حسنّ الدّر_ ليبانون تايمز
رافق التّوفيق المقاومةَ الفلسطينيّة منذ اللّحظة الأولى، منذ أن اختار القائمون عليها اسم “سيف القدس” ردًّا على عمليّة “حارس الأسوار”، فشقّ السّيف الأسوار، وصرع الحارس المتعجرف، وما على بنيامين نتانياهو إلّا أن يحزم حقائب سجنه، بعد الهزيمة الأكبر في تاريخ كيانه الغاصب، وينتظر دوره في مقبرة التّاريخ.
فما حصل في اليومين الأخيرين ليس عاديًّا، فلسطين انتفضت من البحر إلى النّهر، وتوحّدت الحناجر والحجارة والخناجر بعد سنين من الفصل والعزل والذّلّ على المعابر.
أضيئت السّماء بعشرات الرّشقات الصّاروخيّة، من غزّة، إلى تلّ الرّبيع (تل أبيب)، نعم يا جهابذة الحرب وجنرالات العسكر، غزّة تدكّ عاصمة الكيان وتذلّ جبروته!
تلك غزّة المحاصرة، المقروءة، عسكريًّا وأمنيًّا، ككفّ في يدّ عرّافة، المغصوبة الماء والكهرباء والهواء، تحبل أرضها بالصّواريخ الدّقيقة، ذات الأمداء العميقة، فتمرّغ أنف تل الرّبيع.
وقبل أن تحرق مصافي النّفط وتشعل النّار في الطّرق والأحياء في العاصمة الغاصبة، تلقي السّلام على الضّفة والخليل واللّدّ والأقصى وكل المخيّمات في الدّاخل والشّتات، ثمّ تدكّ جبروت الكيان، وعنجهيّة نتانياهو، وكلّ من مكّنهم من رقاب الفلسطينيين.
ما حصل في اليومين الأخيرين ليس عادّيًّا، فتوحيد الجبهة، وتوليد الثّورة، من رحم جيل، ظنّوا بأنّهم طوّعوه وهجّنوه ودجّنوه، صعقهم، وسحق آخر آمالهم بإدخال القضيّة في غياهب النّسيان.
شعب الجبّارين صفعهم، وذكّرهم بأنّ الحقّ لا يموت وهم من ورائه مطالبون.
ما حصل في اليومين الأخيرين حوّل القبّة الحديديّة إلى خردة بالية، فالحرب الخدعة لم تعد حاجة هنا، أبطال الميدان يحدّدون الزّمان بالسّاعة، والمكان بالمدينة والمستوطنة، ويقصفون ويصيبون ويحققون أهدافهم، وهذا في الحربّ ذلّ لإسرائيل ما بعده ذلّ.
يقول المقاومون: خذوا علمًا بالزّمان والمكان المناسبين، وستأتيكم صواريخنا من حيث لا تحتسبون.
ما حصل في اليومين الأخيرين ليس عاديًّا، لأنّ روح المقاومة عادت لتحرّك جسد الأمّة العربيّة، فانتفضت مشاعر التّأييد والتّضامن.
فرضت فلسطين نفسها مجدّدًا، بمظلوميّة أهلها، وأحقّيّة قضيّتها، فدقّت أوّل مسمار في نعش التّطبيع، وصفعت بأصابع أطفالها القتلى كلّ وجوه المطبّعين.
ما حصل في اليومين الأخيرين نصر مبين، يجب أن يستثمر ويبنى عليه، وألّا يضيع في دهاليز المزايدات والخلافات، ففلسطين القضيّة، والقدس البوصلة، وما دون ذلك تفاصيل باهتة.
إسرائيل سقطت، نعم سقطت من داخلها، سقطت بسقوط معنوياتها، وفشل خططها القصيرة والطّويلة المدى، فلا الفصل أثمر، ولا تمييع الأجيال آتى أكله، ولا ترسانة القتل والإرهاب نفعت.
لقد تغيّرت قواعد اللّعبة.. قوّة الحقّ غلبت حقّ القوّة، وما بعد قصف تلّ أبيب ليس كما قبله، هذه نقطة تحوّل كبرى، وإنّ غدًا لناظره قريب..