مريم قنديل- ليبانون تايمز
كان فرنسوا ميتران أول رئيس اشتراكي للجمهورية الخامسة في فرنسا، تولى الرئاسة الفرنسية لولايتين متاليتين. استقبل رئيس حركة أمل نبيه بري في قصر الأليزيه مدة ساعة وربع ودعه بعدها على درج الأليزيه كاسراً بذلك كل البروتوكالات. حينها لم يكن #نبيه_بري رئيساً لمجلس النواب ولا نائباً ولا وزيراً، وعندما سئل الرئيس الفرنسي عن سبب كسره البروتوكول أجاب: “أنا اتعامل مع الذين يصنعون التاريخ”!
الرئيس الفرنسي الذي انتقل من يمين اليمين إلى رئاسة الحزب الإشتراكي، ومن وزير في حكومة شارل ديغول إلى حامل لقب “آخر ملوك فرنسا” كسر البروتوكالات الرئاسية من أجل شابٍ قاد انتفاضة السادس من شباط وأسقط اتفاق ١٧ أيار.
هذه الإنتفاضة التي حولته من مفتي أفتى بقتال العدو الإسرائيلي إلى رقم صعبٍ ورجل دولة يصعب تجاوزه أو كسره أو تخطيه.
نبيه_بري قائد المقاومة التي هزمت العدو الذي لا يقهر، وقائد المفاوضات الذي لم يتنازل عن كوب ماءٍ من بحرنا، أو حبةٍ تراب من أرضنا، هو نفسه الذي قدّم التنازلات الكثيرة والكبيرة من أجل إنقاذ الوطن. لكنه بقدر ما يعلم كيف ومتى يتنازل، يعرف جيداً متى يقف مارداً لا يداس.
فالأميركي الذي اعترف بفشله في المفاوضات معه من حرب تموز إلى ترسيم الحدود البحرية، لن يستطيع أن يفرض عليه الخضوع لعقوبات هنا أو ممنوعات هناك. الأميركي يعرف أنه لا يستطيع كسر رأس حربة المقاومة، وعلى الرئيس الفرنسي صاحب ما سمي بالمبادرة الإنقاذية، أن يتعلّم من سلفه كيفية التعامل مع صانعي التاريخ، لكن نكد الدهر جعلَ العروبي الذي خطب في حضرة جمال عبد الناصر، ونال حب واحترام حافظ الأسد، والذي عاصر الإمام القائد السيد #موسى_الصدر وحمل أمانته، يفاوض في السياسة اليوم من أجل حفظ خط الدفاع الأخير أمام سقوط لبنان في وحول الإفلاس السياسي وصولاً إلى التطبيع مع العدو على غرار الدول العربية المتساقطة، وتوطين الفلسطينين كآخر فرصة أمام لبنان لتسديد ديونه ومنع انهياره.
نبيه بري هو تاريخنا المشرّف، والتاريخ يجب أن يُقرأ جيداً كي نفهم الحاضر ونبني المستقبل.