زهراء شرف الدين – ليبانون تايمز
الوضع اللبناني على حاله، لا تطورات ولا انفراجات، المشهد العام يتجه إلى الأسوأ، فالحلول بعيدة في ظل سلطة تتعامل بشخصنة، و”ولدنة” و”تكسير رأس”، رامية وراءها شعبا يتجه ليس إلى المجهول كما يصف البعض حال البلد، بل إلى القاع بكل اتجاهاته، إلى كارثة وفوضى اجتماعية وأمنية أساسها إقتصادية.
حاكم مصرف لبنان المتهم أخيرا من قبل سويسرا، لا ينفك “يلعب” بأعصاب الناس بتصريحاته المتضاربة على وسائل الاعلام، حول رفع الدعم، دون تحديد موعد رسمي، ففي شهر أب الماضي، قال سلامة أن هناك 19.5 مليار دولار، والاحتياط الإلزامي 17.5 مليار، وبالتالي يمكنه الاستمرار بالدعم شهرين ونصف، ولكن إلى الأن الدعم مستمر، في هذا السياق أوضحت الخبيرة الاقتصادية فاطمة رحال جابر لموقع “ليبانون تايمز”، ان “السبب في هذا التضارب يكمن في الودائع التي سحبها المودعون على سعر الصرف 3900 بناء للتعميم الأساسي 151، وهكذا يمكن ان يكون قد تحرر جزء من الإحتياطي الموجود حتى يصبح قابل للاستخدام أكثر”.
وأضافت رحال أن “التحويلات من الخارج للجمعيات وغيره التي تحول بالدولار وتسلّم بالليرة، يستفيد منها المصرف المركزي، وهي تحرر أيضا جزءاً من الودائع التي ستكفينا حوالي الشهرين، لأنه تقريبا كل شهر يتكلف مصرف لبنان حوالي نصف مليار دولار على الدعم”.
وأشارت رحال الى أن “الدعم قد كلّف حوالي 6 مليار دولار خلال عام 2020 حيث غطّى المشتقات النّفطيّة والفيول بما يقارب 3 مليار دولار، والدّواء حوالي مليار ونصف، والسلع الغذائية بـ 450 مليون دولار، أمّا القمح فكلّف فقط 150 مليون دولار”.
وعن أثار رفع الدعم اعتبرت أنه “سيكون له اثار وخيمة تسرّع في عجلة الانهيار، سيتم اقفال العديد من المصالح، وستتراجع حركة التّجارة مما ينعكس سلبا على الاستهلاك والنّاتج المحلّي الإجمالي”، مشيرة إلى أن “توقّعات البنك الدّولي أشارت إلى تراجع حادّ في معدّل نمو النّاتج المحلّي الإجمالي الحقيقيّ إلى -19.2% عام 2020، بعد انكماشه -6.7% عام 2019، وسترتفع نسب البطالة، وسيزيد الطّلب على الدولار ممّا يرفع من سعره ويخفّض قيمة العملة الوطنية وبالتّالي تزيد الأسعار فيرتفع مؤشر التضخم الّذي وصل الى 137 بالمئة على أساس سنويّ، وتتآكل القدرة الشرائية للأجور الّتي يبلغ الحدّ الأدنى لها 675000”.
وفيما خصّ الآلية التي ستعتمد في حال تم رفع الدعم قالت رحال أنه “حتى الأن لا كلام متعلق بالدعم، إن كان سيرفع كليا أم جزئيا، لذلك يحكى عن البطاقات الموجهة التي تستفيد منها فئة معينة، لأن الدعم يستفيد منه الغني كما الفقير وإلا فكارثة ستحل على الشعب”.
وأفادت بأن “هناك دراسة للبنك الدولي، ويبدو أن وزارة الاقتصاد ستتبناها، وهي أن يعطوا 50 $ بالسنة الأولى لكل الأشخاص فوق ال 23 سنة و 25$ لما دون، ثم على سنتين يعطوا 40$ للبالغين و 20$ أقل من عمر23، وبعدها 30$ لأخر سنتين، أي عبارة عن 5 سنوات، استثناء منها 20% من السكان، وهذا نموذج يحكى به، ولكن لا قرار 100% حتى الأن”.
ورأت رحال أن “مشكلة لبنان تكمن بغياب برنامج يحدد عدد الأسر الفقيرة ودخلها في لبنان، فالإحصاءات غائبة، لذلك من الأفضل إعطاءها لكل اللبنانيين مع بعض الاستثناءات كالمدراء العاميين وغيرهم”.
وأكدت رحال أن “الدعم خلق معه مشكلات متعدّدة، وهذا ما ظهر في تقرير لممثلتين من اليونيسيف ومنظمة العمل الدّوليّة، فهو يساهم في مزيد من التفاوت الطبقيّ وبالتالي غياب العدالة الاجتماعية، كما أنّ المنتفعين بشكل أساسيّ هم بعض التّجار والمحتكرين وخصوصا الّذين عمدوا إلى تخزين السلع في مستودعاتهم، وساهموا في فوضى في التّسعير والتّلاعب بالأسواق، بالإضافة إلى بروز مشكلة التّهريب لقسم من السّلع المدعومة إلي الخارج”.
مصطلح الدّعم انتشر بين المواطنين اللبنانيين، حتى أوحي لهم أنّ المشكلة ستحل في حال العزوف عن رفع الدّعم، ولكن من أصل 80% من الدعم الحكومي يستفيد الفقراء بما نسبته 20% فقط بينما 50% منه يعود للميسورين من السّكان، إذا تم رفع الدعم سندخل بمشكلة كبيرة، اجتماعيا واقتصاديا، صحيا وأمنيا لأن 55% من الشعب اللبناني أصبح من الطبقة الفقيرة بعد أن كان 10% فقراء، وإذا بقي الدعم على حاله سيؤدّي إلى استنزاف الاحتياطي من العملات الأجنبيّة، لذلك من المفترض أن يؤمن البديل، فالدعم على حاله سيضعف البلد، ورفعه سيضعف المواطن.