عملياً، بات الجميع يتصرّفون على أساس أن لا حكومة سيشكّلها نجيب ميقاتي قبل نهاية العهد. الاتصالات في هذا الشأن متوقفة تماماً، باستثناء “عروضات” لملء الوقت يقدّمها الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية ميشال عون، من بينها إبداؤه الاستعداد لأي صيغة يُتفق عليها، إما بتعويم الحكومة الحالية أو بإجراء تعديل وزاري أو بتشكيلة جديدة، وهو ما رأت فيه مصادر مطلعة “رمياً للطابة في ملعب رئاسة الجمهورية وتقطيعاً للوقت” في انتظار دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية مطلع أيلول المقبل على الأرجح. لذلك، فإن الجميع تجاوز اليوم موضوع تشكيل الحكومة إلى البحث في الاستحقاق الرئاسي.
ورغم محاولات إيجاد فتاوى دستورية تتيح لحكومة تصريف الأعمال الحالية تغطية أي فراغ رئاسي، إلا أن مصادر مطلعة ذكّرت بتأكيد رئيس الجمهورية لـ”الأخبار” في 21 حزيران الماضي أن “انتخابات الرئاسة ستجرى في موعدها، ولن يكون هناك فراغ دستوري”. وإذ أشارت الى أن كلام عون “يستند إلى معطيات، وأنه حدّد تاريخ انتخاب الرئيس المقبل بين 31 آب و21 تشرين الأول”، لفتت إلى أن “هناك اهتماماً أوروبياً، وخصوصاً فرنسياً، بإجراء انتخابات الرئاسة في موعدها يشبه تماماً الحرص الأوروبي والفرنسي على إجراء الانتخابات النيابية الأخيرة في موعدها، وهو ما جرى فعلاً رغم كل التشكيك الذي سبقها”.
المصادر نفسها أكّدت أن “ستاتيكو” اللاحرب واللاسلم في الإقليم، مع تأخر التفاهمات الإقليمية والدولية، سواء السعودية – الإيرانية أو الإيرانية الأميركية، قد توفر فرصة للبنانيين لكي “يزمطوا” بانتخاب رئيس في الوقت الضائع، وخصوصاً أن لا أحد من الأفرقاء قادر على أن يأخذ بصدره تعطيل نصاب جلسة انتخاب الرئيس في ظلّ تفاقم الأزمة المالية والمعيشية.
حظوظ جعجع معدومة
وفيما تكاد حظوظ وصول سمير جعجع إلى المنصب معدومة، فإن المرشحَين الأبرز حتى الآن هما الوزير السابق سليمان فرنجية والنائب جبران باسيل، علماً بأن المصالحة التي أجرتها حارة حريك بين الرجلين قبل الانتخابات النيابية الأخيرة وتبادلهما العلني لرسائل “الغزل” بعدها، ترجّح إمكانية التوصل إلى اتفاق بينهما على كيفية خوض الاستحقاق.
وبحسب المصادر، فإن “إجراء الانتخابات النيابية وفق الظروف القائمة في لبنان اليوم يسمح بالقول براحة تامة إن فرنجية قادر على الوصول إلى بعبدا بعد تفاهمات على المرحلة التي تلي الانتخابات مع باسيل”. إذ إن زعيم تيار المردة “يحظى داخلياً بدعم مروحة واسعة من الأطراف تضم الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي”، و”لا يواجه اعتراضات أوروبية أو خليجية كتلك التي يواجهها رئيس التيار الوطني الحر”، مشيرة إلى زيارتَيه لباريس وموسكو في آذار الماضي وما أشيع يومها عن لقائه مسؤولين فرنسيين بعيداً عن الإعلام، فيما توافرت لـ”الأخبار” معلومات عن زيارة له لباريس الأسبوع الماضي على هامش رحلة استجمام أوروبية يقوم بها حالياً ولقائه مسؤولين فرنسيين، وهو ما نفته مصادر فرنجية تماماً.
عون باق حتى اخر لحظة
واوضحت “الاخبار” بانه خلافاً لما يتم ترويجه عن سعي رئيس الجمهورية ميشال عون إلى تمديد مكوثه في قصر بعبدا حتى بعد انتهاء ولايته، أكّد عون لسفراء غربيين أنه سيغادر القصر منتصف ليل 31 تشرين الأول من دون أي تأخير وأياً تكن الظروف. وقالت مصادر مقربة من رئيس الجمهورية إنه سيخرج من بعبدا ليتابع عمله السياسي إلى جانب التيار الوطني الحر.
لا اجتماع قبل عيد الاضحى
وعلى الصعيد الحكومي، قالت مصادر عليمة من دائرتي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة لـ”الجمهورية” انه لا يبدو انه سيكون هناك اجتماع بينهما قبل عطلة عيد الاضحى التي تشكل امتداداً لعطلة نهاية الأسبوع الحالي، وتستمر حتى يوم الاربعاء المقبل لتعود الحركة الى الدوائر الرسمية.
ولفتت المصادر الى انه والى جانب الخلاف الذي ما زال مُستحكماً حول الصيغة التي اقترحها الرئيس المكلف بعد استشاراته النيابية غير الملزمة كما بالنسبة الى ملاحظات رئيس الجمهورية عليها بحيث لم يلتقيا عند اي اقتراح، سواء لجهة شكل الحكومة او حجم المداورة المقترحة في بعض الحقائب الوزارية كما اقترحها الرئيس المكلف، وهو ما قاد إلى الاعتقاد انّ اياً منهما لن يستطيع تشكيل الحكومة البديلة من حكومة تصريف الأعمال ذات التوازنات المقبولة لدى جميع الاطراف وليس مهماً ان كانت بكل مواصفاتها الدستورية او انها حكومة تصريف اعمال منقوصة الصلاحيات الى أضيق المجالات المتاحة.
إستقالات
الى ذلك أكد مصدر سياسي مطلع لـ”الجمهورية” انّ “احتمال استقالة الوزراء القريبين من رئيس الجمهورية و”التيار الوطني الحر” هو احتمال وارد اذا استمر التأخير في تشكيل الحكومة الجديدة”. وأشار الى انه “حتى لو انّ الحكومة هي راهناً في موضع تصريف الأعمال فإنّ استقالة الوزراء المسيحيين ممكنة من حيث المبدأ”، موضحاً “ان اي خيار اضطراري من هذا النوع إنما يرمي، اذا تمّ اعتماده، الى الضغط على المعنيين للتعجيل في تشكيل الحكومة لأن ليس مقبولاً الاستمرار في تصريف الأعمال حتى نهاية ولاية الرئيس ميشال عون وبالتالي تعطيل أشهرها الأخيرة”.
وأكد المصدر “ان عون و”التيار الوطني الحر” يريدان ولادة حكومة أصيلة ومكتملة المواصفات ولا مصلحة لهما في عرقلة ولادتها، لأنه يهمهما ان ينتهي العهد بتحقيق إنجازات على مستوى الملفات الحيوية”.
البازار السياسي
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة عبر “اللواء” أن كل ما يقال في الملف الحكومي يندرج في خانة البازار السياسي وهذا ما ينطبق على الكلام عن اعتذار ميقاتي أو محاصرته من قبل رئيس الجمهورية، وأشارت إلى أن مسألة التشكيل يجب أن تترك لهما وبمعنى آخر أن تناط بهما فقط من دون دخول اي طرف ثالث، ولفتت إلى أن ما من تفاصيل جديدة باستثناء ما جرى في اللقاء الأخير بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف عن اقتراحات رئيس الجمهورية بشأن توسعة الحكومة والصبغة السياسية والحصص الوزارية والتوزيع الطائفي.
علي درويش
ورأى النائب السابق علي درويش عبر “اللواء” أن ملف تأليف الحكومة يجب أن يترك لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف أي ان يحصر بهما لأنهما اثبتا بالتجربة قدرتهما على التعاون في الكثير من الملفات. وشدد على أن ميقاتي جاد في طرحه كما في الاستعجال في تأليف الحكومة، متحدثا عن أهمية الإقلاع عن بث تكهنات معينة.
وأشار إلى أن المسودة التي قدمها رئيس الحكومة المكلف تشكل نواة يمكن العمل عليها أو متابعة البحث فيها. ورأى أن المطلوب عدم الدخول في بازارات.