بدأت آسيا بتفعيل الزخم، وبدأت العمل لإطلاق الآليات الدولية التي كان قد تم تأسيسها وتنظيمها لما يقرب من 30 عامًا، لتحويلها إلى هيكل متحد بوضوح واستقرار وثبات، نظرا لأن الوضع العالمي حاليا اضحى في أمس الحاجة لذلك، وتصب هذه الاجتماعات في مجالات عدة.
ولفتت وسائل اعلام كازاخية الى ان نقطة انطلاق العمل كانت من الدولة السوفياتية السابقة، الدولة الطموحة الحديثة جمهورية كازاخستان التي برزت كاحدى اهم الدول الاقتصادية والسياسية، وقد غدت منصة رئيسية للتفاوض، وبمناسبة الذكرى الثلاثين للقمة السادسة لمؤتمر التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا “سيكا” (CICA) استقبلت العاصمة الكازاخية 11 رئيس دولة و12 ممثلا عن حكومات دول أخرى. ولم يكن اختيار الموقع مجرد صدفة، فالمقر الرئيسي لـ “CICA” – سيكا- موجود في العاصمة أستانا منذ العام 2014.
وتجدر الإشارة الى أن كازاخستان تلتزم باستمرار سياسة الحياد الشديد، وليس لديها اية تناقضات سياسية أو اقتصادية أو إقليمية مع الدول المشاركة، مما يمكنها استقبال ممثلين عن دول بين بعضها ازمات: كالهند وباكستان، طاجيكستان وقيرغيزستان، أذربيجان وأرمينيا.
وكان رئيس جمهورية كازاخستان قاسم جومارت توكاييف قد استقبل أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني الذي تلقى منه دعوة للمشاركة في المونديال. وتبارى مع الزعيم التركي رجب طيب أردوغان في كرة الطاولة، كما انه سيلبي دعوة لزيارة سنغافورة وجهتها له رئيسة الدولة حليمة يعقوب، ونقلها له رئيس الوزراء السنغافوري محمد المالكي بن عثمان.
وعلى هامش القمة، ناقش توكاييف وأردوغان قضايا السياسة الخارجية والاستثمار والتجارة والتعاون الاقتصادي واللوجستي والصناعة العسكرية والطاقة والزراعة، كما تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات، ولم يخفي الطرفان حقيقة أن هدفهما المشترك هو رفع حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 10 مليارات دولار. وكل هذه الاحتمالات الآن متاحة للتنفيذ وقابلة للتحقيق.
وذكرت بان “ما تم لحظه وتدوينه في نهاية الاجتماع: بأن بلداننا مهتمة بزيادة حجم حركة المرور على طول طريق النقل الدولي عبر قزوين، فلهذا المشروع الاستراتيجي أهمية كبيرة في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، وبلداننا تطمح لأن تكون “وحدتنا وتعاوننا أبديين”.
وعلى هامش القمة أيضًا، أجرى قاسم جومارت توكاييف محادثة مع نائب رئيس فيتنام فو ثي آنه شوان ونائب رئيس جمهورية الصين الشعبية وانغ تسي شان ومسؤولين آخرين. كما عقد اجتماعا ثلاثيا لرؤساء قيرغيزستان صدير جاباروف وروسيا فلاديمير بوتين وطاجيكستان إمام علي رحمان.
وخلال مراسم وفعاليات “سيكا CICA”، اوضح قاسم جومارت توكاييف بأن القرن الحادي والعشرين سيكون قرن وعصر آسيا وهذا الموضوع اضحى حقيقة وواقعا ملموسا، وأصبحت آسيا رائدة اقتصادية عالمية معترف بها من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي وتعادل القوة الشرائية. ولفت الى ان “المنطقة لديها موارد بشرية وطبيعية كبيرة، وهي تحتل المرتبة الـ 21 من أكبر 30 مدينة في العالم في آسيا. و30 تريليون دولار في نمو استهلاك الطبقة المتوسطة بحلول عام 2030، ومن المتوقع أن يأتي تريليون دولار فقط من الاقتصادات الغربية”.
واكد توكاييف بانه “لكي تتحول آسيا من مجموعة متباينة من اللاعبين الإقليميين إلى قوة اقتصادية وسياسية حقيقية على نطاق عالمي، هناك حاجة إلى شيء واحد فقط وهي الوحدة. وأكد أن مستقبل آسيا نفسها يعتمد على استعدادنا الجماعي لتعزيز الحوار بين الثقافات والتقاليد ووجهات النظر العالمية. لهذا، اقترحت أستانا أيضًا عددًا من الإجراءات الفعالة، وقبل كل شيء إنشاء مجلس “CICA” تحقيقا للترابط المستدام.
واوضح بان “هذا التدبير سيؤدي إلى سد الفجوات التي نشأت مؤخرًا في ممرات النقل والمواصلات اللوجستية وإنشاء نظام توريد سلع فعال”، كما ذكر بأن “الطرق المريحة والميسورة التكلفة لنقل البضائع هي عامل مهم في النمو المستدام لاقتصاداتنا”.
واقترح الزعيم الكازاخستاني تحويل قمة “CICA” المالية، التي بدأتها جمهورية الصين الشعبية، إلى منصة دائمة. فإنشاء آلية عمل فعلية لضمان الأمن الغذائي في منطقة “CICA”، وقد اضحت الآن حاجة يفتقر إليها العالم. وفي الواقع، ستصبح “الممرات الخضراء” بين الدول الأعضاء في CICA لفئة السلع الغذائية.
ولفت توكاييف إلى ان “آسيا تنتج ثلثي المنتجات الزراعية في العالم، لكنها لا تزال معرضة للخطر في هذه المنطقة. اضافة إلى القضايا الاقتصادية المهمة والتي تتطلب حلًا”.
واعتبر بإن الإجراءات الاقتصادية لا يمكن اعتبارها فعالة إلا إذا كانت تركز على البعد البشري والحفاظ على الموارد البشرية وتنميتها. وكانت النتيجة المنطقية للقمة قرارًا مشتركًا يحدد المسار الإضافي لتطور الجمعية. وتهدف النقطة الأولى إلى تحويل سيكا CICA من هيئة استشارية إلى منظمة دولية إقليمية كاملة.
وشدد توكاييف على ان المنظمة ستساهم في ضمان النمو الاقتصادي الديناميكي والمتساوي والشامل والمتوازن والترابط والتنمية الاجتماعية والثقافية للدول الأعضاء، كما ينص القرار. وسنعمل على زيادة العمل الجماعي داخل المنظمة من أجل إيجاد حلول مشتركة لمشاكل القرن الحادي والعشرين لضمان أمن وازدهار المنطقة، والتسوية السلمية للنزاعات وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.
واوضح بان “سيسكا” بحلتها الجديدة تنوي التعاون على مستوى المنفعة المتبادلة، سواء بين الدول المشاركة ومع الدول والمنظمات والمنتديات الأخرى. ومن الممكن ان تتحول تدريجياً إلى اتحاد دولي إقليمي فعال. وربما في المستقبل البعيد، يملك الفرصة ليصبح اتحادًا آسيويًا، على غرار الاتحاد الأوروبي.
واعتبر بانه على الرغم من تباين المصالح والخلافات السياسية والإقليمية، فإن الدول المشاركة تنتقل تدريجياً من الأقوال والخطب إلى الأفعال الحقيقية التي يمكن أن يكون لها تأثير جدي على الوضع العالمي. وكانت كازاخستان هي التي بادرت بهذه العملية في كثير من النواحي، والتي تتمتع بخبرة ثرية في الاندماج. وأريد أن أؤكد أننا لا ننشئ منظمة جديدة، لكننا ننتقل إلى مرحلة جديدة من التطوير المؤسسي. وهذا التطور سيعزز مكانة الاجتماع والدور المتزايد لآسيا في الشؤون العالمية ويرفع تفاعل الدول الأعضاء إلى مستوى جديد.
بدوره، أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن دعمه لـ “المسار الآسيوي”. ولفت الى انه “مثل العديد من شركائنا في آسيا، نعتقد أنه من الضروري الشروع في مراجعة مبادئ عمل النظام المالي العالمي، فلعقود من الزمن هناك من سمح بإعلان نفسه بما يسمى بـ “المليار الذهبي”، وأغلق على نفسه كل تدفقات رأس المال والتكنولوجيا، ليعيش إلى حد كبير على حساب الآخرين”.