كشفت مصادر مطلعة على الملف الحكومي لصحيفة “الأخبار” أن عدداً من الأطراف كانَ ينصَح الرئيس الملكلف سعد الحريري في الفترة الماضية بالتواصل مجدداً مع الرئيس ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من أجل تأليف الحكومة، لكنه كانَ يُجيب بجملة واحدة “ما حدا يلزمني بالحديث مع باسيل”! ويصعب في رأي هذه المصادر عزل تصرفات الحريري عن المناخ الإقليمي – الدولي الذي يُحيط بلبنان في لحظة اشتداد المواجهة، لكنها تميل أكثر إلى ربطها باعتبارات لديه تتعلّق برهانه على سياسة الإدارة الأميركية الجديدة.
وبحسب ما أوردت صحيفة “الأخبار” فإن الحريري لم يكُن ثابتاً على موقف. ظنّ أن بإمكانه تجاهل باسيل، ما دامَ قد “حبكها” مع حزب الله وحركة أمل، واهماً بأنهما الى جانبه لمجرّد أنه يقبَل بأن يسمّيا هما الوزراء الشيعة. ثم لعِب الحريري على خطّ بعبدا، متذرعاً بالدستور، لحياكة تشكيلة يشاركه فيها عون وحده، علماً أنه لم “يحلِب صافياً معه”. وأوحى إليه بداية بأنه منفتِح وسيقبل بما يريده رئيس الجمهورية من وزارات وأسماء ثم عادَ وانقلب عليه، بحجة أنه محشور بحصص أطراف مسيحيين آخرين، حتى وصلت الأمور بينهما إلى حدّها، خلال اللقاء الأخير الشهير الذي كانَ فيه عون منزعجاً جداً. باعَ الحريري وليد جنبلاط وعوداً بحقيبتين (الصحة والشؤون الاجتماعية) وتراجع، ما دفع بجنبلاط الى رمي بعض التغريدات العالية السقف. وهكذا دواليك، أخذ الحريري يرمي أوراقاً ويسحبها على طاولة التوازنات والحصص، فيما بدأت تتكشف محاولاته تأخير التأليف الى السنة الجديدة. كما اعتبرت المصادر أن “الحريري والفرنسيين معاً يُفضّلان تجميد التأليف الى حين تسلّم بايدن، الذي من المتوقّع أن يذهب الى تفاهمات جديدة مع الأوروبين ودول الخليج، ما قد يتيح تأليف الحكومة بطريقة أسهل وأكثر نفعاً”. في المقابل، تردّ مصادر قريبة من الحريري بالقول إن “السبب الوحيد لتأخير التأليف هو أن عون وباسيل لا يزالان يتصرفان كما لو أن البلاد بخير، إذ لم يتبدّل شيء في أدائهما”.