نشر موقع “أويل برايس” مقالا أعده المحلل سايمون واتكينز، أشار فيه إلى التحديات التي تواجه حاكم الكويت الجديد، نواف الأحمد الجابر الصباح، 83 عاما، الذي تولى الحكم في بلاده بعد وفاه أخيه غير الشقيق صباح الأحمد (91 عاما).
وقال إن التحديات تتعلق بالعجز بالميزانية وسياسات النفط والتعاون مع البرلمان والعلاقة مع السعودية.
وأشار الكاتب إلى أن التحديات الاقتصادية كانت واضحة حتى قبل وفاة الشيخ صباح وانعكس من خلال خفض تصنيف الكويت من شركة التصنيف الائتماني “موديز”، التي بررت قرارها بـ”مخاطر السيولة”.
ولن يساعد هذا القرار الكويت على الاستفادة من سوق السندات لتمويل الشركات على المدى القصير والطويل، بحسب الموقع.
وقالت “موديز” في تبرير تخفيض التصنيف الائتماني للكويت درجتين، إنها تتوقع أن يوافق صافي الإصدار السيادي إلى 27.6 مليار دينار كويتي (90 مليار دولار أمريكي) متطلبات التمويل للحكومة الكويتية ما بين السنة المالية الحالية والسنة المالية التي تنتهي عام 2024.
والمشكلة بدت واضحة من خلال تصريحات وزيرة المالية مريم العقيل، التي أشارت إلى رفض مجلس الأمة الكويتي المصادقة على قانون الدين العام.
وتقدمت الحكومة بطلب إلى المجلس لكي يسمح لها باقتراض حوالي 20 مليار دينار كويتي، ولكنه رفض ما لم يترك أي خيار للعقيل ودفعها للأخذ من صندوق الإحتياطي العام. مع أن العقيل أكدت أن الاقتراض وزيادة الدين العام أرخص من سحب المال من الصندوق السيادي.
وكان هذا محل اهتمام “موديز” التي أكدت أن “الجمود المستمر في معالجة وضع التمويل يهدد الآن وبشكل مباشر قدرة الحكومة على العمل ويمثل تصعيدا مهما في السياسات الخطيرة بين فروع الحكومة المختلفة”.
وكما هو واضح، فقد دخلت الكويت حالة الانكماش الاقتصادي بنسبة 1.1% في الربع الأخير من 2019 وبالفترة ذاتها في العام الذي سبقها وحتى قبل حرب أسعار النفط التي بدأتها السعودية، وقبل شهرين من القرار الخطير.
وقالت العقيل إن السعر الذي تحتاجه الكويت حتى تتجنب العجز في الميزانية هو 81 دولارا للبرميل الواحد من النفط (خام برنت). وذلك بعد إعلانها عن ميزانية 2020/2021 بتوقع عجز بـ 9.2 مليارات دينار كويتي (30 مليار دولار أمريكي).
وهذه سنة عجز سادسة على التوالي وأعلى من ميزانية 2019/2020 التي كان فيها العجز 8.27 مليارات دينار كويتي، وحتى بعد تحويل 10% إلى صندوق الأجيال الذي تشرف عليه الهيئة العامة للاستثمار الكويتية.
وتشتق الكويت نسبة 50% من الناتج المحلي العام، أكثر من 90% من صادرات النفط ونسبة 90% من الفواتير المالية من المنتجات الهيدروكربونية. ولهذا فاحتمال بقاء أسعار النفط منخفضة تجعل من المستقبل المنظور سلبيا ليس لموديز لكن للعقيل والأمير الجديد.
ومن هنا، فالوضع المالي الخطير سيكون بمثابة كابح للكويت لإخراج نفسها من الحفرة المالية وزيادة معدلات إنتاج النفط حتى لو كانت أسعاره منخفضة. وبعيدا عن اتفاق أوبك زائد الذي حدد مستويات النفط تخطط الكويت لزيادة معدلات الإنتاج إلى 4 ملايين برميل في اليوم.
وفي نيسان/ أبريل وصل إنتاجها إلى 3.15 ملايين برميل في اليوم. وهذا ناتج عن الإنتاج العائد من المنطقة المحايدة/ المقسمة التي تشترك بها مع السعودية والزيادة في الإنتاج من حقول النفط الثقيل في الشمال.
وبحلول آب/ أغسطس عاد الإنتاج إلى 3 ملايين برميل في اليوم ومعظمه من النفط الثقيل والوسيط الحامض، وجاء بعد إعلان شركة النفط الكويتية تخفيض ميزانيتها من الغاز والنفط إلى 3 مليارات دينار كويتي (9 مليارات دولار) من 3.7 مليارات دينار كويتي. وإذا كان الأمير يستطيع التغلب على الشلل السياسي فهذا أمر بحاجة لانتظاره.
مع أن الأمير نواف لديه خبرة طويلة في العمل السياسي حيث تولى وزارة الداخلية (1978- 1988) ووزارة الدفاع (1988-1991) وعمل قائما بأعمال وزارة العمل والشؤون الاجتماعية (1991- 1992) ونائبا لرئيس الحرس الوطني (1994- 2003) ومن 2003 حتى توليه الحكم كان وليا للعهد.
وكل هذه المناصب خاصة عمله في وزارتي الدفاع والداخلية التي تختص بالجانب الأمني أعطته صورة عن كيفية التعامل مع التقلبات السعودية والتي يحتاج للتعامل معها خلال صفقة أوبك زائد (والعقود المستقبلية) بل حماية مصالح الكويت في المنطقة المحايدة. وفي الوقت الحالي فإنها تعمل بطريقة سلسة، لكن لا يمنع هذا إغلاق السعوديين لها بدون مقدمات ولدواع انتقامية كما فعلوا في الماضي.
فقبل استئناف الإنتاج هذا العام، ظلت المنطقة مغلقة لمدة خمسة أعوام بسبب ما قال السعوديون إنها ليست ملتزمة بالمعايير الجديدة للبيئة وانبعاث الهواء التي أصدرتها هيئة الأرصاد الجوية والمناخ السعودية.
وبحسب هذه الهيئة، فقد تسرب غاز من واحد من منصات الإنتاج الخمس عشرة فيها (بالإضافة لإنتاج ما بين 280.000- 300.000 برميل في اليوم، أنتجت المنطقة 125 مليون قدم مكعب من الغاز).
ولكن السبب الحقيقي وراء الإغلاق بحسب مصادر في الشرق الأوسط تحدثت مع “أويل برايس”، هو أن السعودية أرادت أن تظهر لجارتها من يسيطر في الحقيقة على المنطقة. وجاء هذا بعد زيادة التنافس الكويتي مع السعودية في أسواق رئيسة لها في آسيا.
بالإضافة إلى هذا، فالكويت صعبت على شركة “شيفرون” السعودية الحصول على رخص للعمل في المنطقة المحايدة، ما حد من قدرة شيفرون السعودية على المضي قدما في خطط لحقل الوفرة وزيادة الإنتاج من النفط الثقيل إلى 800.000 برميل في اليوم.
وعندما بدأت الكويت بالتعمية على مستويات الإنتاج والقدرات التي لم تنتج أو يحافظ عليها، حاولت السعودية وبعد هجوم الحوثيين على منشأة ابقيق في 2019، البحث عن النفط الذي يسمح لها بالوصول إليه في المنطقة المحايدة.
وفي الحقيقة، فإغلاق السعودية المنطقة المحايدة وحرب الأسعار التي شنتها في الفترة ما بين 2014-2016 هما العاملان اللذان تسببا بالأزمة المالية الكويتية.
وبدأ العجز الكبير في الميزانية الكويتية عام 2014 عندما أغلق السعوديون حقل الخفجي بالمنطقة المحايدة، ما حرم الكويت من قدراتها الإضافية، وفي حركة واحدة. بالإضافة لهذا، فقد أدى الإغلاق لتعقيد المهمة على الكويت للمضي في خطتها الاقتصادية “مشروع الكويت” لزيادة إنتاجها من النفط الخام وتركيز الإنتاج بمستوى 4 ملايين برميل في هذا العام.
ورغم النظرة السلبية من كل ما سبق، إلا أن هناك ما يدعو للتفاؤل بالنسبة للأمير نواف، فبعيدا عن النظرة السلبية القريبة من قرار موديز، إلا أن خطة شمل الكويت في مؤشرات الأسواق الصاعدة التي تحددها شركة “أم سي أس أي”، ستمضي حسب المخطط، مع أنه قد يتأخر إلى ما بعد تشرين الثاني/نوفمبر.
وفي هذا السياق، قالت “أم سي أس أي” إن التأخير من أيار/ مايو إلى تشرين الثاني/ نوفمبر كان بسبب “كوفيد-19″، وأن البورصة الكويتية تلتزم بالمعيار المطلوب للتصنيف في مؤشرات الأسواق الصاعدة. وهذا يعني أن الدول المصنفة في المؤشرات ستعدل تفاصيلها لتشمل الكويت.
أما الأمر الإيجابي الثاني، فهو إعلان شركة نفط الكويت عن خطط لطرح مناقصات شراء 24 منصة لدعم خطط توسيع إنتاج النفط والغاز. وفي الوقت ذاته، فإن عمليات التصدير لأول شحنة (500.000 برميل) من النفط الثقيل إلى السوق العالمي بدأت من حقل الرتقة الجنوبي.
وقال مدير شركة النفط الكويتية عماد سلطان إن الاستراتيجية هي تأمين إنتاج 60.000 برميل في اليوم من حقل الرتقة الجنوبي في المرحلة الأولى. وسيضاف الإنتاج إلى الغاز الثقيل المنتج حاليا من حقل “أم نقا” الذي يصل إلى 15.000 برميل نفط ثقيل في اليوم.
هذا إضافة لخطط شركة النفط الكويتية في مشاريع جديدة في غرب الكويت وهي “أم راس” و”كراعة المرو” و”الكبد”.