محمد علوش – الديار
لم تكن تتوقع الماكينة الإنتخابية لحركة أمل في منطقة الزهراني أن يشارك رئيس المجلس النيابي نبيه بري شخصياً في احتفال إطلاقها، إلا أن الرجل فاجىء الحاضرين وخطب بهم في كلمة أعادت الى أذهان الحركيين “نبيه بري” القديم، الذي يقول كلمته ويمشي، بعيداً عن “دبلوماسية” رئاسة المجلس التي طبعت خطاباته في السنوات الأخيرة.
لا شكّ أن أهمية الاستحقاق وحساسيته أخرجت الرئيس بري عن صمته، لكن قبل الدخول في معاني كلمته ومضمونها لا بد من التوقف عند “الشكل” أولاً.
قبل ساعة ونصف تقريباً من الإحتفال الذي كان مقرراً عند الساعة 3 والنصف في مجمع الرادار الثقافي في الجنوب، تم الإعلان عن وصول بري الى دارته في المصيلح، رغم أنه بحسب مصادر مطّلعة كان قد وصل قبل ذلك، وأُعلن عن نيته التوجه الى الحاضرين في الاحتفال بكلمة يتطرق فيها الى الشأن الإنتخابي.
وصل بري، الذي كان يُطل على جمهوره في ذكرى اختفاء الإمام موسى الصدر في 31 آب بظل تدابير أمنية كبيرة جدّاً، الى ساحة الإحتفال بسيارة واحدة، وعنصر أمني واحد من “أمن” مصيلح، وحماية عناصر جمعية كشافة الرسالة الإسلامية والدفاع المدني التابع للجمعية، نزل بين الجمهور، وصافح الجالسين في الأمام، في خطوة لم يفعلها بري منذ سنوات، حيث كان يعتلي المنبر في ذكرى 31 آب من باب خلفي يقع خلف المسرح، ويخاطب الناس من وراء الجدار الزجاجي العازل، ثم يخرج بنفس الطريقة.
ترك برّي ربطة عنقه في عين التينة، فهو قصد الجنوب رئيساً لحركة أمل حصراً، الأمر الذي كان واضحاً في خطابه المتضمن رسائل مباشرة بعيداً عن الدبلوماسية التي يتطلبها منصبه في مجلس النواب.
في مضمون الكلام، تأكيد على أهمية الاستحقاق الإنتخابي المقبل، فهو بالنسبة لبري الاهم منذ الطائف، إذ تُشير المصادر إلى أن رئيس المجلس يعلم بأن البلد على شفير تغيرات كبرى، تنطلق من المنطقة، وتطال أصل النظام السياسي، والتسويات ستكون عنوان المرحلة، والقوي يفرض أوراقه على طاولة التفاوض، والقوي يكون قوياً بحضوره الشعبي ونسبة التأييد، لذلك كان تشديد على أهمية المشاركة رغم الحديث عن غياب المنافسة، على اعتبار أن هذه النقطة تشكل تحدّياً للثنائي، معتبرة أن كلمة بري تطرقت للمرة الاولى الى استهدافه وأمين عام حزب الله شخصياً طيلة المرحلة الماضية، وهو ما لم يقله بري سابقاً، وفي ذلك إشارة واضحة لطبيعة المعركة وأهدافها.
يُراقب بري الحركة الإنتخابية في الجنوب بشكل عام ودائرته بشكل خاص، وبحسب المصادر فإن المعطيات التي تحدث عنها عن وجود مال انتخابي ليست جديدة، فالمتابع لما يجري يُدرك أن حجم الاموال التي تدخل البلد عبر قنوات سرية وعلنية ضخم للغاية، يصل الى أحزاب، وجماعات، وفئات محدّدة، تمكنت من إطلاق حملات إعلانية ضخمة، وتستعد لحملة شراء أصوات، وقد وصل سعر الصوت في الجنوب الى ما يزيد عن 200 دولار، في إحدى الدوائر، لأن المخطط بحسب المصادر بعد الاقتناع بصعوبة الخرق، هو تخفيض نسبة الاقتراع للحديث مستقبلاً عن عدم شرعية الثنائي شعبياً.
يُدرك رئيس حركة أمل أن جمهور الثنائي الشيعي يُعاني من الوضع الإقتصادي الصعب، لذلك لا يمكن لأي تنظيم خوض الانتخابات بظل العناوين السياسية الكبرى دون إبداء الإهتمام للتفاصيل المعيشية والحياتية، لذلك تكشف المصادر أن بري سيتّخذ من دارته في الجنوب مقرّ إقامة لفترات طويلة قبل موعد الإنتخابات، سيستقبل وفود القرى والبلدات، سيستمع إليهم كما كان يفعل سابقاً قبل تدهور الأوضاع الأمنية.
ما يفعله بري، يقوم به السيد نصر الله، تقول المصادر، مشيرة الى أن أمين عام الحزب يُجري اللقاءات المباشرة مع العائلات والعشائر والمجموعات بشكل شبه يوميّ، وبعمل يفوق الذي قام به في انتخابات 2018، معتبرة أن حجم المعركة وطبيعتها والظروف المحيطة بها، وحالة التململ الشعبي، والقلق، والخوف من المستقبل، كلها امور تجعل تدخل بري ونصر الله شخصياً امراً ضرورياً ومطلوباً.