نشرت صحيفة “التايمز” افتتاحية، استشرفت فيها سياسات الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، في منطقة الشرق الأوسط “المضطربة”.
ولفتت الصحيفة، في تقريرها، إلى أن الشرق الأوسط من المناطق القليلة في العالم التي تشهد “تحسرا” على رحيل الرئيس دونالد ترامب.
فقد استهل ترامب رئاسته برحلة إلى السعودية، التي استقبلته باحتفاء كبير واستعراض مبهرج، وبريق صمم لمداهنة الرئيس الجديد، وهو ما كان ناجحا بالفعل، فقد تبنى سيد البيت الأبيض ولي عهد المملكة، محمد بن سلمان، وحماه من مسؤولية قتل الصحفي جمال خاشقجي، بحسب الصحيفة.
وأكدت الولايات المتحدة التزاماتها بأمن السعودية والخليج، وتخلت عن الاتفاقية النووية مع إيران، وزادت من العقوبات على طهران، وصولا إلى تحقيق “انتصار دبلوماسي نادر”، بالتوصل إلى تطبيع العلاقات بين بلدين خليجيين، هما الإمارات والبحرين، مع الاحتلال الإسرائيلي.
ونتيجة لهذا، بحسب الصحيفة، ستواجه إدارة جو بايدن المقبلة مواقف متشككة وعدوانية من بعض حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين، لو حاول الرئيس المنتخب، كما ألمح، العودة للاتفاقية النووية مع إيران.
وِأشارت “التايمز” إلى وجود أمرين يعقدان مهمة بايدن، الأول استئناف إيران برنامجها النووي، وسيطرة التيار المتشدد على الأمور في طهران، والثاني، تعامل العالم العربي مع الأخيرة كعدوه الأكبر وليس الاحتلال الإسرائيلي.
ورغم الدبلوماسية المكثفة لحل المسألة الفلسطينية من قبل الإدارة الديمقراطية السابقة، بحسب الصحيفة، فسيجد بايدن أن العالم العربي لم يعد يركز على تلك القضية، وبدلا من ذلك يريد التزاما أمريكيا بأمن الخليج، ووقف محاولات فك العلاقة مع المنطقة، وإظهار العضلات العسكرية التي وجدت الأنظمة العربية أن إدارة باراك أوباما لم تكن مستعدة لإظهارها في مجالات مثل مواجهة نظام بشار الأسد في سوريا.
وأضافت الصحيفة أن إدارة بايدن ستتعرض لضغوط من الداخل لعمل المزيد والقليل، فهي ستواجه مطالب باتخاذ مواقف متشددة من السعودية فيما يتعلق بحربها في اليمن، ومطالب بالتشدد مع تركيا؛ بسبب تدخل رئيسها في ليبيا، والمواجهة مع اليونان، وقرار شراء منظومة أس400 من روسيا.
لكن بايدن سيجد صعوبة في عكس سياسات وإلغاء قرارات اتخذها ترامب، مثل نقل السفارة الأميركية لدى الاحتلال الإسرائيلي من تل أبيب إلى القدس، كما ستواصل عمليات الانسحاب وتخفيض القوات، وإن بشكل بطيء، من أفغانستان والعراق.
وبحسب الصحيفة، فإن إدارة بايدن لن تكون قادرة على فرض دور أمريكي في المسألة السورية المعقدة، أو مواجهة فاعلة ضد التأثير الصيني والروسي بالمنطقة.
وعلاوة على ذلك، فالولايات المتحدة تنتج نفطها بنفسها، ولم تعد تحتاجه من الشرق الأوسط.
لكن المشاكل ستتفاقم، ورغم الأعباء التي يشكلها اللاجئون السوريون على دول المنطقة، فمن غير المحتمل عودتهم إلى بلادهم. أما الحرب ذات الوتيرة البطيئة، فستتواصل في ليبيا، وكذا الأزمة الاقتصادية في لبنان، والمجاعة في اليمن، والجمود السياسي في الجزائر، والقمع في مصر، في وقت تحاول فيه أوروبا الحذر في علاقاتها مع المنطقة، فيما ستواصل روسيا محاولة الاستفادة من الفراغ.
ورغم هزيمة “التطرف الإسلامي” في ساحة المعركة، بحسب تعبير الصحيفة، إلا أنه لا يزال “قوة تحت الأرض”.
وتختم التايمز بالقول: “كما اكتشفت الإدارة الديمقراطية السابقة، فلعب دور صانع السلام قد يكون محبطا. وربما تابع بايدن سياسة إدارة ترامب: إهمال متزايد للشرق الأوسط، وتركيز على تحديات أخرى”.