د. حسن نعيم – ليبانون تايمز
تكثر التحليلات دائما بما خص التحالف القائم بين حزب الله والتيار الوطني الحر حول مدى قابليته على الاستمرار خاصة في ظل التطورات الأخيرة وأهمها العقوبات الاميركية على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
لا يمكن فهم طبيعة هذا التحالف والنظر الى مستقبله دون العودة الى ظروف نشأته وهي تتلخص بسببين:
١- حاجة الحزب الى حلفاء من غير الطائفة الشيعية لاعطاء شرعية لسلاحه
٢- عطش التيار للدولة والسلطة التي كان غائباً عنها.
هذان السببان يمكن تفصيلهما في صفحات، لكنهما باختصار اصل القضية والحلف. حاجة الحزب لحليف من غير طائفة لا يقدر بثمن، لاعطاء شرعية لسلاحه أو للظهور على الأقل للخارج بأن هذا خيار وطني لا حزبي او مذهبي، وهو ما يشكل مظلة خارجية امام محاولات العزل والحصار، وتصوير هذا السلاح على انه مختص بفئة من اللبنانيين وبأنه ليس خيارا وطنيا. وفي هذا يشكل التيار المسيحي الأكبر، حليفاً مميزاً بخلاف باقي الحلفاء الذين لا يتمتعون بتمثيل واسع في طوائفهم ولا في البرلمان.
اما من جهة التيار، فانه لن يجد حليف افضل من الحزب (الزاهد بالدولة وسلطتها لغناه عنها) وفي ثقله حيث يلقى دعمه، ويفيده ذلك في تحصيل مكاسب سلطوية لا يمكن أن يقدمها له اي حليف آخر، لا بل على العكس فان باقي الاحزاب تسعى ايضاً الى السلطة وترتطم مصالحها غالباً بمصالح التيار الحر الذي يسعى لأخذ كل شيء، وخير دليل على ذلك سلسلة الاتفاقات والتحالفات التي اجراها التيار مع المستقبل والقوات والمردة ثم تحولت عند تضارب المصالح الى عداوات سياسية.
ثم ان التيار لو فكر بفك التحالف من سيجد حلفاء؟ لا أحد. في الفريق المقابل لا القوات ولا الاشتراكي ولا المستقبل ولا احد يريد التحالف مع باسيل، رغبة باسيل الجامحة في الحصول على السلطة جعلت الجميع ينفر منه.
لكن هذا التحالف ليس بلا أكلاف، بل أنه صار يكلف اثماناً غالية عند الطرفين. فالحزب صار مثقلاً بتبرير مطالب التيار السلطوية ونهجه الطائفي، أو بالقفز فوقها وتجاهلها، بدءاً بالاختلاف الحاصل حول العداء مع اسرائيل، ثم الحديث الدائم عن حقوق المسيحيين، مروراً بتعطيل البلد للاتيان بميشال عون رئيسا للجمهورية، الى تجاهل مجلس الخدمة المدنية ونتائجه، سد بسري ومعمل سلعاتا، وغيرها من مشاريع التيار التي لا مبررات لها سوى جشع السلطة والحديث الطائفي.
اما من جهة التيار فالوضع اصعب، مسألة العداء لاسرائيل ليست عقائدية عند التيار وجمهوره بل على العكس، تكاد المطالبة بسلام مع اسرائيل تكون علنية، بعضهم يقول ان الحصار على لبنان سببه الحزب وسلاحه واستمرارهم بالتحالف صار يكلفهم غالياً ويعرضهم للعقوبات الاميركية كما حصل مع رئيسهم، وهذا ما أدى الى خروج بعض القياديين من عباءة التيار، وعدد المنشقين مرشح للارتفاع والخلافات داخل التيار مرشحة للتوسع.
اذا عدنا الى ظروف نشأة التحالف فانها ما زالت على ما كانت عليه، لا بل ان حاجة الحزب الى حليف مسيحي زادت اكثر في ظل الحصار على لبنان، كما أن سعي التيار نحو السلطة لم يتغير بل ان الاستحقاقات القادمة وخاصة رئاسة الجمهورية تفرض على التيار الابقاء على هذا التحالف والاستثمار فيه.
في الشكل، يقف الحزب في هذا التحالف في الجهة النظيفة، أما باسيل الذي يعاني دائماً من غياب النضج السياسي، فإنه يكاد يقولها علانيةً: نحن نبتزكم، نريد ثمناً لمنع عزلكم، وقد قال ما يشبه هذا الكلام في ذكرى اتفاق مار مخايل امام قيادات من حزب الله، ولعل هذه النقطة هي اكثر ما يزعج الحزب، التمنين بالتحالف.
في هذا التحالف الاثمان باهظة لكن البدائل غير موجودة.