أعلن المدير العام للامن العام، اللواء عباس ابراهيم في حديث الى مجلة “الامن العام”، أن زيارته الى الولايات المتحدة “جاءت بناء لدعوة تقليتها من السلطات الاميركية، وتحديدا من مستشارية الامن القومي، وانطلاقا من موقعي كمدير عام للامن العام اللبناني، اجريت محادثات مع كبار المسؤولين الاميركيين في واشنطن”.
ولفت إلى أنه “تم البحث في استئناف المفاوضات مع الشقيقة سوريا، في شأن معرفة مصير المفقودين الاميركيين، بمن فيهم اوستن تايس، حيث التقيت كبار مسؤولي البيت الابيض ووزارة الخارجية والمخابرات، وهي الزيارة الاولى لي منذ ان تولى الرئيس جو بايدن منصبه في كانون الثاني 2021. ان المسؤولين الاميركيين يريدون مني استئناف جهودي لحل هذه المشكلة، ويريدون عودة ناسهم، هذا ما يهدفون اليه”.
وذكر، ردًا على سؤال “ما ابرز اللقاءات التي عقدتموها في واشنطن”، “انني التقيت في خلال زيارتي منسق الشرق الاوسط وافريقيا في البيت الابيض وكبار المسؤولين في وزارة الخارجية والامن والاستخبارات. كما استضافتني منظمة Hostage Aid Worldwide، وهي منظمة تعنى بالبحث عن مصير المفقودين الاميركيين”.
وأوضح إبراهيم، بشأن اهم المواضيع التي تم بحثها مع المسؤولين الاميركيين الذين عقدت معهم لقاءات متتالية، أنّ “اطلاق سراح الصحافي المستقل والسابق في مشاة البحرية الذي فقد في اثناء تغطيته الحرب في سوريا في عام 2012 تايس، كان على رأس المواضيع التي بحثت في خلال المحادثات. ناقشنا ملفه وباقي المفقودين في سوريا، وتم الاتفاق على انه يجب احراز تقدّم، لكن علينا ان نرى اولا كيف يمكننا سد الفجوة، وكيفية تقريب وجهات النظر بين واشنطن ودمشق”.
وأجاب، ردًا على سؤال “ما هو التقدم الذي حققتموه في زيارتكم الى واشنطن على هذا الصعيد”، أنّ “ابرز ما تم تحقيقه هو ان هناك احتمالا قويا بأن تبدأ المفاوضات من حيث توقفت في نهاية ولاية الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب في تشرين الثاني 2020. بعدما كنا قد اقتربنا كثيرا خلال عهد ترامب من اطلاق عملية التفاوض، والوصول الى نتائج حاسمة حول مصير المفقودين. يومها شملت تلك المحادثات في شأن إطلاق تايس مطالب من الحكومة السورية، تتصل بانسحاب القوات الاميركية من الرقة واستئناف العلاقات الديبلوماسية الاميركية مع سوريا ورفع بعض العقوبات، ونحن نعمل على ان تستأنف المفاوضات من حيث انتهت”.
وكشف إبراهيم “التقيت مع والدة تايس ثلاث مرات في خلال زيارتي التي استمرت ثلاثة ايام، ولكن لم تقدم سوريا الى الان اجابات واضحة حول صحة ابنها او ظروف احتجازه. الجميع يريد اغلاق هذا الملف، والكل تواقون الى تحقيق ذلك. اما بخصوص والدة تايس، فقد وعدتها بأنني لن ادخر جهدا حتى كشف مصير ابنها وانهاء هذا الملف”، موضحًا “أننا لسنا متأكدين من ان اوستن تايس على قيد الحياة، ولا احد متأكدا من ذلك، ولا يمكنني التأكد في ظل عدم وجود تأكيد من سوريا بأنه لا يزال على قيد الحياة، وسأقوم بزيارة سوريا بعد هذه الزيارة لكي ابحث مع القيادة السورية في نتائج زيارتي الى واشنطن وامكان تحقيق تقدم حاسم في كشف مصير تايس”.
وأشار، ردًا على سؤال “هي ليست المهمة الشاقة الاولى التي تخوضونها، هل تتوقعون نتيجة ايجابية، إلى أنّ “في خلال الحرب السورية، توسطت من موقعي كمدير عام للامن العام في عمليتي تحرير رهائن رئيسيتين من سوريا. عام 2013 قمت بتأمين إطلاق مجموعة من الحجاج اللبنانيين الذين احتجزوا لدى مجموعات المعارضة المتمردين بالقرب من الحدود التركية ، وفي عام 2014 توسطت في إطلاق مجموعة من الراهبات الارثوذكس اللواتي اختطفهن تنظيم “النصرة” الارهابي في سوريا من ديرهم في معلولا. الان ينصب العمل على كشف مصير تايس وباقي المفقودين. وما يشجع هو الاهتمام الخاص من الرئيس الاميركي جو بايدن بقضية تايس، وما لمسته ايضا في واشنطن من رغبة في الحوار يجعلني متفائلا بإنهاء هذا الملف”.
وأعلن إبراهيم، بشأن الحديث عن الوضع في لبنان خلال زيارته واشنطن، أنّ “هناك قلق كبير في ما يتعلق بالشأن الداخلي اللبناني، وهذا القلق يتركّز بشكل اساسي على مخاطر الانهيار الاجتماعي بسبب الانهيار الاقتصادي والنقدي الذي يضرب لبنان، ونحن قلقون من عدم الاستقرار الاجتماعي في لبنان اكثر من عدم الاستقرار السياسي. فالشعب له الحق في الاعتراض ورفع الصوت على انهيار الليرة اللبنانية، لكننا لا نريد ان يتحول الامر الى فوضى، ونحن نعمل بجهد استثنائي لمنع دخول البلاد في فوضى مجتمعية”.
وصرح، ردًا على سؤال “كيف تقرأون نتائج الانتخابات النيابية وما افرزته من توازنات جديدة”، أن “في اعقاب الانتخابات التي جرت في 15 أيار الماضي، ازداد خطر الشلل السياسي، وهذه النتائج التي اسفرت عنها الانتخابات يمكن أن تُحدث كارثة، لأن لدينا تكتلات سياسية كبيرة مع اتساع الفجوة بينها في مختلف القضايا، ولا توجد اغلبية لاقرار القوانين”.
وشدد، حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، على أنّ “في شأن موضوع ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الاسرائيلي، والذي يحاول الموفد الاميركي هاموس هوكشتاين التوسّط في شأنها، فان الولايات المتحدة تنتظر رد لبنان على المقترح الاميركي الذي قدمه هوكشتاين. قدم لنا عاموس هوكشتاين اقتراحا مكتوبا وعلينا ان نرد”.
وأكد، ردًا على سؤال “ما هو الموقف الاميركي من عملية ترسيم الحدود البحرية، بمعنى اوضح هل يستعجلون الوصول الى اتفاق”، أنّ “الجانب الاميركي هو الوسيط الاساسي في عملية التفاوض في شأن ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وهو حريص على نجاحها في انهاء هذا الملف. وكلما كان الحل اسرع، اصبحت نسبة ظروف النجاح اكبر. الجانب الاميركي متحمس لانهاء هذا الملف وطي صفحة يمكن ان تؤدي الى انفجار الوضع مع العدو الاسرائيلي”.
وذكر إبراهيم، حول الاعتقاد ان الرد اللبناني سيفتح الباب امام عودة التفاوض ايا كان مضمون هذا الرد، أنّه “طبعا، لم يزل الجانب الاميركي ينتظر الرد من السلطات اللبنانية على ما اودعه الوسيط الاميركي آموس هوكستاين السلطات اللبنانية في زيارته الاخيرة الى بيروت. من المؤكد ان هذا الرد سيفتح باب النقاش والتفاوض مجددا بين الاطراف المعنيين، ودائما تحت رعاية الامم المتحدة وبوساطة اميركية”.
وشدد، ردًا على سؤال “ماذا تتوقعون اذا اصر العدو الاسرائيلي على الاستخراج من حقل كاريش”، على أنه “يعتبر لبنان في المبدأ ان خط 29 هو خط التفاوض. وكل ما هو داخل الخط 29 يصبح مناطق متنازع عليها، ولا يحق للعدو استخراج النفط او التصرف بأي شيء شمال هذا الخط. وبالتالي سيصبح المساس بالثروة النفطية اللبنانية او غيرها، بمثابة تعد على السيادة اللبنانية وحقوق لبنان. طالما ان الحدود البحرية لم تُرسّم بعد، سيكون للبنان رد كما لو ان لبنان قد تعرض الى اعتداء على سيادته وحقوقه”.