طغى التوتر الأميركي الإيراني على النقاش الإسرائيلي في الساعات الأخيرة، وبحث تبعاته المتوقعة ، في ضوء الاستياء من عدم رد واشنطن على طهران.
وقال دبلوماسي إسرائيلي إن “التوتر المتصاعد بين إيران والولايات المتحدة يظهر أن من دوافعه الجهود التي تبذلها إسرائيل والسعودية لدفع الرئيس دونالد ترامب لهذه المواجهة، دون أن يمنح نفسه هامش مناورة، ولا يكون لديه تحالفا دوليا ضد إيران، مما تسببتا بأن يظهر بمشهد مخيب للآمال”.
وأضاف ألون بنكاس القنصل الإسرائيلي السابق في نيويورك بمقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، أنه “مع مرور الوقت، تصبح الحرب بين طهران وواشنطن قابلة للتحقق فعلياً، لكن السيناريوهات التي كانت شائعة في السابق حول القيام بحملة جوية أمريكية مركزية تنفذ عملية جراحية معقدة تسفر عن تدمير البنى التحتية النووية الإيرانية خلال ساعتين يحيط بها كثير من الشكوك وعدم الدقة”.
وأشار إلى أن “بقاء إسرائيل جانبا تتفرج على هذا المشهد العسكري الأميركي الإيراني، دون تورط، كما يروج لذلك عدد من السياسيين في تل أبيب، تقدير يفتقر إلى الحقيقة”.
إيتمار آيخنر المحلل السياسي الإسرائيلي قال إن “إسرائيل قلقة من رد الفعل الأميركي الفاتر تجاه إيران، الأمر الذي قد يسفر عن تصعيد في المنطقة، حتى أنه في حال اندلاع مواجهة عسكرية بين طهران وواشنطن فإن الأولى قد تذهب لسيناريو التحرش بتل أبيب من خلال أذرعها في المنطقة”.
وأضاف في مقاله بصحيفة يديعوت أحرونوت، أن “رد الفعل البارد الذي صدر عن إدارة ترامب قد يدفع الإيرانيين لزيادة استهدافهم لناقلات النفط في مضيق هرمز، والصعود خطوة جديدة في التصعيد الحاصل، خاصة وأن الاستخبارات الإسرائيلية تعتقد أن نظيرتها الإيرانية وصلت لقناعة بأن ترامب ليس بوارد الدخول في حرب مع طهران، ولذلك تذهب معه لاتباع سياسة شفا الهاوية”.
وأشار إلى أنه “كان متوقعا أن يصدر ترامب تعليماته بتوجيه ضربة عسكرية لإيران، على أن تكون موضعية، ولكن في حال دخل الجانبان بمواجهة مفتوحة، فإن الإيرانيين بصدد استهداف مواقع إسرائيلية، وربما أهداف يهودية في الخارج، وإمكانية نشوب تصعيد عسكري في الجبهة الشمالية أو غزة”.
رون بن يشاي الخبير العسكري الإسرائيلي قال إن “التراجع الذي أبداه ترامب أمام إيران بحاجة لكثير من التفسير لمعرفة أسبابه، لأنه جاء بعكس كل التوقعات، في ظل صدور معلومات تقول أنه أصدر قراره بشن ضربات موضعية في إيران، لكنه تراجع في اللحظات الأخيرة، حين كانت الطائرات بطريقها لتنفيذ هجماتها”.
وأضاف في تحليل عسكري مطول أن “الاحتمال الأول لإلغاء ترامب عن مهاجمة إيران تلقيه رسالة منها تفيد بأن إسقاطهم للطائرة الأميركية جاء بطريق الخطأ، أو على يد قائد عسكري محلي، وربما كان لهذه الرسالة التصالحية الإيرانية دور بإقناع ترامب وطاقمه بأن إيران قد تعود لطاولة المفاوضات”.
وأشار إلى أن “السبب الثاني يكمن في أن إيران تعاني اقتصاديا، وتوجد في ضائقة مالية معيشية كبيرة بسبب العقوبات الأمريكية، ولذلك فإن توجيه أي ضربات ضد بعض أهدافها لن تؤثر كثيرا في الوضع السائد فيها، بل إنها قد تزيد من التفاف الشعب الإيراني خلف قيادته”.
وأكد أن “السبب الثالث يعود إلى أن الحرس الثوري فور إسقاط الطائرة الأميركية أخرج كل المعدات الثقيلة من مخازنه، التي قد تكون على دائرة الاستهداف الأمريكي، ولذلك ربما فضلت واشنطن الانتظار إلى لحظة تكون فيها المواقع المذكورة تعمل بكل جاهزيتها من المعدات والخبراء كي تكون الضربة مجدية”.
وأوضح أن “السبب الرابع هو أن ترامب يريد التعامل مع إيران بذات السلوك الجاري مع كوريا الشمالية، فهو يهدد ويتوعد، ولكن في اللحظة التي يبدأ فيها تشغيل محركات الطائرات يعود للمطالبة بالمفاوضات السياسية ، ويطبق القاعدة القائلة “أمسكوا بي”، والتظاهر بأنه جدي في تنفيذ تهديداته”.
وتحدث بن يشاي أن “هناك أخبارا حسنة وسيئة من حادث إسقاط إيران للطائرة الأميركية، فالحسنة أن إيران لم تذهب لتشغيل حلفائها في لبنان وسوريا للتحرش بإسرائيل كما كانت التوقعات، والسيئة أن لديها منظومات جوية قادرة على وضع صعوبات أمام إسرائيل والولايات المتحدة في حال حانت ساعة توجيه ضربات لقواعد الصواريخ الإيرانية”.
وختم بالقول أن “هناك أوجه شبه كبيرة في تعامل واشنطن مع طهران بتعامل تل أبيب مع غزة، لاسيما بعد سقوط صواريخ على تل أبيب، ومزاعم حماس بأن السبب هو البرق غير المقصود، الأمر الذي قد يجعل الغزيين بصدد الإمعان بتحدي إسرائيل، كما تحدت إيران الولايات المتحدة”.