أثار الطرح الذي تردد أن الرئيس ميشال عون قد فاتح به زواره لجهة عدم ممانعته فكرة تجديد الثقة بالحكومة الحالية برئاسة نجيب ميقاتي في حال موافقة القوى السياسية على ذلك، اهتمام الأوساط السياسية التي أخذت تدقق فيما إذا كان طرحاً يتوافق مع أحكام الدستور اللبناني.
وأوضحت مصادر قريبة من عون أن “ما يجري التداول به ليس طرحاً يتبناه رئيس الجمهورية إنما خيار أشار إليه رداً على سؤال”، مشددة على أن “الأولوية بالنسبة إليه هي تشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت”. وأشارت المصادر في تصريح لـ”الشرق الأوسط” إلى أن “تعويم الحكومة الحالية لمعاودة نشاطها ليس خياراً مفضلاً للرئيس عون، لكنه يبقى أحد المخارج في حال تعذر التشكيل، وهناك سوابق في هذا المجال”، مؤكدة أن “رئيس الجمهورية سيدعو لاستشارات نيابية بعد انتخاب رئيس للمجلس النيابي وتشكيل هيئة مكتب المجلس واتضاح الكتل النيابية، لتسلك الأمور المسار الدستوري الصحيح”.
ميقاتي ليس معنيا
من جهتها، تؤكد مصادر رئاسة الحكومة أن ميقاتي “ليس معنياً بالأفكار التي تطرح من هنا وهناك، وأن ما يعنيه تسيير عجلة الدولة ومعالجة الأوضاع الطارئة من خلال تشكيل حكومة جديدة بموجب الدستور”، مشيرة إلى أن أولويات ميقاتي “معالجة المسائل الملحة وفق النطاق الذي تقتضيه المصلحة العامة ومصلحة الدولة (raison d’etat) على أن يتم ذلك من خلال خطوات يُعلن عنها تدريجياً في ضوء ما سيؤول إليه موضوع تكليف رئيس جديد للحكومة وعملية تأليفها”.
وشددت المصادر في تصريح لـ”الشرق الأوسط” على أن “تصريف الأعمال بالحدود الدنيا في الظروف الراهنة أمر غير منطقي، لذلك فإن الرئيس ميقاتي سيتخذ القرارات التي يراها مناسبة في ضوء تطور الأوضاع، خصوصاً المالية والاقتصادية المتدهورة”. واوضحت المصادر: “الأمور مرهونة بأوقاتها ولن نتخذ أي قرارات مسبقة، وإن كان الرئيس ميقاتي عبّر بوضوح مؤخراً عن رضاه على أداء حكومته التي عملت كفريق عمل واحد وساهمت بمعالجة الكثير من الملفات الطارئة”.
واستغربت مصادر “القوات اللبنانية” التداول بطروحات كتعويم الحكومة الحالية “باعتبار أن هناك مساراً دستورياً يفترض أن يأخذ مداه الطبيعي”، مؤكدة في تصريح لـ”الشرق الأوسط” مواصلة “الدفع باتجاه مزيد من العمل على توحيد القوى السيادية والتغييرية للاتفاق على اسم رئيس مكلف يشكل حكومة جديدة وفق معايير جديدة مرتبطة بنتائج الانتخابات وتوازناتها وكيفية إخراج البلد من أزمته”.
وشددت المصادر على أن المطلوب اليوم “حكومة مختلفة بتكوينها وتركيبتها ومواصفاتها وأجندتها وأولوياتها عن الحكومة الحالية”، مضيفة: “نحن غير معنيين بأي كلام خارج إطار المسار الدستوري الطبيعي ونعد كل العدة لتشكيل حكومة تختلف عن الحكومات السابقة وتقطع قطعاً نهائياً مع حكومات ما بعد اتفاق الدوحة”.
زياد بارود
من جهته، اعتبر الخبير الدستوري الوزير السابق زياد بارود أن الحديث عن “تعويم الحكومة الحالية كلام في السياسة لا ترجمة دستورية له”، لافتاً إلى أنه “عندما تبدأ ولاية برلمان جديد تُعتبر الحكومة حكما مستقيلة وتمارس أعمالها بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال”.
واشار بارود في تصريح لـ”الشرق الأوسط” إلى أنه “في حال كان هناك من يريد للحكومة الحالية أن تكون بصلاحيات كاملة فعندها تتم تسمية الرئيس نفسه الذي يقول إنه شكل الحكومة نفسها فتأخذ الثقة مجدداً في مجلس النواب، أما خلاف ذلك وحتى تشكيل حكومة جديدة، فيجب أن يقتصر عمل حكومة تصريف الأعمال على ما هو ملح وضروري ولا يرتب أعباء مالية على الدولة”.
وعما إذا كان الانهيار المالي والظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد يحتمان توسيع نطاق تصريف الأعمال، يقول بارود: “وضع كالذي نرزح تحته يحتم تشكيل حكومة مكتملة الصلاحيات والمواصفات بأسرع وقت ممكن وليس تعويم الحكومة الحالية”، مضيفاً: “لا يجوز مثلاً للحكومة الحالية عقد اتفاقيات قروض، لأن ذلك يتخطى صلاحياتها. وإن كان هناك من يعتبر أن الضرورات تبيح المحظورات، فأنا لا أؤيد ذلك”.
الاستشارات النيابية الملزمة
وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ”اللواء” أنه ليس صحيحا أن تأخيرا سيطال تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة، وأكدت أن السلاسة التي رافقت الاستحقاق امس في مجلس النواب يفترض أن تستتبعها مشاورات لتكليف شخصية تشكل الحكومة ورأت أنه لا بد من الاستفادة من هذه السلاسة.
لكن أوساط مراقبة أشارت الى ان ما حصل في مجلس النواب يعزز التأكيد أن المقايضات لها الكلمة الفصل، ولفتت إلى أن معظم الكتل ستعمد إلى إجراء تقييم لما حصل في جلسة مجلس النواب أمس قبل المشاركة في الاستشارات النيابية الملزمة.
ورأت أنه ليس واضحا إذا كان موعد الاستشارات يسبق الجلسة النيابية الأسبوع المقبل أو أنه يأتي بعدها.