خاص ليبانون تايمز- بتول فواز
بات من المرجّح أن العام الدراسي 2020-2021 سيكون فريداً من نوعه، نتيجة واقع صحي واقتصادي وسياسي يتجه نحو الانهيار الكامل، ناهيك عن الحالة النفسية التي يعيشها الأهل والطلاب.
تعلّق العام الدراسي المُنصرم منذ الثالث من آذار الماضي، فتجربة “التعليم عن بُعد” لم تكن على قدر التوقعات، بسبب الأزمات المتتالية التي لحقت بالبلاد، وليس آخرها أزمة الإنترنت والكهرباء.
واليوم، عند الحديث عن أي قطاع في لبنان، لا يمكن فصله عن الظروف الراهنة، التي أصبحت عبارة عن حلقات متشابكة في سلسلة واحدة، وحجم الخسارات في القطاع التربوي لا يدركها إلا المتابعين عن كثب، فعدد كبير من المدارس الرسمية باتت عاجزة عن دفع رواتب أجرائها والمتعاقدين فيها على حساب مجلس الأهل وذلك بسبب الارتفاع الجنوني بأسعار القرطاسية واللوازم المدرسية ومواد التنظيف والتعقيم، التي تشكل عائقاً أساساً يحول دون انطلاق مريح للعام الدراسي الجديد، صرف مئات المعلمين من المدارس الخاصة، عشرات المدارس الرسمية ستخسر نسبة كبيرة من كادرها التعليمي بسبب احالتهم على التقاعد، وأخرى غير مجهّزة لاستقبال الاعداد الكبيرة من التلاميذ المتوقع انتقالهم من القطاع الخاص إلى الرسمي، فضلاً عن إقفال العديد من المدارس الخاصة أبوابها جرّاء الأزمة الإقتصادية التي تعصف بالبلاد.
وبالرغم من ذلك، لا بد من التعايش مع وباء “كوفيد-19” الذي بات من المعلوم أنه سيأخذ وقتاً طويلاً، بظل تحذير منظمة الصحة العالمية حكومات دول العالم بالإستعداد للجائحة المُقبلة.
لذلك، من الضروري رسم الخطط المستقبلية بما يتناسب مع الأوضاع الراهنة في القطاعات كافة، وهذا ما أثنى عليه وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال طارق المجذوب، خلال مؤتمره الصحفي أمس، الرامي إلى بدء العام الدراسي في ٢٨ ايلول لصفوف الشهادات الرسمية و٥ تشرين أول لباقي الصفوف، والذي ينص على اعتماد التعليم المدمج أي الحضور والتعليم عن بُعد، مع تخفيض المناهج إلى النصف استثنائياً لهذا العام، تعقبها تطمينات بتوزيع مواد تعقيم على كل المؤسسات التعليمية، إضافةً إلى المساعي بتأمين الاجهزة الالكترونية والانترنت المجاني لكل الطلاب في لبنان.
في هذا الصدد، أكد رئيس رابطة معلمي التعليم الأساسي في لبنان حسين جواد، في حديث خاص لموقع ليبانون تايمز، أن لبنان غير مهيّأ لتجربة التعليم عن بُعد بشكل دائم، بسبب النقص في الموارد الأساسية، لافتاً إلى أن هذه التجربة لم تحقق من الأهداف المرجوة إلا 30%، وأضاف: نحن كتعليم رسمي كنا نعاني من نقص التجهيزات لدى الطلاب أولاً، والمعلمين ثانياً.
وشدد جواد على أهمية التعايش مع الوباء مُستشهداً بقول دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري “مهما بلغت كلفة التعليم تبقى أرخص من الجهل”، وقال: سيتم إعتماد التعليم المدمج لنتمكن من إيصال المعلومات المطلوبة للطالب، سواء حضورياً أو عن بعد، خاصة بعد ان ارتأى للوزارة تخفيض المنهج للعام الدراسي المقبل إلى النصف، ومدى نجاح التعليم المدمج مرهون بتوافر خدمة الانترنت.
وطالب بضرورة توفير الجزء المنوي إعطاؤه في العام 2020-2021 بين أيديهم، للتنسيق ما بين المعلمين وإعتماد آلية موحدة في التدريس.
وتساءل: نحن مقبلون على عام دراسي بظل وباء صحي خطر، فكيف لمدرسة رسمية تعاني من عجز بملايين الليرات أن تأتي بمستلزمات صحية لمواجهة هذا الفيروس حصراً؟ نحن نعاني من شحٍ في الموارد، توزيع العائدات تحقق لمختلف الإدارات الرسمية من مستشفيات إلى مدارس خاصة، إلى بلديات، إلا المدارس الرسمية، صناديق هذه المدارس “أفلست”.
ودعا المعنيين إلى تأمين المستلزمات المطلوبة للمدارس كافة باعتبار أنها لا تستطيع أن تحمل ثقل الأزمات الراهنة وحدها.
وأثنى جواد على المسؤولية التي يتحلى بها المعلمين لناحية تأدية واجبهم الأكاديمي، قائلاً: المدارس الرسمية ستواجه أزمات متلاحقة وآخرها عدد التلامذة الوافدين من المدارس الخاصة، بعد الارتفاع الذي لحق بأقساطها وعدم قدرة الأهل على سدادها.
وختم: “لو أعطي للتعليم الرسمي الاهتمام الكاف من قبل الحكومات المتعاقبة لكان اليوم أقل كلفة على الأهل بالدرجة الاولى، ولكان أدى واجبه الوطني في تقديم التعليم المجاني لأوسع شريحة طلابية”.
أمام المشهد التربوي الذي يتنظر لبنان في العام المقبل، يبقى السؤال: هل سيتم التوفيق بين حق الطالب في الوصول إلى المعلومة، وواجب المعلم في إيصالها، بخضم أزمات لا أفق قريب لحلِّها.