اشار المفتي الشيخ أحمد قبلان إلى أنه “إذا كان من مدخل لهذا البلد فهو أن يتذكر الجميع أن لهم موعداً مع الله، وأنه لا ناصر لهم إلا الحق والعدل وغوث الناس، وأن الظلم والفساد واللعب بأوجاع الناس وجوعها واحتكار أسواقها وحاجاتها وتفكيك بلدها ليس إلا وقوداً للنار والفتن والخراب”، معتبراً أن “فكّ الاشتباك السياسي في هذا البلد يحتاج إلى ثمن سياسي، وأن البلد تحكمه المصالح الوطنية، وليس اللعب بالزواريب، وخاصة اللعب بزواريب القضاء والرشاوى الدولية. وهذا يفترض بالقوى السياسية دفع هذا الثمن السياسي، فحلّ مشاكل البلد يمرّ جبراً بالسياسة، وأية تسوية كبيرة تمرّ حتماً بالسياسة، وليس بالقضاء والتهم السياسية والثأر السياسي، إلا أن حلّ مشكلة البلد تحتاج زعامات أكبر من عوكر وتوابعها، وهذه مشكلتنا الرئيسية”.
ولفت المفتي قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين (ع) في برج البراجنة، إلى أن “مشكلة البلد الرئيسية أنه يعاني من أكبر حصار وهجمة أميركية، ومن يُفترض به المواجهة أو أخذ خيار سياسي كبير لا يريد تعكير مزاج عوكر حتى لو احترق البلد. وأكثر من يمارس السياسة في البلد يريد رضا عوكر، وسيخوض الانتخابات النيابية بعين عوكر وتحالفاتها، حتى لو مات الناس جوعاً وقهراً، وهذا أخطر مؤشّر في الموسم الانتخابي المفصلي. والمطلوب تسوية سياسية انقاذية قبل حرق البلد. فنحن الآن في وسط اشتباك سياسي محموم، وما فعله المجلس الدستوري أنه أعاد الكرة الملتهبة للسياسيين، فهم من يستطيع إطفاء النار، أو هم من يحرقون البلد”.
وأكّد سماحته أن “الحل بالسياسة لا بالقضاء، وإزاحة البيطار الذي حوّل القضاء إلى سوق انتيكة يمرّ بتسوية مع من يحميه بالسياسة، وكذا الحال مع مفاصل الجسم القضائي والإداري؛ ما يعني أن التسوية السياسية الآن في مأزق، وساعد الله الناس، كل الناس، مسلمين ومسيحيين، لأن التسوية تحتاج إلى زعامات، زعامات رجال، ولكن للأسف أكثر من في البلد شارب لحليب ملوّث بالتبعية والخوف والمصالح”.
واعتبر المفتي قبلان أن “البلد أشبه بمنفى، والعزلة السياسية أشبه بسرطان، والإعلام المرتزق للعملة الخضراء يمارس أسوأ لعبة خيانة بحق الشعب والبلد، وإذا كان الأمريكي يعتقد أن مزيداً من إنهاك لبنان يعني إنهاك المقاومة فهو واهم، وإذا كان يعتقد أن خنق لبنان وتجويع ناسه من شأنه التأثير على موقف الطائفة الشيعية اتجاه الثنائي الشيعي فهو واهم جداً. البيئة الشيعية قالت كلمتها، وستقولها، وهي حاضرة في كل الميادين والمفاصل لتقول في كل قرية ومدينة وحي لا خيار لنا إلا المقاومة والثنائي الشيعي، بخلفية أن هذا الثنائي الوطني ضرورة مفصلية في منظومة حماية لبنان”، موجهاً نصيحة “من صميم القلب للمسيحيين قبل المسلمين، إياكم والخبث الأمريكي، فإنه يلبس ثوب الأنبياء ليطعن بخنجر إبليس. وكل مصائب هذا البلد مصدرها الوصاية الأميركية التاريخية، وإذا كان من سرطان في هذا البلد فهو واشنطن وشبكات وكلائها السياسيين والماليين والنفوذيين”.
أما بخصوص الحياد، فتساءل سماحته “أي حياد والذئب ينهش الغنم وأي حياد والنار الدولية الإقليمية تحرق الأخضر واليابس، وأي حياد وواشنطن تقود أكبر حصار خانق للبلد والناس! أي حياد والإسرائيلي يستبيح السماء والحقول البحرية ويتهيأ لأكبر حرب تجاه لبنان، أي حياد وعين صندوق النقد الدولي على الحدود الشرقية وليس على مدافع اللعبة النقدية وكمين المصارف! أي حياد وجمهوريات الأوكار الدولية الإقليمية في الداخل اللبناني تقود أخطر معركة إنهاك وتمزيق للبلد وسيادته”، لافتاً إلى أنه “علينا أن نتذكر جيداً أن مشكلة البلد الكارثية تمرّ بالمشغّل الدولي، وبالأخص واشنطن، وكفانا تضييعاً للحقيقة وغسلاً للوجوه، وإذا كان من كلمة بخصوص الحياد أقول: لا للحياد الأعور، لأنه يطلب من الضحية ما لا يطلبه من الجلاّد، ومن أمّن الذئب على غنمه، فقد حكم بضرورة ذبح الغنم”.