وجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة الجمعة إلى اللبنانيين لهذا الأسبوع أشار فيها إلى أن “مشكلتنا الرئيسية، هو أن تجار هذا البلد والطبقة السياسية فيه، وجماعة النفوذ والسلطة والاحتكار يتعاملون مع البلد كبورصة أرباح، إلا القليل القليل، والواجب الشرعي والإنساني في هذه الأيام الأكثر شدة إعانة الضعيف، وإغاثة الطبقات المتروكة لذئاب البلد وأفاعي الصفقات المالية والسياسية والعائلية، التي حولت أكثر أسر هذا البلد إلى فقراء بلا نصير”، معتبرا أن “واجبنا الديني والوطني التضامن، التعاون، التكافل، بعيدا عن الدين والمذهب والمنطقة، لأن المعيار عند الله هو الإنسان، وكرامته وحقوقه. وهذا ما نفتقده في هذا البلد، إلا عند قلة، وسط مشروع دولة منهار، وسلطة فاشلة، وإدارات عامة أشبه بمزرعة، وضخ أكاذيب، ومكابرة سياسية وفساد تجار، ومافيات مصارف ورجال أعمال ولصوص أموال”.
ووجه خطابه للطبقة السياسية بالقول: “لقد تغير لبنان بشدة، والبلد الآن في مقلب آخر، ولا نريد أن ندفع نحو الفوضى، لكن من غير المقبول أن تشبعوا ويجوع الشعب، وأن تأمنوا ويضيع الشعب. والمهمة الرئيسية اليوم وغدا تمر بتصحيح التاريخ المعاصر، وإنقاذ لبنان يكون بالتغيير السياسي على قاعدة الوحدة الوطنية”.
وعن الإقفال العام بسبب فيروس كورونا، اعتبر أن “الإغلاق مهم، لكن الدولة التي ما زالت تحصد ضرائب ورسوما بشكل هستيري، عليها واجب الدفع للطبقات المحتاجة التي تزيد عن ال60%، وليس للصفقات والسماسرة الذين كشفوا البلد عن إفلاس تاريخي. والدولة الآن تأخذ ولا تعطي، تحمل مسؤوليات للناس ولا تريد أن تتحمل مسؤولية الناس، وهذا أمر مدمر، سيدفع الناس للتمرد وسيساهم في تدمير مشروع الدولة”.
وعن موضوع الحكومة رأى أن “من يترك البلد في هذا الفراغ القاتل هو خائن، وخائن من يساوم على جوع اللبنانيين، وخائن من يستثمر بالحصار الخارجي وخنق اللبنانيين، وخائن من يلعب بالدولار وخائن من يحتكر الأسواق، وخائن من يساهم بتفليس البلد. والذي يعتقد أن تجويع شعبنا وناسنا يعطيه القدرة على قلب الطاولة هو واهم، والتاريخ سيحاسبه”. وحذر “من سياسة قتل الإنسان في هذا البلد، لأن الجوع والفقر والاحتكار شرد عشرات آلاف الأسر. نعم هناك آلاف الفقراء في الطرق وتحت الجسور بلا مأوى وبوضع مخيف، في حين قوانين الصحة والضمان والرعاية الاجتماعية قاصرة بشدة عن تأمين حقوق المواطنين، بل للأسف أحيانا يتعامل المسؤولون عن هذه الملفات بطريقة خالية من الضمير”.
واعتبر أن “البلد غابة فلتانة، والطبقة السياسية عينها على النفوذ، وليس على شعبها الذي يعيش في أزقة وأحياء أشبه بالمقابر، ولطالما استنجدنا بأهل الخير لخدمة الناس، فهناك من يلبي ويقدم ويخدم بدافع دينه وإنسانيته وأخلاقه، ولكن يبقى التنديد بالطبقة السياسية المالية التي اعتاشت على نهب الدولة ومرافقها ومواردها ثم تخلت عن ناسها، يجب أن يعرف الناس أن هذه الطبقات خائنة ومتوحشة، همهما مزارعها وشركاتها وعائلاتها وليس الناس، وهي عين الخيانة لله وللوطن وللناس. فلا يجوز أن يبقى لبنان رهين هذه الطائفة المتوحشة من السياسيين التي دفعت بالبلد نحو الهاوية والإفلاس، وتمارس الآن دور السيطرة على شراء أصوله بثمن بخس. ولن أقول لكم أيها السياسيون اتقوا الله بناس هذا البلد، لأن المتقين هم من يحمل هم الناس في ظل هذه الظروف الصعبة”.
أضاف: “إننا ندرك جيدا أن أزمة لبنان من أزمة المنطقة، والقضية قضية ملفات أكبر من لبنان، إلا أن تفليس البلد وصفقاته كانت داخلية بامتياز، وهذا يدفع نحو إيجاد قوة وطنية تعمل على إنقاذ مشروع الدولة من الموت السريري، كما يعني أن لبنان بحاجة إلى عملية سياسية كبيرة، وضغط وطني لإنقاذه من مافيات التجارة السياسية، نحن بحاجة إلى هدم بعض القصور التي تورطت بإفلاس البلد، ودفعت به نحو الهاوية، بحاجة إلى انتفاضة قوى وطنية بعيدا عن اللعبة الطائفية، لأن الأمور نحو الأسوأ، وتذكروا أن الرئيس الجديد لأميركا بايدن من الممكن أنه يختلف عن ترامب، ولكنه في نهاية الأمر هو حليف لإسرائيل، وسياسته في لبنان بالطبع ستصب لصالح تل أبيب، ما يعني أن الاعتماد على خيار الغرب كمنقذ هو أمر فاشل وغير مجد، ولذلك لا بد من خيار آخر. واقتنعوا أيها السياسيون الشرق اليوم هو ضرورة وطنية وإنقاذية وسيادية، لقد جربتم الغرب في ما مضى، ومن يستثمر في الغرب همه فقط مزرعته وليس البلد ومصالح الناس”.
ودان “التفجير الإرهابي الخطير الذي وقع في بغداد، وذهب ضحيته عشرات الجرحى والشهداء”، لافتا إلى أنه “مذبحة تعبر عن عقلية داعش الوحشية، والتي تعيد واشنطن بشراكة قوى إقليمية إحياءها. فليحذر الإخوة العراقيون من عقلية القتل ووحشية الفكر الذي أنتج داعش، فهناك من يريد للعراق الحبيب أن يبقى ساحة قتل، بخلفية مشروع أميركي تطبيعي متعطش للخراب، تماما كما يحصل الآن في البيداء السورية القريبة من الحدود العراقية، والعين على لبنان. فالمطلوب من العراقيين، دولة وحشدا وشعبا، الرد بالوحدة والتكاتف والاندفاع لتطهير العراق من أعداء سيادته ومشروعه الوطني وخطه المقاوم، خاصة عسس الأميركي وشركائه، ما يفترض تأمين أعلى الجهوزية الأمنية لحفظ العراق الوطن”.