يزور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قصر بعبدا اليوم من دون أن يكون واضحاً ما إذا كان يحمل جديداً يسمح بتحقيق تقدم في ملف تأليف الحكومة. وفيما قالت أوساط قريبة من بعبدا إنها تنتظر ما سيحمله ميقاتي، أكّدت مصادر سياسية أن الزيارة تأتي في إطار استطلاع موقف الرئيس ميشال عون بشأن الاقتراح الذي حمله ميقاتي سابقاً إليه.
وأملت الأوساط عبر “الاخبار” في أن يتوقف رئيس الحكومة عن محاولات “الحصول على كتلة وزارية على ظهر من لا يريدون المشاركة في الحكومة، كمطالبته بتغيير وزير المهجرين عصام شرف الدين رغم أن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي أكد أنه لا يريد المشاركة في الحكومة والحصول على الحصة الدرزية كاملة”.
غير أن تكرار الزيارات، بحسب المصادر نفسها، يشير إلى أن رئيس الحكومة “استحقها على ما يبدو”، بعدما أدرك أنه قد يكون سبب فوضى دستورية لا يستبعد أن تصل إلى الشارع، في ظل انهيار اقتصادي، ما لن يسمح له بأن يحكم بحكومة تصريف أعمال في ظل الفراغ الرئاسي.
وفي هذا السياق، أكّدت مصادر رفيعة في التيار الوطني الحر لـ “الاخبار”، “أننا لن نقبل بأي شكل ببقاء حكومة تصريف الأعمال في حال وصلنا إلى الشغور الرئاسي”، و”لن نقبل بمشروع” الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي استناداً إلى “فتاوى دستورية ملتبسة”.
وشدّدت المصادر على أن “الخيارات مفتوحة أمامنا، وفي مقدمها الخيار الذي لا نريده ولا يريده الرئيس عون، وهو بقاؤه في القصر الجمهوري” في حال لم يتمكّن ميقاتي من تأليف حكومته قبل ذلك. أما “الالتباس الدستوري الذي قد يأخذه الآخرون على مثل هذا الخيار وعلى خيارات أخرى، فلا يقل التباساً عن ذاك الذي يشوب وراثة حكومة تصريف الأعمال لصلاحيات رئيس الجمهورية”.
وأكّدت الأوساط أن مثل هذا التوجّه “يجد أصداء مؤيدة في كثير من الأوساط المسيحية الرافضة لقضم صلاحيات الموقع المسيحي الأول، ومن ضمنها بكركي بالتأكيد”.
حكومة عسكرية
وأكّدت مصادر قريبة من التيار عبر “الاخبار” بأنه في حال قرّر الفريق الآخر مخالفة الدستور من خلال منح حكومة تصريف الأعمال صلاحيات القيام بمقام رئيس الجمهورية، فإن الرئيس عون قادر على أمرين، الأول هو إسقاط التكليف الذي حصل عليه ميقاتي ودعوة المجلس النيابي إلى استشارات جديدة يتم بموجبها اختيار رئيس آخر للحكومة يمكنه تأليفها سريعاً، رغم أن هذا الخيار يحتاج إلى شريك سني وقد يثير أزمة مع الطائفة السنية. كما أن هناك خيار أن يحذو الرئيس حذو الرئيس أمين الجميل الذي شكّل في الدقائق الأخيرة من عهده في 22 أيلول عام 1988 حكومة عسكرية سلّمها صلاحيات الرئاسة في ظل وجود حكومة مستقيلة كان يرأسها الرئيس سليم الحص بالوكالة، من دون أن يعني ذلك أن عون ملزم بأن تكون حكومة كهذه عسكرية.
مهلة الـ 60 يوماً
وقال مرجع كبير لـ”الجمهورية” ان الحكومة اذا لم تؤلّف هذا الاسبوع فإنه سيتعذر نهائياً تأليفها بعده لأنّ البلاد ستدخل الاسبوع المقبل في مهلة الـ 60 يوماً الدستورية لانتخاب رئيس جمهورية جديد، وتبقى البلاد في ظل حكومة تصريف الاعمال.
لا اعتذار
ولفتت هذه المصادر عبر “الجمهورية” الى احتمال ان يتحوّل اللقاء مناسبة “متفجرة” بدلاً من ان يكون مقدمة لحلحلة حكومية، وخصوصاً اذا فاتحَ رئيس الجمهورية الرئيس المكلف بموضوع سحب تكليفه ودعوته الى الاعتذار عن المهمة ليجري استشارات جديدة بأسرع وقت ممكن إن كان غير قادر على تشكيل الحكومة الجديدة متسلحاً بموقف “حزب الله”، الذي يريد حكومة بكل مواصفاتها الدستورية منعاً لأي جدل يعوق عملية تسلّمها سلطات رئيس الجمهورية إن تعذر انتخاب الرئيس العتيد.
لكن مصادر وزارية اكدت لـ”الجمهورية” في هذا السياق انه لا يمكن لرئيس الجمهورية او اي جهة أخرى سحب التكليف من الرئيس المكلف او الطلب منه ان يعتذر عن هذا التكليف ما لم يُبادر هو الاخير من تلقاء نفسه الى الاعتذار عن التأليف، وهذا الاعتذار غير وارد الآن ولم يرد قبلاً لدى ميقاتي لأنّ الرجل يدرك خطورة هذا الامر على البلاد في ظل الانهيار الذي اصابها على كل المستويات. علماً ان الدستور لا يُلزم الرئيس المكلف بأي مهلة لتأليف الحكومة حتى اذا انتهت يصبح التكليف ملغى دستورياً.
دفع فرنسي
وتتحدث مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية عن تفاؤلها بإمكانية الاتفاق على تأليف الحكومة، “إذا لم يحصل ما لم يكن في الحسبان”، عازية السبب إلى دفع خارجي وتحديداً فرنسي، وداخلي من قِبل حزب الله للضغط باتجاه التأليف قبل الدخول في المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية. وتوضح المصادر لـ”الشرق الأوسط”، “أنه من المتوقع أن يزور ميقاتي اليوم رئيس الجمهورية لاستكمال البحث بالتشكيلة الوزارية”، مشيرة إلى “تقدم خيار تبديل وزيرين، هما وزير الاقتصاد أمين سلام والشؤون الاجتماعية عصام شرف الدين، مع إضافة ستة وزراء مقربين من الأفرقاء السياسيين إنما غير حزبيين، بعد المرونة التي أبداها ميقاتي في هذا الإطار؛ وذلك لتأمين غطاء سياسي للحكومة وقراراتها في حال دخل لبنان مرحلة الفراغ الرئاسي، حيث سيتولى حينها مجلس الوزراء مجتمعاً صلاحيات رئاسة الجمهورية وفق ما ينص عليه الدستور”.
وقال مصدر وزاري لـ”الشرق الأوسط”، إن ميقاتي في محاولة منه لتسهيل عملية التأليف، كان قد طرح استبدال وزير الاقتصاد بشخصيّة تمثّل عكّار، واقترح على الرئيس عون أن يطلب من النائب محمد يحيى تقديم ثلاثة أسماء لاختيار واحد منهم بعد التوافق عليه من الطرفين لتوزيره، لكن هذا الطرح لاقى رفض باسيل الذي اعتبر أن يحيي عضو في التكتل، لكنه لا يمثل التيار وموقفه السياسي.