تمنّى وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل خلال جلسة مناقشة موازنة ٢٠٢٢ على النواب “بت المواد التصحيحيةوالإصلاحية، لإقرار الموازنة التي من شأنها تحسين أوضاع لبنان الاقتصادية وإعادة العلاقات لطبيعتها مع صندوق النقد الدولي”، مشيراًإلى أن “نسب التضخم فاقت الـ100 في المئة ونعاني من ركود اقتصادي لأكثر من 4 أعوام وعلى هذا الأساس أتت هذه الموازنة”.
واعتبر أن “إقرار مشروع الموازنة يهدُف الى إعادة إرساء أُسُس العمل المؤسساتي وسلامة المالية العامة وضمانتِهما، كما وهو اليوم أيضاًمن أبرز الشروط المُسْبَقَة للإتفاق مع صندوق النقد الدولي، والأهم أن إقرار مشروع الموازنة يساهِم في تعزيزِ ثقةِ المواطن والمجتمع الدوليفي عزيمة الدولة بالبدء بالإصلاحات المَرجوَّة والنهوض بالإقتصاد بهدف البدء في الخروج من الأزمة”.
في السياق، قال الخليل إنّ “استيفاء الرسوم والضرائب على أسعار صرف تَتَقارَب مِن مِنصّة صيرفة هو الخيار الوحيد المرجو، لأن اعتمادأسعار صرفٍ ما دون ذلك لتحصيل الواردات، في حين أن الخزينة غالباً ما تُنفِق على أسعار صرف صيرفة وما فوق، تؤدّي الى فجوة فيالتمويل مما يُشَكِّل ضغوطات مُتفاقِمة على الوضع النقدي ومن ثُمَّ على الأوضاع المعيشّية في البلاد. على سبيلِ المِثال، فإن الدولة تُنفِق اليومعلى أسعار صرفِ صيرفة وأسعار صرف السوق بالنسبة للإشتراكات والمساهمات في المنظمات الدولية وتسديد خدمة الدين العام فيالعُملات الأجنبية بالنسبة للقروض المُيَّسرة كما لتغطيةِ شِراء المحروقات وغيرِها من المواد والمستلزمات التشغيلية، بينما لا تزال تُحَصَّلالإيرادات على سِعر صرف 1500 ليرة لبنانية”.
وأشار إلى أن “توحيد سعر الصرف يُساهم في الحَدّ من اللامساواة الإجتماعية الناتجة عن تعدُدِيّة أسعار الصرف وعن إغتِناء شريحة منالمجتمع على حساب غيرها، فتأتي السياسات التصحيحية الضريبية للحَدّ من التهرُّب وتعزيز الإلتزام الضريبي وإعادة توزيع الدَّخل منالشرائح المُستفيدة من الوضع الحالي نحوَ الشرائح المُهمّشة، ما يُؤمّن التوازُن والعدالة الإجتماعية، رَكيزة الأَمان الاجتماعي”.
على صعيد آخر، كشف الوزير خلال مداخلة له في الجلسة أنّه اقتُرح “تخفيض سقف الإنفاق في مشروع موازنة 2022 من 47,328 مليارليرة لبنانيّة إلى 37,859 مليار ليرة، وذلك بغية ضبط عجز الموازنة وحرصاً على الاستقرار المالي والنقدي”، مضيفاً “فقد أصبح عجز الموازنةالمرتقب نحو 13500 مليار ليرة أي ما يوازي 36 في المئة من مجمل الإنفاق”.
ولفت إلى أنّ “الواردات التي كانت مرتقبة في مشروع الموازنة للعام 2022 لن تحصل بالكامل نظراً لعدم تفعيل الإجراءات التصحيحيةالمرجوة في مواد الموازنة، وبما أن سعر الصرف المعتمد لإستيفاء الرسوم والضرائب في مشروع الموازنة (20.000 ل.ل. للدولار الأميركي) كان المحور الأساسيّ في تقدير إيرادات الموازنة عند إعدادها، أتى تعديل الإيرادات المرتقبة بعدما تعذر التوافق على السعر المقترح، آخذاًبعين الاعتبار تطبيق السياسات التصحيحية خلال الأشهر الأخيرة فقط من العام وفق سعر صرف مقترح يقل عن سعر الصرف المعتمد فيمشروع الموازنة. مع التأكيد أن اعتماد سعر صرف 20.000 ل.ل. كان ليخفض العجز المرتقب أقله 27 في المئة مقارنة مع اعتماد سعرالصرف المطالب بإعتماده”.
وذكر الخليل أنّ مشروع الموازنة سينسجم مع خطة التعافي الإقتصادي التي تبنتها الحكومة في شهر أيار 2022، والذي ستركّز على نقاطمعيّنة وأهمها:
1 – توحيد سعر الصرف: الذي يهدف الى تصحيح الخلل المالي، تفعيل الإلتزام الضريبي، تعزيز الواردات، إستقرار الوضع النقدي، وضمانالعدالة الإجتماعية.
2 – إجراءات إصلاحية: منها إعتماد السياسات الضريبية العادلة والتي تهدف الى تعزيز الإيرادات على المدى المتوسط دون تحميل أعباءإضافية على ذوي الدخل المحدود، وعلى البحث عن موارد جديدة غير مستغلة لتاريخه، كما تعمل على وضع إجراءات لتفعيل الجباية وتمكينالإدارة الضريبية.
3 -تصحيح الأجور: الذي يعتبر من أهم أولويات الإصلاحات المرجوة في المرحلة المقبلة، حيث تراجح الإنفاق على الرواتب والأجور من 12 في المئة من الناتج المحلي قبل الأزمة الى 5 في المئة في العام 2021، ولكن، من الجدير ذكره أنه ورغم الحاجة الملحة لتعويض القدرةالشرائية وتفعيل الإنتاجية لتأمين الخدمات العامة للمواطنين كافة، إلّا أن أي تصحيح للأجور يجب أن يترافق مع خطة إصلاحية كاملةمتكاملة على المدى المتوسط الأمد، تتطلب مسحاً شاملاً للوظائف في القطاع العام بأسلاكه كافة، وإعادة النظر بأسس التوظيف والتقاعدوالتعويضات.
وشدّد على أنّ “الهدف الأساسي من الموازنة اليوم تقليص مستويات العجز بهدف إحتواء الحاجات التمويليّة وتخفيض نسب الدين العاملسلامة الوضع الماليّ والنقديّ، فإقرارها يهدف إلى إعادة إرساء أسس العمل المؤسّساتي وسلامة الماليّة العامة وضمانتهما، وهو من أبرزالشروط المسبقة للإتفاق مع صندوق النقد الدولي، والأهم أن إقرار مشروع الموازنة يساهم في تعزيز ثقة المواطن والمجتمع الدوليّ في عزيمةالدولة بالبدء بالإصلاحات المرجوة والنهوض بالاقتصاد بهدف البدء في الخروج من الأزمة”.