بقلم غسان همداني
انتهت الانتخابات ولم ينته الخطاب المتشنج، على العكس سوف يزداد توترا،لأسباب عدة تتعلق بالاستحقاقات الدستورية من انتخاب رئيس المجلس النيابي وهيئة مكتبه بالاضافة الى اللجان النيابية، الى تسمية رئيس مكلف لتشكيل الحكومة ، وصولا الى انتخاب رئيس الجمهورية، يضاف الى هذه الأسباب محاولة “التغييريين” التأكيد على تمايزهم عن “أحزاب” السلطة، بالرغم من تماهيهم مع اركان هذه السلطة الذين ركبوا موجة الحراك.
ويبدو أن النواب الجدد لا يفقهون شيئا عن النظام اللبناني وتركيبته الطائفية، وتوزيع الرئاسات الثلاثة على كبرى الطوائف، فنراهم يدعون الى ترشيح رئيس للمجلس النيابي من خارج الطائفة الشيعية، في محاولة للإيحاء الى “جماهيرهم” انهم يريدون الغاء النظام الطائفي، والغاء حصرية هذه المناصب وغيرها لطوائف معينة، والمفارقة ان هؤلاء التغييريين أتوا وفق نظام انتخابي طائفي بامتياز.
ان هذا الطرح، وعلى فرض حسن النية، وليس مدفوعا من قبل جهات مولت ودعمت وأيدت وصولهم الى الندوة البرلمانية، يهدد السلم الأهلي، وبالتالي سيُعتبر موجها الى طائفة معينة، وسيؤلب باقي الطوائف الكبيرة والصغيرة على هؤلاء، وسيلقى رفضا ليس من السياسيين فحسب، بل من رجال الدين الذين سيستدعون الأنبياء والقديسين والأولياء للدفاع عن هذا النظام.
لا أورد هذا التحذير للدفاع عن التقسيم الطائفي للمناصب، لكن الطرح بهذا الشكل لا يبدو مستقيما، لأنه لا يرتكز على أسس دستورية، مع الإشارة الى أن حركة أمل ورئيسها من أشد المنادين بإلغاء الطائفية السياسية، واعتماد الدولة المدنية، والكل يشهد على محاولة الرئيس بري تطبيق نظام الطائف عبر تشكيل الهيئة التي ستقترح إلغاء الطائفية السياسية، والحملة الشعواء التي شنت عليه لمجرد هذه الدعوة.
وعلى افتراض حسن النية مجددا، فلتلبي هذه المجموعات دعوة الرئيس بري الى اقرار قانون للانتخابات خارج القيد الطائفي على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة وفق نظام النسبية ،واعتماد الدولة المدنية، وإلغاء الطائفية السياسية، وتشكيل مجلس للشيوخ،واقرار قانون جديد للأحزاب ،وكل ذلك عبر اعتماد الطرق الدستورية، وسيجدون الرئيس بري في المقدمة.
قد نكون أمام فرصة تغيير حقيقية،تؤدي الى بناء وطن على أسس متينة، يكون فيه الإنتماء الى الوطن وليس الى الطائفة أو المذهب،فهل يبادر التغييريين الى التغيير أم هو تغرير بالمواطن؟؟!!