محمد علوش – الديار
يُفترض بوزارة الخارجية اللبنانية أن تمثل مصالح لبنان بالخارج، إلا أنها مع الوزير الحالي، السفير السابق في واشنطن، يبدو أنها تمثل مصالح الولايات المتحدة الأميركية حصراً، بدءاً من سحب الرسالة اللبنانية من الأمم المتحدة، التي تتحدث عن خط 29 وحق لبنان فيه، وصولاً إلى إدانة التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا.
البدء من الرسالة التي ينفي بو حبيب علمه بهوية من طلب سحبها، إلا أن مصادر مطّلعة تكشف أن الرسالة سُحبت بطلب أميركي مباشر، لأنها تناقض ما أعلنه رئيس الجمهورية ميشال عون عن أن الخطّ 29 هو خطّ تفاوضي، وتُناقض ما يبدو أن لبنان قبله باعتماد الخطّ 23. إن هذا الطلب الأميركي مردّه الى أن الرسالة باتت تشكل لزوم ما لا يلزم، وبالتالي يجب سحبها واعتبارها لم تكن، إلا أن المفاجأة كانت بإعلان بسام ياسين سحب الرسالة، وهو ما كان يظن من سحبها أنه سيبقى غامضاً.
أظهرت الرسالة المسحوبة وزارة الخارجية بموقف ملتبس، غير واضح ومتوتر في الوقت نفسه، حتى وصل الأمر بوزير الخارجية الى التنصّل من المسألة، علماً أن المصادر تؤكد معرفة بو حبيب بكل تفاصيل هذا الملف.
لم تكتف وزارة الخارجية بهذا القدر من الأخطاء، إذ أصدرت أول من أمس بياناً جاء فيه: «إن لبنان يدين اجتياح الأراضي الأوكرانية ويدعو روسيا إلى وقف العمليات العسكرية فورا وسحب قواتها منها»، الأمر الذي خلق بلبلة كبيرة جداً.
ينفي الجميع علمه ببيان إدانة روسيا، إلا أن المعلومات تؤكد ان بيان الإدانة جاء بعد طلب مباشر من الرئاستين الأولى والثالثة، أي أن رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي اللذين طلبا من وزارة الخارجية إصدار بيان الإدانة ضد روسيا.
في هذا السياق، ترى مصادر قيادية في فريق 8 آذار أن أخطاء وزير الخارجية لا تُغتفر، فهو بموقع وزاري حساس يتطلب حكمة ودراية، وبات يعمل بما يحقق مصلحة السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا،.
وتعتبر المصادر أنه حتى ولو تحرك بو حبيب بأوامر رئاسية، إلا أنه خالف الدستور بالمادة 65 منه التي أناطت بمجلس الوزراء مجتمعاً وضع «السياسة العامة للدولة»، وبالتالي موقف حساس كهذا كان يُفترض أن يُعرض على مجلس الوزراء لاتخاذه، ومن غير المقبول أن يتحكّم طرف بسياسة لبنان الخارجية، فيَدين في اليمن لمصلحة الخليج، ويَدين روسيا لمصلحة أميركا. وترى المصادر «أنه بات لزاماً إقالة بو حبيب من موقعه الوزاري، وكان يُفترض تصحيح الخطأ بالبيان، ببيان آخر».
وتضيف المصادر القيادية في فريق 8 آذار: «ما صدر عن الخارجية لم يكن موضع إجماع داخلي، الأمر الذي عبرت عنه أوساط رئيس المجلس النيابي نبيه بري بشكل واضح»، معتــبرة أن هذا الموقف كان لبنان بغنى عنه، لا سيما أنه غير معني مباشرة بهذا الحدث، وبالتالي كان من الممكن أن يكتفي ببيان يدعو فيه إلى اعتماد الاســاليب الدبلوماسية في حل النزاعات، أو حتى الدعوة إلى الحوار بين الأطراف المعنية، بدل أن يذهب إلى موقف معاد لموسكو، الأمر الذي أحدث حالة من الأرباك في الأوساط الديبلوماسية.
من وجهة المصادر نفسها، هذا الموقف يعكس أيضاً رغبة لدى بعض الجهات اللبنانية في بيع المواقف إلى الجانبين الأميركي والأوروبي، بالرغم من أنها تدرك جيداً أن لا قيمة لها في التوازنات الدولية، تماماً كما حصل عندما باعت استقالة جورج قرداحي، وعندما أصدر وزير الداخلية قرار ترحيل أعضاء «جمعية الوفاق البحرانية».