زهراء شرف الدين – ليبانون تايمز
حرب أردوغان على سوريا تخطت القتال العسكري، وانتقلت الى القتال الانساني عبر استعمال سلاح المياه لتطويع المواطنين والدولة بعد العجز عسكريا، أكثر من ٢٠ يوما والحسكة دون ماء، اي ألاف السكان يعيشون ضغطا تركيا بعد أن عمدت القوات التركية على ايقاف عمل مضخة الشرب في محطة عكوك في ريف الحسكة، وهو أمر ليس بالجديد خصوصا بما يرتبط بعملية قطع المياه.
بداية لا بد من إيجاز ما يحصل في الحسكة السورية، حيث أوضح الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية عمر المعربوني لموقع “ليبانون تايمز” أن “النظام التركي إعتاد على استخدام قطع المياه كسلاح في هذه المواجهة الدائرة في تلك المنطقة تحت مبرر محاربة الجماعات الكردية التي يصفها بالإرهابية لكن الحقيقة هي أن مدينة الحسكة تضم طيفا واسعا من السوريين وهم في الاغلبية مدنية، والتواجد العسكري السوري ضئيل قياسا للتواجد العسكري في المناطق الاخرى من سوريا، لكن عندما ننظر الى هذه المسألة يجب ان ننظر الى طبيعة النظام التركي وطبيعة الجماعات الارهابية التي يرعاها النظام التركي”، مفيدا بأنها “ليست المرة الاولى التي تعمد بها الجماعات الارهابية المنضوية تحت الجناح التركي الى استخدام هذا النوع من الاسلحة وقد كنا امام نماذج عديدة كان اكبرها نموذج حلب، عندما كانت المجموعات الارهابية تتحكم بضخ المياه الى مدينة حلب، كذلك الامر عندما تحكمت هذه الجماعات بوصول المياه الى العاصمة دمشق”.
وأضاف معربوني “عندما نتكلم عن مسألة المياه، هناك ضغوطات مورست، وأجبرت النظام التركي على ضخ المياه من جديد لكن بنسبة لم تتعد ال ٤٠ الى ٥٠٪ من حاجة المواطنين، وهذا امر مؤقت لأن هناك حجج تركية مختلفة بأن جماعة قسد او ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية هي السبب، وأن ما يتم استخدامه من قطع المياه مرتبط بقطع قسد للكهرباء عن المناطق التي تسيطر عليها تركيا”.
اذا هي حرب متبادلة بحسب ما يعلنه الطرفان الاساسيان بالمشكلة وهما قسد والنظام التركي..
ومنذ فترة طويلة تعودنا على ازدواجية المعايير سواء بما يرتبط بسوريا او غيرها، وهذا ما جعل اردوغان يستغل التراخي الدولي ليتفنن في حربه، وهذا ما يؤكده معربوني، حيث أشار إلى أن “أميركا على تحالف وثيق مع النظام التركي وتحالف أوثق مع الجماعات الكردية الانفصالية، وبالرجوع الى الهدف التركي وراء قطع المياه، إلا أنه يخدم الاهداف الاميركية لناحية الضغط على الدولة السورية والمكونات الشعبية السورية لتقديم تنازلات، وتمارس اميركا والمجتمع الدولي الذي يتعاطى مع القضايا بشكل مختلف هذا الامر دائما، ومن الامثلة على ذلك نظرة المجتمع الدولي الى الكيان الصهيوني رغم المجازر التي ارتكبها حتى اميركا نفسها مختلفة مع قوى التحرر والمقاومة سواء جماعات او دول”.
ومع استمرار تركيا بجريمتها حسب ما وصفها ناشطون اجتماعيون، تجهد الجهات الحكومية لتأمين المياه الصالحة للشرب لأبناء مدينة الحسكة للتخفيف من معاناتهم، حيث عمدت الى حفر بعض الابار وارسال صهاريج مياه الى الحسكة لسد العجز لكن هذا حل مؤقت وليس بشكل نهائي وقاطع.
ورأى معربوني أنه “لا يمكن فعل الكثير بهذا الامر طالما الجماعات الارهابية وتركيا تسيطرعمليا على مساحات واسعة من الاراضي السورية في منطقة الجزيرة وتتحكم بمصادر المياه ومحطات ضخ المياه”.
ويفيد معربوني بأن سوريا لم تسكت عن هذه المسألة وقامت بحملة دبلوماسية وسياسية، وهي تتابع الموضوع على أعلى المستويات الى جانب الإجراءات التقنية التي يمكن ان تشكل حلولا لهذه المشكلة في ظل التعنت التركي، وبحسب تقديره فإن الدولة السورية تعمل في المحطات الدولية كافة حيث يمكنها العمل على تبيان حقيقة ما يحصل وفضح الممارسات التركية.
واعتبر معربوني أن “أردوغان يحاول ان يمارس مزيدا من الضغوط على الدولة السورية، لتصب في مشروعه الهادف الى تغيير ديمغرافية المنطقة وتتريكها، وهذا ما شهدناه في منطقة عفرين والجزيرة العربية، حيث تسيطر الجماعات الارهابية المنضوية تحت ادارتها”.
واعتقد معربوني ان “هذا الامر سيستمر لفترى غير قصيرة، أي الى حين تكوّن عناصر المواجهة بأبعادها الجيدة وهذا امر مرتبط بالمقاومة الشعبية التي باتت تطرح بشكل واسع على العشائر السورية العربية وبشكل أساسي، والتي ذهبت باتجاه تشكيل مجالس سياسية وعسكرية لتواجه الاحتلالين التركي والاميركي في نفس الوقت، وهو تطور كبير يمكن أن يأخذ المنطقة الي تحولات”، مؤكدا أنها “ستأخذ الكثير من الوقت للوصول الي المبتغى الاساسي وهو استعادة سوريا سيادتها على كل شبر من الأرض”.
لا نتيجة حتى الآن، رغم المفاوضات التي جرت بين الروس والأتراك والحملة التي أطلقت ضد السياسة التركية المتبعة تحت شعار “العطش يخنق الحسكة”، ولا يزال السكان يعانون نقصا حادا في المياه بالتزامن مع الحر الشديد وجائحة كورونا، على الرغم من الحلول المؤقتة، إلا انها ليست كافية.