محمد بلوط – الديار
صحيح ان ترجمة نتائج الاتفاق السعودي – الايراني تحتاج الى فترة زمنية، اكان على صعيد العلاقة الثنائية ام على صعيد المنطقة، لكن هناك مؤشرات لا بد من التوقف عندها في التقويم الاولي لهذا الاتفاق.
ولعل النقطة الاولى الواجب التركيز عليها، هي ان ما جرى يشكل انقلابا على مرحلة العلاقة المتدهورة بين البلدين من فترة طويلة، وهو لم يكن وليدة اللحظة وانما جاء ثمرة لجهود امتدت لاكثر من سنة ونصف. وهذا يعني ان الاتفاق المذكور، لا يقتصر على اعادة العلاقات الثنائية خلال شهرين واعادة العمل بالاتفاق الامني السابق وبعض الاتفاقات التجارية بين البلدين، بل يشمل ايضا امورا غير معلنة في نص الاتفاق تتعلق بفتح صفحة جديدة ترسم مرحلة التعاطي المباشر بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية حول ملفات عديدة في المنطقة، ومنها ما يشمل اليمن وسوريا ولبنان.
اما النقطة الثانية المهمة في قراءة الاتفاق فهي ان انجازه وخروجه الى النور بالاحرف الكاملة جاء برعاية صينية مباشرة، وهذا يعتبر سابقة في تظهير الحضور السياسي والاستراتيجية الصينية في المنطقة والعالم .
وفي رأي الاوساط المراقبة، ان رعاية بكين لهذا الاتفاق تعكس بشكل او بآخر تراجع الهيمنة الاميركية في فرض ايقاعها على منطقة الخليج والشرق الاوسط.
وبعيدا عن التفسيرات والحسابات اللبنانية في تقويم نتائج الاتفاق لمصلحة هذا الفريق او ذاك، فانه لا بد من التأكيد على نقطة مهمة، وفق مصدر نيابي بارز، هي انه يساهم في تخفيف التوتر بين البلدين وفي المنطقة، وبالتالي من الطبيعي ان ينسحب هذا المناخ الايجابي ويمتد تخفيف التوتر الى اليمن وسوريا ولبنان.
ويستدرك المصدر قائلًا: ” من الصعب تحديد موعد انعكاساته على الاوضاع في هذه الدول قبل نفاذ مفعوله ومساره بين البلدين . لكن مجرد توقيعه يؤشر الى رغبة البلدين في التعامل بايجابية مع ملفات المنطقة، وهذا ما يعزز الاعتقاد بانهما يمكن ان يؤديا دورا مهما في الدفع باتجاه معالجة التوترات، اكان على صعيد تثبيت الهدنة في اليمن تمهيدا لحل ازمتها، ام على صعيد المساهمة في زيادة فرص تحسين الوضع في سوريا واعادة تطبيع العلاقات العربية معها، او بالنسبة للبنان في معالجة الاستحقاقات وازمة انتخاب رئيس الجمهورية.
ويقول مصدر نيابي في الثنائي الشيعي ” ان الاتفاق السعودي – الايراني هو موضع ترحيب في كل الاحوال، لكن علينا ان نترقب نتائجه قبل معرفة انعكاسه على لبنان في المرحلة المقبلة”.
ويضيف ” لقد راهنا ونراهن قبل الاتفاق على تغليب الحوار والتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية والاستحقاقات الاخرى. ولم نتوقف يوما عن الاستمرار في هذا الرهان “، مشيرا الى ان دعوة كل من الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله بعد اعلان ترشيح سليمان فرنجية مجددا، وقبل الاتفاق الى الحوار والتوافق، تؤكد على هذا النهج الايجابي في التعاطي مع الازمة”.
هل يعني ذلك ان الكرة الآن في ملعب الفريق الاخر؟ يجيب المصدر ” لا نريد ان نتكلم عن تجاذب الكرة بين ملعبين، فالوضع المتدهور لا يحتمل مثل هذا التعاطي او الاسلوب. نحن لا نرغب في التعامل مع الاستحقاقات والملفات بهذه الطريقة، فكيف اذا كان الاستحقاق يتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية؟ لقد اكدنا من البداية اننا نرفض مرشح التحدي او مرشح الاستفزاز، وذهبنا الى ١١ جلسة بالورقة البيضاء ترجمة وافساحا في المجال امام الحوار والتوافق وليس بقصد تعطيل الاستحقاق . وبعد استنفاد كل الوسائل وافشال دعوة بري للحوار مرتين، بادرنا الى اعلان دعم ترشيح فرنجية دون التخلي عن استمرار دعوتنا للحوار والتوافق. وباعلاننا هذا لا نريد فرض هيمنتنا على الآخرين، بل نعتقد اننا فتحنا الباب وساهمنا في تحريك الاستحقاق واخراجه من حالة الجمود قبل اعلان الاتفاق السعودي الايراني، ونأمل بعده في تحسين فرص التلاقي من اجل تسهيل انتخاب رئيس الجمهورية”.
هل يمكن ان يساهم الاتفاق في تقريب فرصة وفترة انتخاب الرئيس؟ تنقل مصادر مطلعة عن مرجع بارز قوله ان هناك مؤشرات بدأت تظهر ملامحها وستظهر في الفترة القريبة، تدل على احداث خرق جدي في جدار ازمة انتخاب رئيس الجمهورية، مشيرا الى ان الاتفاق السعودي الايراني من شأنه ان يساعد على زيادة فرص هذا الخرق واختصار فترة حصوله.
ووفقا للمعلومات بحسب المرجع، فان الخرق الاولي بعد الاتفاق يتمحور حول خلق المناخ المناسب لحسم الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية الربيع او ربما اقصر من ذلك. اما الجانب الثاني لهذا الخرق فيتمثل في تأكيد لغة الحوار بدلا من المناكفة والتجاذب، والوصول الى توافق لانتخاب الرئيس، ويشير الى ان الاتفاق على هوية او اسم الرئيس فهو مرهون بمسار ونتائج الحوار بين الاطراف اللبنانية بمواكبة من دول اللقاء الخماسي.
ويعتقد المرجع ان هذه العملية هي التي تحسم مدى الفترة التي تفصلنا عن انتخاب رئيس الجمهورية، والتي تحتاج الى مزيد من الجهود الداخلية والتدخلات الخارجية.