أشار مصدر سياسي معارض لـ”العهد القوي”، في حديث إلى صحيفة “الشرق الأوسط”، إلى أنّ “رئيس الجمهوريّة ميشال عون يخطئ إذا كان يراهن على أنّ عامل الوقت سيدفع رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي للتسليم بتشكيلها بأيّ ثمن، لتكون نسخة منقّحة من الحكومة المستقيلة برئاسة حسان دياب”.
وأكّد أنّ “الفارق بينهما يكمن في أنّ الأوّل يريدها على قياس الطموحات الرئاسيّة لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، بخلاف الثاني الّذي يتوخّى أن تستعيد ثقة اللبنانيّين، وأن تكون قادرة على مخاطبة المجتمع الدولي، لمساعدة لبنان لمنعه من السقوط في الانفجار الشامل، في ضوء تراكم الأزمات على المستويات كافّة”، لافتًا إلى أنّ “ميقاتي يبدي انفتاحًا ومرونةً في تعاطيه مع الرئيس عون، للوصول إلى تشكيل حكومة تنأى بنفسها عن الدخول في حسابات سياسيّة ضيّقة، وتشكّل رافعةً للنهوض بالبلد من الكوارث الّتي تحاصره”.
وأوضح المصدر أنّ “لا مانع لدى الرئيس المكلّف من الإقامة في القصر الجمهوري، إلى حين تهيئة الأجواء لتسهيل تأليفها، لكن يبقى على عون أن يعامله بالمثل، استجابةً لصرخات اللبنانيّين الّذين باتوا يفتقدون الحدّ الأدنى من مقوّمات الصمود”، ورأى أنّ “ما يعيق مشاورات التأليف بين ميقاتي وعون يتوقّف على مدى استعداد الأخير لسحب الشروط الّتي تؤخّر ولادة الحكومة”. وركّز على أنّه “على رئيس الجمهوريّة أن يختار بين إعادة تعويم باسيل سياسيًّا، وإنقاذ البلد الّذي لن يتحقّق إلّا من خلال المجيء بحكومة منسجمة قادرة على الانتقال بالبلد من مرحلة الانفجار الّذي هو فيه، إلى التحضير للوصول به إلى برّ الأمان”.
وعدّ أنّ “لا مبرّر لتشكيل حكومة مهمّة، ما لم يبادر عون إلى إعادة النظر في المهام الإنقاذيّة الموكلة إليها، وإلّا فليس هناك مبرّر لهدر الوقت، وما عليه إلّا الاتكال على حكومة تصريف الأعمال الّتي لا تحضر إلّا في المناسبات”، مبيّنًا أنّ “لا مشكلة أمام ميقاتي في التوجّه فورًا إلى بعبدا للقاء عون، الّذي يتطلّب منه أن يلاقيه في منتصف الطريق، بدلًا من أن يصرّ على التموضع سياسيًّا في المربّع الأوّل الّذي أعاد مشاورات التأليف إلى نقطة الصفر”.
كما شدّد على أنّه “على رئيس الجمهوريّة أن يقرّر “التمرّد” على فريقه السياسي، وعدم الأخذ بنصائحه الإلغائيّة، ليعيد الاعتبار إلى مشاورات التأليف، لأنّ ميقاتي ليس من الّذين يأخذون بحملات التهويل والضغط، وهو على استعداد لملاقاته، خصوصًا أنّه ليس في وارد مقاطعته، وهو يصرّ على اقتحامه إيجابيًّا لنزع الألغام الّتي تعيق تشكيل الحكومة”.
وحذّر المصدر من “الدور التصعيدي للفريق السياسي المحسوب على باسيل، الّذي بات أسيرًا لحملات التحريض، كأنّ البلد بألف خير ولا يغرق في الأزمات”، مشيرًا إلى أنّ “من شروط استرداد العافية لمشاورات التأليف، أن يتخلّص عون من الذهنيّة الّتي تحكّمت بسلوكه السياسي طوال فترة ترؤسّه في عام 1989 للحكومة العسكرية، الّتي خاض من خلالها معارك على الجبهات السياسيّة كافّة، تراوحت بين الإلغاء والتحرير، ظنًّا منه أنّه يمنع انتخاب رئيس جمهوريّة جديد بعد انتهاء ولاية الرئيس الأسبق أمين الجميل”.
وذكر أنّ “الظروف السياسية الراهنة لم تعد كما كانت في أثناء تولّيه رئاسة الحكومة العسكريّة”، شارحًا أنّ “لبنان كان يمرّ حينها بانقسام مذهبي وطائفي، وتفصل بين مناطقه خطوط تماس عسكريّة وسياسيّة، بخلاف ما هو عليه اليوم، في غياب كلّ أشكال الانقسامات الطائفيّة، على الرغم من أنّ التيار السياسي المحسوب على عون يحاول تطييف تأليف الحكومة، بذريعة استرداد صلاحيّات رئيس الجمهوريّة وحقوق المسيحيّين، وهذا ما فتح الباب أمام ارتفاع الأصوات الداعية لاعتماد النظام الفيدرالي؛ تحت عنوان تطبيق اللامركزية الإدارية الّتي نصّ عليها اتفاق الطائف”.
إلى ذلك، سأل المصدر نفسه: “كيف يتذرّع الرئيس عون بصلاحيّاته لتعطيل تشكيل الحكومة، وتعليق اجتماعات مجلس الوزراء، في أثناء ترؤس رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الحكومة الثانية في عهده، مشترطًا إحالة حادثة قبرشمون على المجلس العدلي، قبل أن يعود ويتراجع عن مطلبه؟”، متسائلًا عن “صلاحيّته في تجميد التشكيلات القضائية، وتعليق التحاق مأموري الأحراج الّذين خضعوا للامتحانات الّتي أشرف عليها مجلس الخدمة المدنية بمراكز عملهم، فيما تشعل الحرائق المساحات الخضراء، بذريعة عدم مراعاتها للتوازن الطائفي”.
ولفت إلى أنّ “رئيس الجمهوريّة تدخّل لتجميد كلّ شيء مستقويًا بصلاحياته، ولم يتدخّل لإنقاذ لبنان من الزلزال الّذي أصاب بيروت جرّاء انفجار المرفأ، بذريعة أنّ لا صلاحيّة له، مع أنّه أُحيط علمًا بوجودها قبل أسبوعين من انفجارها، وهو ما اعترف به في العلن، وما يستدعي مساءلته من قِبل المحقّق العدلي في جريمة المرفأ، القاضي طارق بيطار”.