أشار وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم، إلى أنّ “الوضع الأمني في لبنان يشهد استقرارا طبيعيا، وذلك بفضل الجهود التي يبذلها الجيش اللبناني الذي ينتشر على كامل أراضي الوطن، وباقي القوى الأمنية التي تقوم بدورها كلٌّ وفق اختصاصه ومسؤولياته، لكن هذا لا يعني أنه لا تحصل بعض الحوادث أو التجاوزات الأمنية بين الحين والآخر كما يحصل في أي مكان في العالم، بيد أن العمليات الأمنية والعمليات الاستباقية التي يقوم بها الجيش والقوى الأمنية تؤدي إلى السيطرة على الوضع وتوقيف المطلوبين وسوقهم إلى العدالة”.
ولفت، في حديث مع وكالة “سبوتنيك” الروسية، إلى أنّ “الجيش يقوم بعمليات أمنية يومية حيث يُداهم معاقل تجار المخدرات وعصابات السرقة والمجرمين في أوكارهم، ويوقف من يلقي القبض عليهم ويدمر قواعدهم اللوجستية من مصانع مخدرات أو مخابئ سيارات مسروقة أو ممرات غير شرعية لتهريب البضائع أو الأشخاص عبر الحدود”.
وأوضح سليم، بشأن خلايا تنظيم “داعش” الإرهابي في لبنان، أنّ “الجيش يقوم بطبيعة الحال برصد أي نشاط لخلايا إرهابية على الأراضي اللبنانية، وقد قام مؤخرا بكشف خلية إرهابية في منطقة طرابلس ونفذ عملية نوعية أسفرت عن توقيف عدد من الرؤوس فيها؛ وقد تبين أنه كان من ضمن أهداف هذه الخلية تجنيد أشخاص في لبنان وتنفيذ ضربات أمنية في الداخل اللبناني تطال تجمعات بشرية لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا عبر عمليات انتحارية أحادية أو مزدوجة”.
وشدد على أن “ما يقوم به الجيش في هذا الإطار هو رصد مستمر لهذه الخلايا حيث يقوم بتنفيذ العمليات النوعية المطلوبة وفق مقتضيات كل حالة. ويتخذ خطوات استباقية لكشف مكامنهم”.
ولفت سليم، إلى أنّ “الحدود اللبنانية كافة يسود فيها حالة من الاستقرار يعززها الدور الذي تقوم به وحدات الجيش لحفظ حدود الوطن على امتداد هذه الحدود برا وبحرا، ففي الجنوب ينتشر الجيش وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان ويسود التعاون الميداني ويوفر الأمن والاستقرار لكل أبناء المنطقة الحدودية”.
وأشار إلى أنّ “على الحدود الشرقية والشمالية بين لبنان وسوريا يقوم الجيش بضبط حركة الأشخاص والبضائع فيكافح عمليات التهريب بكل أشكالها خصوصا إن هذه الحدود متداخلة وتشهد محاولات متكررة للعبور بين البلدين، إما بهدف تهريب البضائع أو لمصالح تتعلق بحياة هؤلاء الناس اليومية”.
وأكّد سليم أنّ “الجيش يقوم بمكافحة عمليات التهريب عبر الحدود ويحقق نتائجا ملموسة في هذا المجال، خصوصا وأن أفواج الحدود البرية تتميز بكفاءة عالية وتجهيزات تقنية خاصة، وإرادة صلبة لمعالجة هذه المسألة، إلا أن هذا لا يعني أن عملية مكافحة التهريب يمكن أن تمنع حصول ذلك مائة في المائة وهذا يعود إلى طبيعة الحدود حيث تتداخل المناطق اللبنانية بالمناطق السورية المجاورة وحيث تسمح طبيعة الأرض بسهولة العبور في أماكن معينة، كما أن هناك تقاربا واختلاطا اجتماعيا بين السكان والعائلات”.
وكشف، ردًا على سؤال بشأن أن يشهد لبنان خلال عمليات إعادة النازحين السوريين أي اضطرابات أمنية نتيجة هذه العودة، أنّ “عودة النازحين السوريين من لبنان إلى سوريا لم تشهد زخما كافيا ومسارا واسعا بعد، غير أن هذه العملية شهدت محطات متفرقة، وعدد الذين عادوا إلى بلادهم لا يتعدى الآلاف في الوقت الذي يستضيف لبنان حوالى مليوني نازح سوري، أما عمليات العودة الطوعية هذه فهي تحصل بتنسيق كامل وتعاون بين الدولتين عبر الأجهزة المعنية في كل منهما”.
وشدد سليم، ردًا على سؤال بشأن حدوث انفلات أمني واقتتال داخلي قد يحدث بين الفرقاء السياسيين في ظل التناحر السياسي، على أنّه “لا خوف إطلاقا من احتمال حصول ذلك، لأن الدور الأمني الذي يقوم به الجيش والقوى الأمنية يضمن السيطرة على أي خلل أمني قد يحصل في أي منطقة من بلدنا، كما أنه ليس في لبنان أي صراع سياسي يقود إلى صدام أمني ولا توجد عند القوى السياسية أي نوايا أو اتجاهات للاحتكام إلى الوسائل العنفية”.
ورأى أن “كل ما يحصل على الساحة السياسية يبقى ضمن الأطر الديمقراطية خصوصا أن جميع الفرقاء السياسيين يُجمعون على التوصل إلى حلول للواقع الحالي تصب في مصلحة خدمة الوطن وإخراجه من دوامة الأزمة الكبرى التي يجتازها وبصورة أدق الأزمة الاجتماعية غير المسبوقة التي يعاني منها كل الشعب اللبناني ويأمل الجميع بتخطيها عبر تضافر الجهود الوطنية لتحقيق ذلك”.
وذكر سليم أنّ “بطبيعة النظام السياسي اللبناني وما درجت عليه المؤسسة العسكرية في لبنان من عقيدة وممارسة، فهي لا تتدخل في العملية السياسية بل تقوم، إلى جانب دورها الدفاعي، بحفظ الأمن والاستقرار في الداخل وتترك العملية السياسية لأصحاب الشأن وهمها دائما سلامة المجتمع والمحافظة على الانتظام العام”.
واعتبر أنّ “الوضع الاقتصادي غير المسبوق ارخى بثقله وتداعياته العميقة على وضع المؤسسة العسكرية وباقي القوى الأمنية نتيجة انهيار قيمة العملة الوطنية وتداعياتها على المؤسسات والأفراد على حد سواء، إلا أن الإجراءات المتعددة التي تم اتخاذها لتدارك تلك الانعكاسات على أداء المؤسسة العسكرية أدت إلى استمرارها في القيام بمهامتها الأمنية، كما لأن القناعات الوطنية الراسخة لدى العسكريين جعلتهم يتعالون دائما على الجراح ويضحون كعادتهم في سبيل حفظ الوطن وصون أمنه واستقراره بصرف النظر عن معاناتهم الاجتماعية”.
وأعلن سليم، تعليقًا على وجود أي مساعدات أو مساهمات دولية وعربية لدعم المؤسسة العسكرية اللبنانية، أنّ “محبة الأصدقاء والأشقاء لبلدنا ومع دخول لبنان في الأزمة التي ما زال يعاني منها، دفعت بالعديد منهم لمد يد المساعدة عبر تقديم الدعم المالي والعيني للمجتمع اللبناني وللمؤسسات العسكرية في الأسلاك كافة، وقد ساهم ذلك في المساعدة على التخفيف من تداعيات الأزمة على هذه القوى والمحافظة على الحد المطلوب من الإمكانات للاستمرار بأداء الدور المطلوب”.
ورأى في ما يخص اتفاق الحدود البحرية الجنوبية، وإن كان يرى أن لبنان قدم أي تنازلات تشكل تهديدا أمنيًا له في هذا الإطار، أنّ “لبنان بدأ بخطوات ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة على حدوده الجنوبية منذ أكثر من عقد وقد اعتمد في ذلك على حقوقه التي يقرها القانون الدولي بهذا الشأن. وفي المرحلة الأخيرة لإنجاز هذا الأمر، والذي حصل بوساطة أميركية، كان لبنان مُجمِعا على التمسك بحقوقه إلى أن تحقق له ذلك بموجب الاتفاق الذي تم”.
واعتبر سليم، أنّه “لا يمكن أن يشكل حصول لبنان على حقوقه في تلك المنطقة أي تهديد أمني له، وهو بذلك يكون قد دخل إلى مرحلة جديدة تتيح له استثمار ثرواته الوطنية دون أي انتقاص، وهذا سيفتح المجال لاستعادة عافيته الاقتصادية وبناء قدراته من جديد لخير شعبه الذي ما كان يوما إلا شعبا يطمح إلى التقدم وتطوير مستقبل أجياله ليعود إلى سابق عهده بين الأمم”.
وأوضح، بشأن تواجد قوات “اليونيفيل”، أنّه “مضى على وجود قوات اليونيفيل في لبنان اكثر من أربعة عقود وهي تقوم بدورها بالتعاون مع وحدات الجيش اللبناني المنتشرة على حدودنا الجنوبية بتنسيق كامل، ما ساهم إلى حد بعيد باستتباب الأمن والاستقرار وارتياح الناس إلى وجودها”.
وذكر سليم، أن “بلدنا يقدر عاليا جهود وتضحيات هذه القوى التي تساهم فيها دول عديدة تحت علم الأمم المتحدة، لقد نشأت على امتداد سنوات وجود هذه القوى في جنوب لبنان علاقات تعاون وثقة بينها وبين السكان وهي تقدم لهم خدمات انسانية متعددة هي محل تقدير على المستويين الرسمي والشعبي”.
وشدد، بشأن الخروقات الأمنية الإسرائيلية على لبنان، على أنّ “لبنان يلتزم بالقرارات الدولية التي تفرض عدم حصول أي اعتداءات على جانبي حدودنا الجنوبية في حين تتكرر الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا على مرأى ومسمع المجتمع الدولي. ويقوم لبنان بإبلاغ الأمم المتحدة تباعا وتكرارا بهذه الخروقات كما تقوم بذلك قيادة قوات اليونيفيل أيضا”.
وأكّد، تعليقًا على التعاون الأمني والعسكري بين لبنان وروسيا، أنّ “علاقة الصداقة بين لبنان وروسيا تمتد عميقا لعقود طويلة وقد سادها دائما جو من التعاون في مجالات مختلفة. وقد وقفت روسيا دائما إلى جانب لبنان في محطات عديدة، كما قدمت المساعدات إلى بلدنا خلال الأزمات أو الأحداث المؤلمة التي تعرض لها. وقد شهدت العلاقة تواصلا في مناسبات عسكرية وأمنية على أكثر من مستوى ويبقى لبنان منفتحا على مزيد من التعاون في كل الأوقات”.