كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الرئيس دونالد ترامب وحلفاءه يقومون بحملة تضليل للتخريب على الانتخابات وتأتي من الرئيس وحلفائه. وفي تقرير أعده ماثيو روزنبرغ وجيم روتنبرغ ونيك كوراسانيتي قالوا إن هدف الحملة هو وقف انتصار جو بايدن، نائب الرئيس السابق وفي حالة فشل الحملة في هدفها الرئيس فيجب تقويض شرعيته قبل وصوله إلى البيت الأبيض.
وأدت تصريحات الرئيس دونالد ترامب في الساعات الأولى من يوم الأربعاء لتوحيد الناشطين المتشددين وحاملي راية اليمين المتطرف مثل مجلة “بريتبارت” وهجمات إلكترونية مثل الجماعات الداعمة لـ “كيو أنون” التي تزعم وجود مؤامرة دولية شيطانية ضد ترامب. وكلها توحدت في هاشتاغ واحد وهو “أوقفوا السرقة”.
ولكن أثر الحملة بدا واضحا بعيدا عن الإنترنت حيث تسيدت الفكرة البرامج الإذاعية والحوارات الرئيسية على فوكس نيوز. وأكد فيها المشاركون والمذيعون المدافعين عن ترامب فيها على خطورة استمرار عد الأصوات في الولايات المهمة والتي لم يعلن فيها فائز بعد.
وقالت لورا إنغرام في برنامجها على “فوكس نيوز” يوم الأربعاء “كم هو خطأ تصميم الديمقراطيين على نهج الدمار الشامل” وأضافت أن هذا “يدمر نزاهة العملية الانتخابية بهذه الأصوات المرسلة بالبريد وجهود التسجيل بعد يوم الانتخابات، ورمي كميات من الأصوات بعد يوم أو يومين وحتى بعد ثلاثة أيام من الانتخابات”.
وكانت الرسالة أكثر وضوحا من الرئيس الذي انتهز فرصة مؤتمره الصحافي في البيت الأبيض لكي يوجه سلسلة من الهجمات غير المبررة للنظام الانتخابي الذي قال إن الديمقراطيين “زوروه” في محاولتهم لسرقة الانتخابات. وبدأت مجموعة من الصرخات والاتهامات الخميس بتغريدة لترامب “أوقفوا الغش”، مما دفع شركة تويتر لوسمها بأنها “قد تحتوي على معلومات مضللة”.
وطالما قال ترامب وحملته إنهم سيتحدون أي نتائج ليست في صالحهم من خلال ما يقولون إنه “غش انتخابي” والذي يعتبر نادرا جدا في العملية الانتخابية الأمريكية.
ووصف مساعد بارز لبايدن حملة التضليل بأنها جزء من محاولة يائسة ومنسقة تترادف مع استراتيجية الرئيس القانونية ضد مسؤولي الانتخابات لمنع عملية عد الأصوات التي من المحتمل أن تنهي رئاسة ترامب.
وقال بوب باور “هذه جزء من حملة تضليل واسعة تقوم في جزء منها على مسرح سياسي (…) يهدف كل هذا لخلق غمامة كبيرة تأمل فيها حملة ترامب حجب الرؤية عن الجميع، ولكنها ليست غمامة كثيفة وليس من الصعب رؤية ما يفعلون- فنحن نرى من خلالها وكذا المحاكم ومسؤولو الانتخابات”.
وإذا وجدت أدلة عن مساعدة حملة التضليل لحملة ترامب في المحاكم، حيث تستخدم أخطاء عمل بسيطة وفنية لتحدي أصوات الديمقراطيين، فإن الهدف الرئيسي منها هو: إقناع القطاع الأوسع من الأميركيين أن بايدن سرق الرئاسة من خلال عملية غير قانونية وغير دستورية.
وقالت مين ليو، التي قادت سيارتها من نيويورك إلى فيلادلفيا لدعم ترامب “البلد فاسد وأنا غاضبة (…) يقوم الديمقراطيون في الوقت الحالي بالغش وعلى الناس اليقظة”.
ولم تكن وحدها، فقد خرجت الحملة الإعلامية إلى العالم الحقيقي بتظاهرات في ديترويت وفونيكس ومناطق أخرى. وقاد بعضها متطرفون مثل مايك سيرنوفيتش الذي أصبح مشهورا عام 2016 عندما دفع بمؤامرة “بيتزا غيت” والتي قادت لاحقا لظهور كيوأنون. وزعم فيها أن ديمقراطيين مؤثرين أداروا شبكة لتهريب الأطفال من أرضية مطعم بيتزا. ويدفع سيرونوفيتش الآن باتجاه أن الانتخابات مزورة بالترادف مع الرئيس وأبنائه وشخصيات مهمة في دائرته مثل محاميه روديو جولياني.
ولو أخذنا التظاهرات والنشاطات الإعلامية فهي تعبر عن نسخة جديدة من شغب “الإخوة بروكس” في أعقاب انتخابات 2000 الرئاسية حيث هاجم أنصار للحزب الجمهوري مجلس فرز الأصوات في منطقة ديد بفلوريدا وأوقفوا عمليا جهود إعادة فرز الأصوات التي كانت ستنفع المرشح الديمقراطي آل غور.
وظهرت يوم الأربعاء صفحة على فيسبوك بعنوان “أوقفوا السرقة” والتي تهدف لتنظيم جماعات كي تتدفق على مراكز عد الأصوات ووضع “مراقبين” فيها. وانضم إليها أكثر من 300.000 معجب قبل أن تقرر شركة التواصل الاجتماعي إغلاقها يوم الخميس.
وقالت الشركة إن الدعوات للعنف في الجماعة أثارت القلق وكان الهدف “هو نزع الشرعية عن العملية الانتخابية”. وبدأت الصفحة على فيسبوك ناشطة جمهورية اسمها كايلي جين كريمر. وتبعت خطة مشابهة عام 2016 “أوقفوا السرقة” والتي أنشأها المتحايل روجر ستون والمقرب من ترامب. ووجهت لستون تهم متعلقة بالتحقيق الروسي لكن ترامب ألغى الحكم الصادر عليه.
وقال مساعدو بايدن ألا أحد باستثناء المؤيدين المتشددين لترامب سيشككون في فوز نائب الرئيس السابق. وأشاروا لتصريحات عدد من المسؤولين الكبار في الحزب الجمهوري الذين رفضوا هجمات ترامب على العملية الانتخابية. كما وشعروا بالراحة من الخلاف داخل فوكس نيوز، ففي الوقت الذي واصل فيه مقدمو البرامج الرئيسية استخدام بعض مزاعم الرئيس حول الانتخابات إلا أنهم المحررين في أقسام الأخبار لم يترددوا بالحديث عن فوز بايدن في ولايات. وتحدى عدد من صحافيي القناة مزاعم ترامب وأنصاره المريبة.
إلا أن الرئيس وحلفاءه اعتمدوا على الصحافة المحافظة لنشر الاتهامات ضد مسؤولي الانتخابات ومن ثم تضخيمها. وفي يوم الأربعاء شارك ترامب في تغريدة مقالين من موقع بريتبارت على تويتر. وزعم واحد منهما خطأ أن مسؤولي الانتخابات في ديترويت منعوا دخول المراقبين لعد الأصوات، مع أن أقصى عدد من مراقبي الحزبين سمح به داخل البناية. أما المقال الثاني الذي شاركه الرئيس ومن نفس الموقع فهو النقد لجوش شابيرو، النائب العام الديمقراطي في ولاية بنسلفانيا ودعوات لعزله.
وبحسب “زيغنال لابس” وهي الشركة التي تراقب عمليات نشر المعلومات المضللة فإن أي عملية بحث في مواقع التواصل الاجتماعي عن كلمة “سرق” و “يسرق” وفي سياق الانتخابات فإنها وردت أكثر من 1.2 مليون مرة، وفي الفترة ما بين 11 صباح الثلاثاء إلى 11 صباح الخميس. وجاءت ميتشغان في المقدمة حيث وردت 96.000 مرة وبعدها بنسلفانيا 80.000 مرة ومن ثم أريزونا حيث ذكرت أكثر من 46.000 مرة.
وانضم أتباع كيو أنون الذين يزعمون أن ترامب يقاتل الدولة العميقة التي يقودها ديمقراطيون من منتهكي الأطفال إلى مزاعم التزوير في الانتخابات. خاصة أن هذا يتناسب مع روايتهم، فلن يهزم ترامب إلا عملية تزوير تشرف على الدولة العميقة. ويتعامل أتباع المجموعة مع ترامب بطريقة ترفعه لمرتبة الرب.
وهناك إشارات أن الحملة تم التخطيط لها في يوم الانتخابات. ونشر ناشط محافظ اسمه جون دويل يدير قناة “هيك أوف كومي” على يوتيوب وثائقي من غوغل يدعو فيه الناس لمنع التزوير في بنسلفانيا والضغط على المشرعين في الولاية للتصويت باعتبارهم من الحزب الجمهوري.
وظهر الوثائقي الذي قدم أسماء المشرعين في الولاية وعددهم يوم الثلاثاء قبل زعم الرئيس وحلفائه أن الانتخابات سرقت. ولم يرد دويل للتعليق فيما تم تعليق حسابه على تويتر يوم الخميس لخرقه قواعد النشر. ودعا المعلق الإذاعي والداعم الشديد لترامب مارك ليفين المشرعين الجمهوريين لتجاهل نتائج الانتخابات وذكرهم بأن الكلمة الأخيرة لهم بشأن من له الحق بالفوز.
وظهرت عدة حسابات على تويتر لدعم هاشتاغ أوقفوا السرقة في نهاية تشرين الأول/أكتوبر وبداية تشرين الثاني/نوفمبر. وفي يوم الأربعاء انتقل الهاشتاغ من دوائر اليمين المحافظ إلى دوائر الحزب الجمهوري الرئيسية. وقرأ فرع الحزب الجمهوري في فيلادلفيا تغريدات باسم اريك ترامب وجولياني يدعوان فيهما إلى الاستعداد ووقف السرقة وتقديم بنسلفانيا للرئيس. وذهب اريك ترامب بعيدا عندما نشر تغريدة بدون أدلة زعم فيها بدون أدلة أن أف بي أي ووزارة العدل لا يتحركان لوقف التزوير. ثم قام بحذفها لاحقا.
وغردت جانين أف بيرو، الشخصية المعروفة في فوكس نيوز بنفس الأفكار. وقبل يوم نشر اريك ترامب فيديو يزعم أن الأصوات التي ذهبت لوالده في فيرجينيا بيتش تعرضت للحرق. وقال المسؤولون إن الأصوات لم تكن إلا مجرد عينه وليست حقيقية. وتقول الصحيفة إن رفع الصوت العالي والتشكيك بالعملية الانتخابية يخدم أيضا حملته القانونية خاصة عندما يخسر ترامب تقدمه في ولايات.