غسان همداني- خاص ليبانون تايمز
لا يحتاج الرئيس نبيه بري إلى شهادة في العروبة أو الوطنية، ولا شهادة في المقاومة، فتاريخه ومواقفه العروبية والوطنية، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، واضحة وضوح الشمس، سواء في المحافل الدولية والعربية، أو في المحافل الخاصة، كما أن دوره في التصدي للعدو الاسرائيلي، خاصة عندما تهاوت معظم القوى أمام الاجتياح الاسرائيلي فيما العام 1982، وعمليات المقاومة التي قامت بها أفواج المقاومة اللبنانية “أمل” وتسطيرها ملاحم البطولة في خلدة وغيرها من المواقع، دليل لا يمكن تأويله أو تحريفه ، وتاريخ لا يمكن إلغاؤه أو تزويره.
لقد تصدى دولة الرئيس نبيه بري للمفاوضات حول ترسيم الحدود، بتفويض وطني ورسمي، لأنه الحريص على عدم التهاون في حق لبنان، وهو خاض معارك شرسة مع المفاوض الأميركي، كلفته عداءاً أميركياً لشخصه ولدوره، لكنه لم يتراجع قيد أنملة عن موقفه، لا بل استطاع في ظل انبطاح عربي نحو التطبيع، تحقيق نصر معنوي ومادي، وربما هذا سر النقمة عليه من المتضررين من هذا الإنجاز.
لم تنته فصول المفاوضات، لا بل كما يقول دولته، المعركة بدأت الآن، لقد فاوض الرئيس بري بالعناوين الأساسية ووضع خارطة الطريق، واستطاع بحنكته ودرايته وصلابة موقفه وتمسكه بحقوق لبنان، وعدم التفريط ولو بنقطة مياه، ان يضغط على العدو الاسرائيلي ومن أمامه المفاوض بإسمه الولايات المتحدة، فيضطر مرغماً الرضوخ للموقف اللبناني، فكان الإتفاق ـ الإطار كما ترتأي المصلحة الوطنية اللبنانية.
لم تنته المعركة، بل بدأت الآن، وعلى من تسلم إدارة الملف أن يحسن التفاوض والحفاظ على ما تحقق من مكتسبات، وهو موضوع بأيدي أمينة، الجيش اللبناني الذي كان له تجربة رائدة في ترسيم الخط الأزرق.
للأسف، يفقد البعض الموضوعية في التحليل والقراءة، نتيجة تعصب او موقف شخصي، او التزام حزبي او غيره، فتختلط عليه الأمور ويبتعد عن المصداقية، نتمنى لو تمت قراءة خطاب الرئيس بري بتأن وبعيداً عن الأحكام المسبقة، ففي التمهيد للبيان ذكر الرئيس بري كلمة “الكيان الإسرائيلي”، لكن كون البيان سيصدر عن الأمم المتحدة وبرعاية الولايات المتحدة فمن الطبيعي ان يرد اسم دولة اسرائيل، وليس الكيان الاسرائيلي او العدو الاسرائيلي، كما أن المفاوضات هي غير مباشرة، كما حصل إبان ترسيم الخط الأزرق، فلا تحملوا الأمر أكثر مما هو فيه، ولا تبحثوا عن بطولات وهمية، فيصيبكم ما أصاب نتنياهو حينما أعلن عن مصنع صواريخ في الجناح وظهر كذب ادعاؤه.