نورا اسماعيل – ليبانون تايمز
بين تلك الصدمات وما نمتلكه من القدرة على التغيير في حياتنا، بين ما يمر في قلوبنا، وبين الجرح الذي يعيشه البلد، بين أحلام شباب تلاشت، بين البطالة، والفقر، والإسكان، وكل ما يحتاجه المرء للعيش، لم يبق أمام الشباب في لبنان سوى الحب، وما أدراك ما الحب في لبنان، حتى يطفو عليه فيروس كورونا، ليصبح العنوان العريض “الحب في لبنان في زمن الكورونا”.
ما عاد للشاب اللبناني سوى الأحلام، فالحقيقة باتت أشبه بمجزرة إنسانية بحق العيش، فما بالك بالحب؟ الحب في وطني منذ السابق يحتاج للكثير من الأمور، وقريبا ما يشبه المعجزات حتى يكلل بالفرحة الكبرى، ألا وهي الزواج. كيف لا واذا أردنا أن نعدّ ما يكتب على لائحة الشروط، من مهر، شقة، سيارة، وذهب وكثير من الأمور الأخرى التي لا يمكن عدّها، يصدمنا الحال، هكذا يظهر واقع الشباب منذ البداية إن علق أحدهم بشباك الحب، فالمصير يكون إما الفرار أو الغوص ببحوره ليصل في نهاية المطاف الى تأمين الشروط. حتى تغيّرت الموازين وزارنا فيروس كورونا، ليلقي بجناحيه على أحلام الشباب وطموحاتهم والحب بصورة شخصية، ليكونا حسين ولارا أول من ضحى بأحلامه بسبب كورونا والوضع المعيشي في لبنان.
لارا وحسين، الإسمان المتعارف عليهما في محيطهما معا، حيث أنه ما من إسم إلا ويليه الآخر، عندما أحبا بعضهما لم يسأل أحدهما الآخر عن السبب، ليكون النصيب جامعا لهما، ليبدآ الطريق. الطريق منذ البداية لم يكن معبدا بالأزهار، ولكنهما مضيا سويا يدا بيد ليزهر الطريق، ما قبل أزمة كورونا والوضع المعيشي المدهور في لبنان، تمت الخطبة بنجاح كما يُقال، وحددا التواريخ الأخرى من مسيرتهما سويا، ليتغير بعدها كل شيء.
في حديث لموقع “ليبانون تايمز” لفتت لارا وحسين الى أن منذ تسجيل أول حالة كورونا في لبنان تغيرت الموازين، حيث أن الرواتب تدنت، في ظل غلاء معيشي يعجز الانسان عن تحمله، فبدل الحصول على كل احتياجات المنزل من طعام بمبلغ يحتسب بنسبة نصف الراتب او أقله، بات يحتاج الى الراتب كله مع مبلغ اضافي لتأمين ابسط الاشياء، وقالت لارا: “يا ليت ما يحدث كفيل فقط بوجود كورونا، بل ان كورونا تعتبر الجزء الضئيل منه”.
قصة الثنائي لم تقف بل أكملت المسير، داعية رحمة ربها أن ترأف بهما وبكل الشباب مثلهما، فتعرضا للمؤسسات الغير صادقة في بداية الامر، حيث أن الدولار وصعوده لعب لعبته القوية عليهما، فحجزا كل أثاث المنزل على عرض قدمته شركة على سعر الصرف الذي يتراوح بين 2500 ليرة لبنانية للدولار الواحد الى 3000 ألاف، آملين أن نصف المشكلة انحلت، ولكن هنا بدات القصة، فالشركة تخلت عن وعدها، ولم تكترث بالتاريخ المحدد للتسليم، وبعد اتصالات عدة اقفلت الهاتف الخاص بها، اوالمحل أيضا بحجة كورونا، فذهبت الأموال سدى، وبعد جدال طويل حصلوا البعض منها، ولكنها لم تكتمل هنا، فبعد هذا مشروع شراء بيت بات حلمهما الذي لن يتحقق في هذا الوطن، فاتجها للأجار، وإكمال نواقص البيت.
في الخطوة الأخيرة لإكمال المسير، وبعد احضار مبلغ من المال للحاجات النهائية في المنزل، وتكاليف الزفاف، وفي وضح النهار، تمت السرقة، سرقة “تحويشة العمر”، ليقفا والحيرى معهما، فأي اختبار هو هذا؟ هل الإجابة هي الصبر فقط، أم هناك حلول أخرى، قصد الشاب حسين المغفر وأبلغ الجهات المسؤولة عما حدث، حتى اليوم لا اجابة عن مصير الاموال، ولا حيل بهما.
قليلة هي الكلمات التي يمكنها أن تعبر عما يختلج قلب لارا وحسين، وما من مرافق لهما سوى غصة القلب ورفاة الأحلام… هذا الحال مرافق لكل قلب اختار الحب في وطني، والمصير موحد الا لمن ولد وفي فمه ملعقة من الذهب، والحب مصيره التأرجح بين كورونا ولبنان.