كل المؤشّرات أمس كانت تدل على أن الرئيس المكلّف سعد الحريري سيزور بعبدا حاملاً تشكيلة «الإحراج» فـ«الإخراج»، وخصوصاً انه استبقها بالترويج لمقابلة تلفزيونية على قناة «الجديد» اليوم بعنوان «من دون تكليف».
الزيارة نفسها لم تخلُ من هذه المؤشرات: مدتها القصيرة نسبياً، ردّ الحريري الحازم على كلام رئيس الجمهورية عن ضرورة التعاون لإنقاذ البلد، بما مفاده أن «هذه هي التشكيلة ولك أن تقبلها كما هي أو ترفضها»، من دون ان يبدي مرونة من نوع الاستعداد لمناقشة اسم معين مثلاً، ناهيك عن وضعه «مهلة» ساعات (سلّم التشكيلة عصر أمس وطلب الجواب قبل ظهر اليوم) للرئيس عون من أجل الردّ ايجاباً أو سلباً.
وحتى عندما أشار رئيس الجمهورية الى ان التشكيلة تضمّنت تراجعاً عن توزيع الحقائب تم الاتفاق عليها سابقاً من ضمن مبادرة الرئيس نبيه بري، وتضمّ أسماء جديدة «بدنا نشوفها ونتشاور»، كان جواب الحريري مجدداً: «لأ… بكرا»، وهو ما دفع عون لاحقاً إلى التعليق أمام الصحافيين بالقول: «بيأمر».
هكذا، بدا الحريري أمس كأنه ينفّذ سيناريو الاعتذار كما رُوّج له منذ أيام بحذافيره: يزور القاهرة ويتبلّغ من المصريين موقفاً مؤيداً لقراره بالاعتذار، ويعود ليرفع تشكيلة يعرف أن عون سيرفضها، فيعتذر ويُعلِن عن الأسباب في مقابلته التلفزيونية.
لكن ماذا سيفعل الحريري إذا لم يتبلّغ من رئيس الجمهورية اليوم جواباً نهائياً، علماً بأن لا مهل محددة تجبر الأخير على ذلك، فهل يعتذر قبلَ الجواب؟».
مقرّبون من رئيس الجمهورية رجحوا بأن عون «لن يعطي للحريري ما يريده. الأكيد أنه لن يقبَل بالتشكيلة كما هي، لكنه لن يرفضها، بل سيفتح باباً لمناقشتها، انطلاقاً من أنها قابلة للأخذ والرد».
أكثر من ذلك، فإن مصادر معنية بالتأليف، رداً على سؤال لـ«الأخبار» عن احتمال القبول بالتشكيلة لاحراج الحريري الذي قال في تصريحه إنها «قادرة على وقف الانهيار»، لم تستبعد ذلك تماماً، مشيرة إلى أن هذا «احتمال قائم»!
أضف إلى ذلك أن الأجواء التي جاءت من القاهرة التي استقبلت الحريري أمس للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، ألقت شكوكاً على خطوة الاعتذار، وأوحت بإمكان تعديل مجريات المسار الحكومي، ولا سيما أن الحريري «لا يستطيع تجاهل موقف القاهرة التي نبّهته من الاعتذار، لأن مصر هي آخر حاضنة عربية له»، وفي الوقت ذاته «لا يمكنه أن يخسَر سنده الوحيد في الداخِل، الرئيس نبيه برّي الذي يُعارض فكرة الاعتذار، وحاول مراراً إقناعه بالتراجع عنها».