محمد علوش – الديار
مرّت علاقة حزب الله والتيار الوطني الحر في فترة باردة كادت أن تُطيح بإتفاق مار مخايل الشهير، ولا تزال التردّدات تظهر على شكل تصريحات إعلامية من قبل «ناشطين» بالتيار، يستهدفون من خلالها طريقة تعاطي حزب الله معهم. ذروة هذا الخلاف كانت في الشهرين الماضيين من خلال تجربة مصطفى أديب، وتمسك حزب الله بحقيبة المالية، واتهام رئيس الجمهورية ميشال عون له بأنه سبب العرقلة، وملف ترسيم الحدود، ولكن كل ذلك لم يهدم اتفاق مار مخايل، إنما وضعه في غرفة العناية الفائقة، لتأتي العقوبات الأميركية على جبران باسيل وتُعيد الروح إلى هذا الإتفاق.
تشير مصادر سياسية مطّلعة إلى أن رئيس «التيار الوطني الحر» سعى إلى وضع العقوبات في إطار المطلب الإسرائيلي من الجانب الأميركي، أي أنه مستهدف من جانب تل أبيب لا واشنطن، الأمر الذي من الممكن إستثماره على نحو أكبر على الساحة المحلية، خصوصاً على مستوى العلاقة مع «حزب الله»، وهذا الأمر نجح إلى حدّ بعيد لأن الحزب يدرك جيداً ثمن الموقف الذي ذهب إليه باسيل في هذا التوقيت، بعد أن كان بعض الأفرقاء يتحدثون عن رغبته بالإبتعاد عنه لحماية نفسه.
أما في ما يتعلق بـ «حزب الله» فهو، بحسب المصادر، أكثر الأفرقاء المعنيين بالتضامن مع رئيس «التيار الوطني الحر»، بالرغم من الملاحظات التي كانت لدى الحزب في الفترة الماضية على بعض مواقفه، لا سيما تلك المتعلقة بتأليف الوفد اللبناني المفاوض في ترسيم الحدود البحرية. فالحزب كان يتحدث عن أن باسيل يسعى إلى التمايز خوفاً من العقوبات الأميركية، لكن اليوم يجد نفسه معنياً بتقديم الدعم السياسي والمعنوي له، لا سيما بعد أن أعلن أنه يدفع ثمن رفضه طعن الحزب بظهره.
ومن هنا جاء كلام حزب الله المتضامن مع باسيل، إلى جانب حملة على مواقع التواصل الإجتماعي داعمة له، والتشديد على أنه أثبت أنه رجل وطني وشريف، وتؤكد المصادر أن حزب الله سيقف إلى جانب باسيل في مختلف المطالب التي يطرحها على المستوى الداخلي، الأمر الذي من المفترض أن يتظهر سريعاً، خصوصاً بالنسبة إلى تأليف الحكومة المقبلة، ولكنه لن يتطرق إلى الملف الرئاسي كون حزب الله لا يزال على نفس الموقف الذي يقول بأن «الحسم» في هذا الملف لا يزال مبكراً.
أعادت العقوبات الأميركية «اللحمة» بين التيار الوطني الحر وحزب الله، على مستوى القيادات وعلى مستوى الشارع، بالرغم من أن التكامل بين الجمهورين لن يعود كما كان سابقاً ولكنه تحسّن اليوم، وإنطلاقاً مما تقدم، يمكن القول ان العقوبات على رئيس «التيار الوطني الحر» بات جزءاً من اللعبة السياسية الداخلية، التي استفاد منها التيار لا العكس، وسيحاول باسيل استثمارها إلى أقصى الحدود، ولكنه سيواجه صعوبات تتمثّل بارتفاع الأصوات من داخل تياره الداعية لفكّ الإرتباط مع «حزب الله»، والذي انطلق بالتزامن مع الإنهيار المالي والإقتصادي في البلاد، وبعد التفجير الذي وقع في مرفأ بيروت في الرابع من آب الماضي.
ترى المصادر أن من مصلحة حزب الله جعل باسيل أقوى لكي لا تنجح السياسة الأميركية بإضعاف حلفاء الحزب عبر فرض العقوبات عليهم، لأن من شأن ذلك أن يؤثر سلباً على كل من يفكّر بالتحالف معه، لذلك سيسعى الحزب إلى التضامن الكامل مع باسيل، في الأفعال، لا البيانات فقط، وبالمقابل يُدرك باسيل أن حزب الله لا يزال الحليف الأهم على الساحة اللبنانية، ولكنه سيحاول تجيير العقوبات لصالحه لتغيير طريقة التعاطي بينه وبين حزب الله.