ليبانون تايمز_ غسان همداني
شاع جو من التفاؤل بين اللبنانيين نتيجة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة العتيدة، مع كلام عن دعم أميركي وفرنسي ومباركة سعودية غير معلنة، وترافق ذلك مع هبوط مفاجئ لسعر صرف الدولار الأميركي، وأن الحكومة ستبصر النور قبل الرابع من شهر آب الحالي.
لا شك أن التفاؤل أمر جيد ومطلوب في ظل هذه الظروف، والجميع يبتهل إلى الله أن يحل الروح القدس على المعنيين بالتأليف لتسريع وتسهيل تشكيل الحكومة، ولكن وحسب مصادر سياسية مطلعة يبدو أن هذا التفاؤل مبالغ به وأنه تفاؤل إعلامي لا حقيقي.
يبدو أن رغبة الرئيس ميقاتي تشكيل الحكومة بسرعة صادقة، وهو قد أعطى نفسه مهلة شهر واحد لإنجاز هذه المهمة، لكن العراقيل موجودة لدى الطرف الآخر الشريك بالتأليف: رئيسي الجمهورية عون وباسيل.
فالعهد في وضع لا يحسد عليه وهو “كبالع الموس”، إن وافق على تشكيلة الرئيس ميقاتي ضمن السقف الذي رسمه نادي رؤساء الحكومات السابقين وباركته دار الفتوى، سيبدو وكأنه انتصار للرئيس ميقاتي ومن خلفه الرئيس الحريري، وهزيمة للعهد، وأن التعطيل كان نتيجة كيدية سياسية ورغبة في إلغاء الرئيس الحريري من المعادلة، وإن رُفضت التشكيل فسيبدو أن العهد هو المعرقل والرافض للحل. بالرغم من الطوباوية التي ظهر بها رئيس الظل في الجمهورية اللبنانية جبران باسيل، والتعفف عن المشاركة بالحكومة، والإنتقال إلى صفوف المعارضة!!! إلا أن المؤتمر الصحافي للأخير فضح لعبة تبادل الأدوار بين رئيسي الجمهورية، فبعد أن حمل الرئيس ميقاتي تشكيلته حول توزيع المقاعد الوزارية على الطوائف دون أسماء الوزراء إلى بعبدا واستمهال الرئيس عون للإطلاع عليها واتخاذ الموقف المناسب، خرج رئيس الظل ليعلن بطريقة غير مباشرة رفضه لهذه التشكيلة، وبالتالي سيتبلغ الرئيس ميقاتي رفض الرئيس عون لها، والعودة إلى المربع الأول.
في كتابه ” أسرار الطائف” يورد جورج بكاسيني إنقلاب العماد ميشال عون على كل الإتفاقات التي كانت تحصل بينه وبين الفرنسيين والأميركيين والسوريين، وبينه وبين البطريرك صفير والنواب المسيحيين المشاركين في الطائف، وأن الهدف الأساسي كان كرسي رئاسة الجمهورية، ولا يختلف واقع اليوم عن الأمس بفارق أن المرشح للرئاسة هو جبران باسيل، وإن الإصرار على الثلث المعطل ووزارة الداخلية هو لحماية المستقبل السياسي للوزير باسيل، هذا المستقبل الذي لا يبشر بالخير، وانتزاع الموافقة على وصوله إلى سدة الرئاسة، ولو كان الثمن خراب البلد.
تكثر العبارات العاطفية والمجاملات التي يتبادلها كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وهو أمر جيد، لكنها لا تكفي، ولا يكفي بث الأجواء الإيجابية وإشاعة التفاؤل لأنه وحسب قول رئيس مجلس النواب نبيه بري” العبرة في التأليف”.