لا يزال قرار العقوبات الأميركية على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في واجهة المشهد الداخلي في ظل تداعياته ومفاعيله السياسية والإعلامية والقضائية. إذ شهد أمس اشتباكاً إعلامياً بين مكتب باسيل والسفارة الأميركية في بيروت.
فبعد المواقف النارية والهامة التي أطلقها باسيل في مؤتمره الصحافي الأحد الماضي ضد الإدارة الأميركية، سارعت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا للردّ على باسيل، مشيرة في بيان إلى حصول «سوء فهم لكيفية سير العقوبات، ونقص في فهم السياسة الأميركية وكيفية صنعها». ولفتت شيا الى أن «باسيل أعلن الاستعداد للانفصال عن حزب الله بشروط معينة وأعرب عن امتنانه، لأن الولايات المتحدة جعلته يرى كيف أن العلاقة هي غير مؤاتية للتيار حتى أن مستشارين رئيسيين أبلغوني أنهم شجّعوا السيد باسيل على اتخاذ هذا القرار التاريخي».
في المقابل رد المكتب الإعلامي لباسيل على السفيرة الأميركية بالقول: «أعطت السفيرة الأميركية في بيروت برهاناً على انه لا توجد إثباتات على الاتهامات الموجّهة لرئيس التيار بالتورط في الفساد، وذلك بإعلانها أن المعلومات التي تم الاستناد إليها غير قابلة للنشر؛ فإذا كانت هذه المعطيات متوفرة ولا تريد نشرها، فإنّ النائب باسيل يطالب أقلّه بأن تقوم الجهة الأميركية المعنية بتسليمها للسلطات اللبنانية المختصة».
وأضاف البيان: «إذا كانت السياسة الأميركية قد فشلت حتى الآن في فك التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله على الرغم من كل الضغوط التي مارستها واشنطن عبر السنين وبالرغم من كل التهديد والترغيب، فإن محاولة دق الإسفين بينهما من خلال بيان إعلاميّ، يتكلّم عن «شروط معيّنة» بدلاً من الكلام عن مسار حواري وطني شامل، هي محاولة ظريفة ولكنّها لن تنجح بهذه الطريقة حتماً».
وفيما أشارت مصادر التيار الوطني الحر وأخرى في فريق المقاومة لـ«البناء» الى أن «صفو العلاقة بين الحزب والتيار لن ولم تعكّرها بعض الترسبات والوحول التي ترميها الإدارة الأميركية الراحلة والبائدة وتركتِها في لبنان المتمثلة بالسفيرة الاميركية»، مؤكدين أن «العلاقة ستبقى صلبة وعصية على الأساليب الاميركية الرخيصة التي تحاول نشر الفتن والانقسام بين أطياف الشعب اللبناني للمسّ بالوحدة الوطنية»، مجددة التأكيد على أن العلاقة الصلبة مرت بمطبات وامتحانات وظروف أصعب بكثير منذ العام 2005 حتى الآن ولم تُكسر، أما الملفات الخلافية فتحل داخل الأطر الداخلية للطرفين عبر الحوار والتفهم المتبادل ولا يمكن إفساح المجال لطرف خارجي للدخول لاستغلال أي تباين وخلاف بوجهات للنظر بينهما».
وفيما ألمح الوزير باسيل في مؤتمره الصحافي الى بصمات داخلية في قرار العقوبات عليه، لفت ما قاله مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية توم حرب بأن «اكثر من 800 اسم سلموا الى وزارة الخارجية الاميركية من لبنان حول شخصيات فاسدة أو لديها ارتباطات بحزب الله واللبنانيون أنفسهم قدموها لقاء مبالغ مالية». وتابع أن «الخزانة الأميركية لا تفرض عقوبات على أي شخص إذا لم تكن تملك وثائق تثبت فساده، وتابع أنه باستطاعة باسيل رفع دعوى في محاكم الولايات المتحدة ضد العقوبات».
ولفتت أوساط نيابية مطلعة على ملف العقوبات الأميركية على لبنان الى أن «إدراج قرار العقوبات على باسيل في إطار تهمة الفساد وليس بتهمة العلاقة مع حزب الله لاعتبار الأميركيين بأن باسيل يعرقل الدولة، وخصوصاً تشكيل الحكومة»، مشيرة الى أن «قرار العقوبات ملزم للإدارات المقبلة إلا اذا تم اتباع مسار قضائي في أميركا وانتفاء الحاجة السياسية لقرار كهذا بالنسبة للإدارة المقبلة لا سيما أن القرار في أميركا يبقى للرئيس الحالي دونالد ترامب حتى تسلم الرئيس الجديد في 20 كانون الثاني المقبل». مذكرة بأن «قانون ماغنيتسكي أقرّ في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما»، كاشفة عن سلة عقوبات جديدة على بعض الأشخاص الذين ينتمون الى تيارات سياسية مختلفة، لكن تم إصدار قرار خاص يتعلق بباسيل لإعطائه الطابع السياسي واستثماره بقضايا سياسية تهم الادارة الأميركية الحالية».
وقد كان لافتاً ذكر السفيرة الأميركية لباسيل بألقابه كافة لا سيما «وزير الطاقة»، ما يدعو للتساؤل هل إصرار الرئيس المكلف سعد الحريري على رفض منح الطاقة لشخصية مقربة من باسيل يعكس إرادة وضغطاً أميركياً في هذا الاتجاه؟