخبار” الى انه فيما تعلَق بيروت في شرنقة من التكهنات حول ما يُخفيه الاتفاق الإيراني – السعودي برعاية صينية من أصداء على الأزمة الداخلية، انطلَقت على مدى الساعات الماضية مشاورات “ما فوق عادية” بين القوى السياسية للبحث في سبل التكيف مع المرحلة الجديدة، بعدَ أن أكدت المعلومات الآتية بحقائب ديبلوماسية تأخر مفاعيل الاتفاق، ما يعني أن لبنان سيبقى محكوماً بلعبة الانتظار.
وبدأت القوى السياسية من مشارب مختلفة تتحدّث عن ضرورة التعامل بعقل بارد، وتنصح بالتزام جانب الترقب لبلورة حقيقة الاتفاق غير الواضحة موجباته والقطب المخفية فيه، والذي حتماً ستكون له فصول لاحقة وخطوات تنفيذية دونها الكثير من العقبات، ربطاً بما ستُقدم عليه الدول المتضررة. وبينما اعتبرت أن “الكلام عن قرب التوصل إلى تسوية في لبنان ليس سوى كلام استلحاقي لنتائج الاتفاق”، تقاطعت مصادر دبلوماسية مصرية – سعودية عند “عدم وجود استعجال خليجي لاجتراح حلول في لبنان، طالما أن الأزمة ومسؤوليتها وتداعياتها تقع على عاتق غيره”. وأشارت مصادر دبلوماسية مواكبة لخلية الدول الخمس إلى أن “مفاتيح حل الأزمة، بخاصة الرئاسية، معروفة وعلى من يريد إخراج اللبنانيين من هذه المراوحة السلبية فعل ما يراه مناسباً”، مع التأكيد بأن “وحدة الموقف المسيحي المعارض لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية عامل أساسي في دعم الفيتو السعودي المتواصل”، والجزم بأن “موقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع سيزداد وضوحاً بهذا الشأن في الأيام المقبلة”.
وبصرف النظر عمّا قاله السفير السعودي في بيروت وليد البخاري من عين التينة أول من أمس، عن أن شيئاً إيجابياً يحضر للبنان، علماً أن زيارته لرئيس مجلس النواب نبيه بري تدخل في إطار “الجولة التي دشنها البخاري قبلَ أسبوع من بكركي، والموعد كان محدداً سابقاً وهو سيستكملها بعقد لقاءات مع قوى سياسية أخرى”. وقالت مصادر مطلعة إن “السفير السعودي تحدث في العموميات في الملف اللبناني، مكرراً الموقف المعروف وأنه ليسَ لدى السعودية أسماء مرشحين بل معايير ومواصفات محددة”.
إلى ذلك يستمر الغموض بشأن تأخر فرنجية الإعلان عن ترشحه، رغمَ إعلان الثنائي حزب الله وحركة أمل دعم هذا الترشيح، وهو أمر مستغرب كما وصفته عدة جهات سياسية. وفي الإطار، قالَ معنيون بالملف الرئاسي إن “فرنجية يحضر نفسه وقد يعلِن ذلك في غضون أسبوع أو عشرة أيام”، وأشاروا إلى أنه “صارَ أكثر ارتياحاً بعد الإعلان عن الاتفاق”. وكشف هؤلاء أن “فرنجية الذي التقى أخيراً موفد بكركي راعي أبرشية انطلياس المارونية المطران أنطون أبي نجم، كان حاسماً في أمر ترشحه وأكد أنه لن يتراجع، وحمّل المسيحيين مسؤولية تعطيل الانتخابات وأبدى استياءً كبيراً من الحملة ضده واعتباره بأنه رئيس غير ميثاقي، ولم يتجاوب مع الورقة التي حملها المطران وحملت أسماء مرشحين توافق عليهم بكركي”.
وعلى الضفة المقابلة، وبعدَ تغيير بعض قوى المعارضة إدارتها للأزمة بالإعلان عن استخدام سلاح المقاطعة وتعطيل النصاب، تحديداً من قبل حزبيْ القوات والكتائب، علمت الأخبار أن “العمل بدأ لعقد لقاءات موسعة مع هذه الأطراف الثلاثة، وهي الحزب الاشتراكي والنواب السنة وقوى التغيير، تهدف إلى مواجهة أي جلسة تهدف إلى انتخاب فرنجية والبحث في إمكانية التوحد خلف اسم للرئاسة”، علماً أن “الكتائب والقوات يواجهان مشكلة رئيسية مع هذه الأطراف”. واختصرت مصادرهما المشكلة بأن “الحزب الاشتراكي وعلى الرغم من التلاقي مع الحزبين على اسم النائب ميشال معوض، يرفض تقديم التزام بمقاطعة الجلسة أو تطيير النصاب لحرص رئيسه وليد جنبلاط على عدم توتير العلاقة مع رئيس مجلس النواب والحفاظ على الجسور المفتوحة مع فرنجية”.
أما بالنسبة إلى الكتلة السنية “فباستثناء النائب أشرف ريفي الذي أعلن موقفاً واضحاً بعدم تأمين النصاب، يتريث النواب الآخرون في إعلان أي موقف إيجابي من فرنجية، وليسوا متحمسين لفكرة المقاطعة”. ولا تبدو المشكلة مع قوى التغيير أقل تعقيداً، حيث تنقسم هذه القوى في مواقفها بين رافض للمقاطعة كالنائب ملحم خلف، ورافض بالمبدأ التفاهم مع القوات والكتائب، وبين ما يؤيد التفاهم على موضوع التعطيل لكن يرى أن لا مجال للاتفاق على اسم. وحتى الآن، فإن خطة المقاطعة هي الخيار الوحيد لمواجهة فرنجية، بانتظار ما سينتج منن هذه اللقاءات.
من جهة أخرى، يواصل رئيس حزب التيار الوطني الحر جبران باسيل التمسك بموقفه لجهة أن أي حوار بالشأن الرئاسي مع الحزب يبدأ من التخلي عن ترشيح فرنجية، في وقت قد يعوض الحزب غياب الاتصالات من فوق، بتكثيفها على المستويات الأخرى بعد جمود سلبي في الأشهر الثلاثة الماضية، في ظل تحرك النواب العونيين المشكوك بولائهم عبر وسائل مختلفة للتأكيد على التزامهم بموقف التيار. في وقت يركز باسيل كثيراً على التقدم الإيجابي السريع والهائل في المساعي البطريركية لجهة توفير أكبر قاعدة إجماع مسيحي بشأن الاستحقاق الرئاسي حيث قطع التقريب في وجهات النظر بين التيار والقوات أشواطاً متقدمة، مع تنوع قنوات الاتصال المباشرة بين الجانبين تحت عنوان العلاقات الشخصية، وبلغت هذه الاتصالات حدّ تبادل الآراء – غير المباشرة دائماً – بشأن الأسماء، مع التركيز على كبار الموظفين المتقاعدين الموارنة، ونقباء ورؤساء مؤسسات مارونية، في ظل إجماع بطريركي – عوني – قواتي – كتائبي – اشتراكي على أن الوسيلة الوحيدة لاستعادة المبادرة في الاستحقاق الرئاسي هي هذا الاتفاق المبدئي السريع، من دون الحاجة إلى مصالحات أو حتى حوارات مباشرة، حيث يمكن إنجاز اتفاق مبدئي على رفض فرنجية من جهة، ومجموعة أسماء مقبولة من الأفرقاء المسيحيين من جهة أخرى، من دون اتصالات مباشرة. مع تأكيد المطلعين على لعب القطريين والسعوديين دوراً ضاغطاً بهذا الاتجاه، عبر العلاقة مع البطريركية المارونية وقنواتهم الجانبية، وذلك بعد اقتناعهم باستحالة إيصال قائد الجيش.
من جهة اخرى، يتجه عدد من أعضاء مجلس النواب إلى رفع شكوى قضائية ضد جمعية المصارف بعد تأكيد نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب أن الجمعية قدمت رسالة رسمية إلى مجلس النواب تضمّنت معلومات غير صحيحة كان يمكن أن ينتج منها إقرار تشريعات مغلوطة.