حدت حشود كبيرة من المواطنين، إجراءات الاحتلال، ونزلت عند الكثير من مناطق التماس، رفضا للاستيطان والهجوم الشرس الذي تتعرض له مدينة القدس منذ بداية شهر رمضان، حيث شهدت تلك المناطق مواجهات شعبية حامية الوطيس، أسفرت عن وقوع عشرات الإصابات.
مواجهات شعبية
وأصيب عشرات المواطنين بالرصاص المعدني والإسفنجي، وبحالات الاختناق بالغاز المسيل للدموع، خلال اعتداء جيش الاحتلال، على المشاركين في مسيرة بلدة كفر قدوم الأسبوعية المناهضة للاستيطان، والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ 16 عاما.
وقد أطلق الجنود قنابل الغاز المسيل للدموع، صوب المواطنين ومنازلهم، ما أدى الى إصابة العشرات بالاختناق، بينهم نساء وأطفال، فيما قام الشبان بوضع المتاريس في الطرق، وأشعلوا النيران في إطارات السيارات، ورشقوا الجنود بالحجارة.
كذلك اعتدت قوات الاحتلال على المشاركين في الفعالية الشعبية المناهضة بالاستيطان، والتي انطلقت من بلدة بيت دجن شرق نابلس شمال الضفة، وأوقعت إصابات في صفوف المشاركين فيها، وقالت مصادر محلية إن من بين المصابين كان منسق اللجنة الشعبية للدفاع عن الأراضي في بيت دجن – نصر أبو جيش، حيث أصيب برصاصة في القدم، وأيضا نضال مليطات عضو إقليم حركة فتح في نابلس، الذي أصيب برصاصة مطاطية في الرأس أثناء مشاركته في المسيرة، علاوة عن العشرات الذين أصيبوا بحالات اختناق.
وأطلقت قوات الاحتلال النار على مواطن، لدى تواجده قرب مفرق مستوطنة “أفرات” جنوب بيت لحم، وأفاد مصدر أمني بأن قوات الاحتلال فتحت نيران أسلحتها على مواطن لم تعرف هويته حتى الآن، ما أدى لإصابته.
وقد اعتدى مستوطنون على أهالي حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، وهاجموا منازل المقدسيين، حيث تصدى لهم الشبان واندلعت في المكان مواجهات.
وعلى غرار الأسابيع الماضية، أقام مواطنون صلوات ظهر الجمعة، في عدة أماكن مهددة بقرارات الضم والمصادرة، لصالح توسعة المستوطنات، بناء على دعوات قيادة الفصائل وهيئة مقاومة الاستيطان.
آلاف يتدفقون للأقصى
إلى ذلك فقد أم المسجد الأقصى نحو 60 ألف مصل، قدموا من عدة مناطق بالضفة الغربية ومن القدس المحتلة، ومن مناطق الـ 48، وأدوا صلاة الجمعة الثالثة من شهر رمضان، وقال مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الشيخ عزام الخطيب إنه رغم إجراءات الاحتلال المشددة، تمكن المصلون من الوصول إلى الأقصى قادمين من أراضي الـ48 والضفة الغربية، إضافة إلى أهالي القدس.
وعقب الصلاة خرج الآلاف بمسيرة شعبية مؤكدة على حماية المسجد الأقصى المبارك من استهداف الاحتلال، وكذلك صون مدينة القدس ومواصلة التصدي للاحتلال.
ومنذ ساعات الصباح الأولى، انتشرت فرق كبيرة من شرطة الاحتلال، في أرجاء المدينة، ضمن خطة عسكرية، تحسبا لتصاعد موجة الغضب الشعبي الرافض لإجراءات الاحتلال في المدينة ومحيط الأقصى والتي بدأها الاحتلال مطلع شهر رمضان، واشتملت على إغلاق منطقة ساحة باب العمود، بالحواجز الحديدية، والتي تراجع عنها منتصف الأسبوع الماضي، خضوعا لهبة جماهيرية عارمة، عمت كافة المناطق، ومدينة القدس، وأسفرت عن وقوع عشرات الإصابات في صفوف المواطنين الذين نزلوا لمناطق التماس، واعتقال عدد كبير منهم.
وقد منعت سلطات الاحتلال الإسرائيليّ الكثير من أهالي الضفة من الوصول إلى مدينة القدس، لأداء صلاة الجمعة الثالثة من رمضان، بعد أن اشترطت حصول الراغبين بالصلاة في المسجد، على اللقاح المضاد لفيروس “كورونا”.
وقد حرص الفلسطينيون على أداء الصلاة في رحاب المسجد الأقصى، في إطار تأكيدهم على رفض تهويد المدينة، أو تقسيم المسجد الأقصى مكانيا وزمانيا، والجدير ذكره أنه قوات الاحتلال، التي هاجمت المصلين المقدسيين في صلوات المغرب والعشاء والتراويح، ومنعت عنهم وجبات الإفطار، واعتقلت عددا منهم لحظة الخروج من المسجد، وفرت في ذات الوقت الحماية المشددة على مدار أيام الأسبوع الماضي، للمستوطنين خلال قيامهم بتنفيذ اقتحامات مكثفة لباحات المسجد الأقصى، والعديد من المناطق التاريخية في الضفة، لإقامة “طقوس تلمودية”.
جدير ذكره أن الأسبوع الماضي، شهد قيام جيش الاحتلال بتكثيف عمليات الاقتحام للبلدات والمدن الفلسطينية، وتنفيذ عمليات اعتقال واسعة، رغم أجواء شهر رمضان، وطالت الاعتقالات شبانا وأطفالا، كما تخللها الاعتداء على العشرات بالضرب والإصابة بالرصاص وحالات الاختناق، كما أمرت قوات الاحتلال بطرد مواطنين من مساكنهم، علاوة عن إصدار أوامر بالاستيلاء على مساحات من الأراضي، وقيامها بأعمال توسعة لعدة مستوطنات.
ونصبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أيضا كاميرات مراقبة جديدة بحارة جابر في البلدة القديمة من الخليل، وتحديدا في محيط منازل المواطنين، في منطقة حارة جابر، وثبتتها على أبراج نصبت خصيصا لذلك، ما يخرق خصوصية السكان.
وترافق ذلك مع هجمات إرهابية نفذها مستوطنون، تخللها الاعتداء على المواطنين بالضرب، وتجريف أراض بهدف إقامة بؤر استيطانية جديدة، وكذلك خط شعارات عنصرية ضد العرب والفلسطينيين، وإحراق وتكسير عدد من المركبات الفلسطينية، كما قام مستوطنون بمهاجمة مركبات فلسطينية خلال سيرها على الطرق ما تسبب في إصابة مواطنين.
وخشية من تنفيذ مخططات الترحيل القسري، الذي يريد الاحتلال تنفيذه، كان ممثلون عن 28 عائلة فلسطينية من حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، إضافة إلى 191 منظمة داعمة لهم، وجهوا رسالة إلى مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، للمطالبة بالإدراج العاجل للتهجير القسري لهم من الحي، في إطار التحقيق الجاري في الحالة بفلسطين، وبحسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فإن العائلات دعت بحسب الرسالة، مكتب المدعية العامة إلى تضمين “جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية” ذات الصلة بتهجيرهم القسري كـ “جزء من التحقيق، بما في ذلك النقل القسري، والاستيلاء على الممتلكات، والاضطهاد، والفصل العنصري”.
وتضمنت الرسالة إلى المدعية العامة توضيحا بشأن مصير 87 فلسطينيًا وفلسطينية في حي الشيخ جراح، معرضين لخطر الإخلاء القسري الوشيك، بما في ذلك أربع عائلات بحلول الثاني من مايو المقبل، وثلاث عائلات أخرى بحلول الأول من أغسطس، وذلك بعد صدور قرارات قضائية من المحاكم الإسرائيلية لصالح منظمة استيطانية.
دعوات للتصعيد
ومن أجل قطع الطريق أمام خطط الاحتلال، أكدت القوى الوطنية والإسلامية على أهمية توسيع رقعة المشاركة الشعبية الفاعلة “في مواجهة الاحتلال وجرائمه في كل مناطق التماس والاستيطان الاستعماري والجدران والحواجز العسكرية والأراضي المهددة بالمصادرة”.
كما دعت فصائل المقاومة في غزة، الشعب الفلسطيني، لأن ينتفض في كل أماكن تواجدهم دعما وإسنادا لأهالي القدس، وقالت “لا خيار أمام الفلسطينيين إلا المواجهة وإدامة الاشتباك مع العدو الصهيوني”. وأكدت على أهمية “اعتماد نهج المقاومة الشاملة بكافة أشكالها وإشعال الأرض تحت أقدام الصهاينة جنوداً ومستوطنين ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال”.
من جهتها طالبت وزارة الخارجية والمغتربين، من مجلس الأمن الدولي، اتخاذ إجراءات وتدابير عملية كفيلة بوضع حد للاحتلال والاستيطان ووقف الانتهاكات والجرائم التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني والمقدسيون بشكل خاص، وأكدت أن عزوف مجلس الأمن عن ممارسة مهامه وصلاحياته كما هو منصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة، وعدم تنفيذ قراراته الخاصة بالحالة في الشرق الأوسط وبالقضية الفلسطينية تحديدا، “يحوله إلى منتدى عالمي يقف عند حدود تشخيص الحالة، ولا يلتزم بمسؤولياته بصفته أعلى هيئة دولية يقع على عاتقها الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين”.
اعتقالات
إلى ذلك فقد استبقت قوات الاحتلال، الفعاليات الشعبية المنددة بالاستيطان، ونفذت عدة حملات دهم لمناطق الضفة الغربية، حيث اعتقلت قوات الاحتلال، فجر الجمعة، الأسير المحرر محمد العامل من مخيم جنين على حاجز عسكري، قرب بلدة عرابة جنوب المدينة.
وقد اعتقلت قوات الاحتلال ليل الخميس عددا من الشبان، المتواجدين في ساحة باب العامود بالقدس المحتلة، واعتدت على المتواجدين هناك بشكل وحشي، حيث رشتهم بالمياه العادمة.
كنا اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي شابين قرب حاجز قلنديا شمال القدس المحتلة، وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال أوقفت سيارة الشابين، وقامت بإنزالهما بشكل وحشي وتكبيلهما واعتقالهما.
وفي بيت لحم، اقتحمت قوة خاصة للاحتلال جبل الموالح ببيت لحم، وداهمت عددا من منازل المواطنين وفتشتها وخرّبت في محتوياتها، واعتقلت من هناك ثلاثة مواطنين.