اتُخذ القرار الذي كان يخشاه اللبنانيون بإقفال البلد 3 أسابيع للحد من الفيروس المستجد الذي ارتفعت أرقام الإصابة به في الأيام الأخيرة. رئاسة مجلس الوزراء عممت تفاصيل قرار الإقفال التام ليظهر كما الإقفالات السابقة أن المياومين الذين يؤمّنون بدل معيشتهم كل يوم بيومه هم أكثر المتضررين منه.
على الرغم من الصرخات السابقة التي أطلقها #المياومون عند التلويح بقرار الإقفال إلا أن صرختهم لم تلق آذاناً صاغية، ولم يأخذ المسؤولون بالحسبان الفئة الأكثر تضرراً خلال فترة الحظر، وكيف سيكملون حياتهم ويؤمّنون الطعام والحاجيات لعائلاتهم في حال توقفهم عن العمل، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يمر بها لبنان، حيث وصل سعر صرف الدولار إلى رقم قياسي، وكذلك أسعار السلع والخدمات.
فهل تجاهلت السلطة العمال المياومين كما في كل مرة عند اتخاذها قرار الإقفال التام، أم إن هذه المرة وضعتهم في الحسبان مقررة التعويض عليهم وعلى المتضررين من هكذا قرار، لا سيما أن الإقفال سيمتد لثلاثة أسابيع؟
وزير الاقتصاد راوول نعمة أكد لـ”النهار” أن “الدولة اللبنانية لا تملك المال من أجل تخصيص مبالغ للمتضررين من الإقفال، إلا أن مشروع الأربعمائة ألف ليرة الذي يشمل الآن 200 ألف عائلة وسيصل العدد إلى 400 ألف عائلة في المدى القريب لمساعدة جميع المحتاجين، يشمل المياومين، فهذه هي المساعدة التي يمكننا الآن تقديمها لهم”. وعن الضرر الكبير اللاحق بهذه الفئة، أجاب: “عندما تصل أرقام الإصابات إلى 5 و6 آلاف إصابة في اليوم، لن تستوعب المستشفيات العدد، عندها سيتوفى المواطنون على الطرق، فهل يقبل اللبنانيون ذلك؟!”، مشيراً إلى أنّ المشكلة تكمن في عدم الالتزام بالتدابير الوقائية من وضع الكمامة إلى تعقيم اليدين، لذلك وصلنا إلى هذه المرحلة، ففي بعض المناطق ألاحظ عدم التزام تام بوضع الكمامة، فعندما فتحنا من أجل الأعياد وطلبنا من المواطنين الالتزام والابتعاد عن الحفلات الكبيرة في المنزل والتقيد بالتدابير الوقائية لم يلتزموا وحصل ما حصل، فهل نترك الأمور كي نصل إلى 10 آلاف إصابة في اليوم؟ فاليوم المرضى لا يجدون سريراً في المستشفى”.
من جانبه، شرح المشرف العام على خطط لبنان للاستجابة للأزمة عاصم أبو علي عن مشروع “البرنامج الوطني للتكافل الاجتماعي” الذي “أطلقته وزارة الشؤون الاجتماعية في الربيع الماضي بالتعاون مع رئاسة الحكومة ووزارة الدفاع، حيث يقوم الجيش بمساعدة العائلات من خلال تقديم 400 ألف ليرة لكل عائلة”، وأكد أبو علي أن “المشروع مستمر من دون وجود مشروع خاص للمياومين، وهو يطال أكثر من 200 ألف عائلة، وإلى الآن تم توزيع 4 مراحل أي إن العائلات قبضت 4 مرات، وعما إن كان هذا المبلغ يكفي في ظل ارتفاع الأسعار أجاب: “بالتأكيد لا، لكن موزانة الدولة ضعيفة”، مشيراً إلى أن “أكثر من 60 في المئة من اللبنانيين يستحقون مساعدات عينية أو مادية لكن لا إمكانيات حالياً لمساعدة هذه الفئات التي نجد ضرورة ملحة لمساعدتها”.
إذاً لا تعويضات للمتضررين من الإقفال، فنحن في لبنان ولسنا في أوروبا! عن ذلك علّقت صاحبة بوتيك Estera في بئر العبد، رولا شهاب، وهي بالتأكيد متضررة من إغلاق باب رزقها، بالقول: “منذ بدء الأزمة التزمتُ كما باقي المحلات في السوق بكل القرارات، لكن الآن لم نعد نحتمل لعدة أسباب منها “أن القرار غير عادل، فالاستثناءات بعيدة عن المنطق، مثلاً إلى جانب محلي يوجد محل لبيع الهواتف يُسمح له بفتح أبوابه أما أنا فلا، ففي السوق الذي أبيع فيه الملابس كل المحلات تعمل من محلات الطعام إلى الشراب والهواتف، فقط نحن وبائعو الأحذية من تضررنا، فلماذا عليّ أن ألتزم فيما جاري لا؟ هل هو لديه إيجار وأنا لا؟ كذلك نحن لسنا موظفين بل نعمل بشكل يومي، فمن أين نعيش إذا أغلقنا محلاتنا؟”.
وقال سعيد، مالك محل لحلاقة الشعر، إنه من دون عمل لا يمكنه أن يشتري الحفاضات والحليب لطفله، وشرح: “اضطر إلى الاستدانة، وإذا حسبنا أن الأمر سيمتد لثلاثة أسابيع يعني أن عليّ العمل شهراً ونصف شهر لكي أدفع ديوني، لهذا أقصد منازل زبائني لحلاقة شعرهم لأؤمّن بضع حاجات لعائلتي”.