لامست أزمة القمح الخطوط الحمر وتخطّت إطار التحذيرات. فقد بدأت تظهر بوادر المصيبة تباعاً، وأولاها تلكؤ مصرف لبنان عن تأمين التمويل اللازم لدعم القمح المستورد من التجّار، وثانيتها تخبّط المسؤولين ودورانهم في حلقة مفرغة من الاجتماعات غير المجدية منذ أسابيع لجهة سلفة الـ 36 مليار ليرة التي تآكلت قيمتها بسبب ارتفاع الأسعار العالمية.
ولفت المدير العام للحبوب والشمندر السكّري جريس برباري إلى أن عدم صدور المرسوم الذي يتيح للمديرية الطلب من مصرف لبنان تحويل الـ 36 مليار ليرة إلى دولارات، استدعى لجوء الوزير إلى طلب الحصول على موافقة استثنائية من مجلس الوزراء، موضحا أن أن الوضع “ضاغط جداً وسط تناقص مخزون القمح”، إلا أنه ليس متأكداً مما إذا كانت الموافقة الاستثنائية “تسمح بشراء القمح فوراً أو تسرّع الاستحصال على الأموال المطلوبة”.
واشار إلى أن أبرز مفاعيل هدر الوقت الذي يتفنّن به المعنيون تمثّل في “تناقص كمية القمح التي كان يفترض شراؤها بأموال السلفة المقرّة منذ أكثر من أسبوعين، بسبب تبدّل أسعار القمح عالمياً. فالمبلغ المرصود لم يعد يكفي لشراء 50 ألف طن، لذا طلبنا مبلغاً إضافياً لتعويض الفرق، ولم نستحصل على جواب حتى اللحظة”‘ الأهم بالنسبة إليه الحصول على أي مبلغ سريعاً “ولو كان سيؤمّن 30 ألف طن أو 40 ألف طن فقط”. قلق المدير العام مشروع، لكن من يحاسب على إهدار وقت ثمين ارتفعت خلاله الأسعار؟
في هذا السياق، كشّفت بعض المؤشرات المقلقة، تردّد أن هناك أزمة طحين في صيدا دفعت بعض الأفران إلى التوقف عن العمل، أو تقليص تسليم الكميات، يجيب برباري: “هل الأمر متوقف على صيدا؟ شوفوا الضاحية وطرابلس ووين مكان”.
وبحسب برباري، يحصل هذا التقطع بسبب وجود قمح “معظمه ليس مدعوماً من مصرف لبنان. إذا جرى تسعير الطحين بلا دعم، أي بسعر 25 ألف ليرة للدولار الواحد، فالأمر يصبح مختلفاً”.
واوضح رئيس نقابة أصحاب المطاحن أحمد حطيط الأمر بالإشارة إلى وصول بواخر من دون أن تصدر الحوالات المالية، ما يعني فقدان القدرة على توزيع الكميات المدعومة. لكن حطيط يعتقد أيضاً بأن هناك مبالغة في الكلام عن أزمة في صيدا، “فهناك، تستلم أفران الخبز العربي الطحين يومياً بلا مشاكل، لكن هناك أزمة تعانيها أفران المناقيش”.