زهراء شرف الدين – ليبانون تايمز
بات المواطن اللبناني يمضي ساعات النهار متجولا بين صيدلية وأخرى بحثاً عن الأدوية التي يحتاجها وإن وجد أي دواء فإن الصيدلي لا يبيعه سوى عبوة واحدة، بحجة أن المستوردين يوزعون على الصيدليات كمية محدودة ويجبروهم على شراء أدوية فوق ال 100 دواء من صنف آخر مكدس لديهم، لاعطائهم المقطوع أو ما يحاولون قطعه.
بدأت أزمة الدواء مع تردي الليرة اللبنانية، والحجة تقع على عاتق الدولار حيث قالت شركات الاستيراد انها تواجه صعوبة في الحصول على الاعتمادات المالية من مصرف لبنان من أجل الاستيراد، وتفاقمت الأزمة أكثر حين أعلن حاكم البنك المركزي رياض سلامة أن المصرف المركزي سيتوقف عن دعم المحروقات والطحين والدواء، ما جعل شركات الاستيراد والموزعين يلجؤون الى استغلال هذا الكلام، فعمدوا الى تقنين التسليم إلى الصيدليات التي هي الأخرى عمدت الى إخفاء العديد من الأدوية لبيعها أو تهريبها إلى الخارج قبل أن يتوقف الدعم، لأن الأسعار سترتفع 5 أضعاف.
في هذا السياق أوضح رئيس “الهيئة الوطنية الصحية الاجتماعية – الصحة حق وكرامة” الدكتور اسماعيل سكرية لموقع “ليبانون تايمز” أنه لا يوجد شيء جدي فيما يتعلق برفع الدعم، فيما صرح مستشار وزير الصحة رضا الموسوي، أن لا معلومات متعلقة بموضوع رفع الدعم عن الأدوية، كون لا تصريحات رسمية من المصرف المركزي، سائلا هل هناك احد يعلم كم من المال في مصرف لبنان، فلا يمكن التكهن اذا كان سيتم رفع الدعم عن الدواء، معتبرا ان كل ما يحدث بالبلد فوضى ولا قرار مسبق فيه، لان المصرف هو المسؤول والمال له وليس للوزارة، لان المصرف من يدعم الدواء”، قائلا: “اسألوا رياض سلامة”.. اذا لا خطة لدى الوزارة والحكومة الا بعد رفع الدعم اي بعد وقوع الكارثة.
وبعد الصرخات المرتفعة، وإمساك عملية تهريب للدواء في المطار، جال وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن على صيدليات ومستودعات للأدوية، وضبط عددا منها يهرّب الدواء إلى سوريا والعراق، ووجد أن هناك أدوية غير موجودة في الصيدليات بينما في المقابل يوجد منها عند الوكيل وفي المستودع، أفاد الموسوي بأن “وزير الصحة سلم الموضوع للقضاء (الذي عمله ان يحاكم المحتكرين وغيرهم)”، فيما أكد سكرية أن “غياب المحاسبة هذه تتحمّل مسؤوليته وزارة الصحة بعكس ما يصرّح به وزير الصحة الذي يجول في المناطق، ويحق لهم المصادرة والتصرف في هذه الحالة”.
وشدد سكرية بضرورة ان يتخذ وزير الصحة قرارات جريئة في هذا المجال، غير خاضعة لأي حسابات، مناشدا إياه بالحقيقة الكاملة عن ملف اختفاء الدواء.
ورفض سكرية أسلوب المعالجة الحالية قائلا “هناك إخفاء متعمد وتهديد من “مافيا التجار” من أصحاب الوكالات الحصرية المحميين من السياسيين ومن أصحاب النفوذ في البلدان التي باتت تتحكم بصحة الناس أكثر من قبل، متمنيا لو أن الصناعة المحلية للدواء اللبناني أثبتت نفسها على المستوى المحلي.
أما فيما يتعلق بموضوع التهريب أوضح سكريّة أن “التهريب برا وعبر المطار” بعده ماشي”، العصابات كبيرة ولا يوجد من يحاسب، أما وجهة التهريب الأساسية للأدوية هي “العراق، وبعده ليبيا، حيث يُباع الدواء بأضعاف ثمنه في لبنان”، مشيراً إلى أن تهريب الدواء بشكل أساسي يكون عبر المطار، فأمام المشاكل والمصاعب الاقتصادية استفاد التجار من دعم صرف الليرة واستيراد الدواء المدعوم وبادروا إلى تهريب الأدوية وبيعها بالدولار إلى خارج لبنان من دون حسيب أو رقيب، في هذا السياق أفادت مصادر متابعة، أن الوزير يتابع الملف، والأدوية المهربة وخاصة المنقطعة تم اعادة توزيعها”.
مشكلة الدواء في لبنان قديمة، وجرت محاولات عدة لمعالجة الخلل الحاصل في سوق الدواء، حيث الاحتكار كان ولا يزال سيد الموقف، ومشكلة دولتنا هي الاحتكار من كبار التجار الذين يملكون القوة ماليا وسياسيا ويمارسون الابتزاز بهدف تحقيق ثروات هائلة، فجولات تلوى اخرى للوزير وصرخات تتزايد، ولا جديد سوى انقطاع الدواء..
ورأى سكرية أن “هناك حرب عشوائية تشنّ على المواطن اللبناني دواء واستشفاء وهو يعيش اليوم وضعا مخيفا، موضحا أن اقبال المواطنين على شراء حاجتهم من الدواء لأشهر لا يرقى إلى مستوى التخزين، وبالتالي ليس سبباً أساسيا في شح الدواء، أما التهديد من المستشفيات باستقبال المرضى هو وسيلة ضغط لا اكثر، بسبب الازمة الحالية”.
وقال سكرية” “أين المستشفيات الميدانية، اين الـ 250 طن مستلزمات طبية وصلت الى لبنان، كل شيء يأكل ويسرق والوضع سيء”، متمنيا أن تتشكل الحكومة في القريب العاجل لإيجاد الحلول، لأنه دون حكومة فعلية لن تتحلحل الامور”.
ازمات لبنان لا تنتهي، والحديث عنها يطول، لا حل في الوقت الحاضر، ولا في المستقبل القريب، وبعيدا عن التشائم ربما لا حل في لبنان ابدا، الذي طالما حاول مواطنوه الصراخ في وجه الفساد، ولكن لا حياة لمن تنادي، لا حياة طويلة للمرضى وخاصة الفقراء، فالتجار طامعون والمسؤولون غافلون، لا حياة لذوي الدخل المحدود هذا طبعا ان بقوا في وظائفهم، بعد اغلاق المحال والمؤسسات وطرد الموظفين، ولا من يعوض او يحميهم، لا حياة للطفل الصغير وأهله لا يملكون ثمن الحليب ان وجد في الصيدليات.. الى متى؟ لا جواب فالاضمرة نائمة والشعب عاد الى خدره.