محمد علوش – الديار
على وقع جرائم القتل العمد وغير العمد، من الجنوب، مرورا في بيروت والكورة، وصولا الى البقاع والشمال، يتحضر اللبنانيون لموجة قتل جماعي قد تبدأ بعد أقل من ثلاثة أشهر، موعد رفع الدعم عن المواد والسلع الأساسية من قبل مصرف لبنان الذي أبلغ الحكومة بأن قدرته على تقديم الدعم شارفت على النهاية. رغم ذلك لا تزال القوى السياسية تتعامل مع الواقع اللبناني وكأن شيئا لم يكن.
مع بداية الصيف الحالي، كان واضحا أن أشهر الصيف ستكون ساخنة للغاية، ولكن بعد إنفجار مرفأ بيروت، فُتحت في جدار الازمة اللبنانية كوّة، بمعدات فرنسية، ولكن هذه الكوّة لن تبقى مفتوحة لوقت طويل، وما لم يتمكن لبنان من إخراج نفسه من الأزمة عبرها، سيجد نفسه مرتطما بالجدار الذي يؤدي الى خسائر ضخمة في كيانه.
لا يُخفى هذا الواقع عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، اذ تشير مصادر مطّلعة الى أن بري يتعاطى مع المبادرة الفرنسية الحالية كخيار أخير يسبق الإنفجار، وبحال لم تتمكّن السلطة السياسية من استغلال الظرف الدولي الحالي للخروج بحكومة قادرة على تلبية متطلبات الإصلاح الضروري لإنعاش لبنان، فإنها لن تتمكن من الصمود بوجه ما هو قادم، مشبهة المبادرة الفرنسية بورقة التوت الاخيرة التي تغطي عورات النظام اللبناني، فإن سقطت قد يسقط النظام معها.
لم تتوحّد بعد رؤية فريق الأكثرية النيابية حول إسم رئيس الحكومة المكلف، او الشكل النهائي للحكومة، فالفريق الشيعي المصرّ على تسمية سعد الحريري لأسباب داخلية وخارجية لم يتمكن بعد من إقناع التيار الوطني الحر بهذا الخيار، فالتيار بحسب المصادر لا يريد تسمية الحريري «مجانا» ويريد بالمقابل إتفاقا مسبقا مع الرجل حول شكل الحكومة، ومكوناتها، ويعتبر أن عودة الحريري الى رئاسة الحكومة من دون مشاركة جبران باسيل تعني إنكسار الاخير، بعد المعادلة التي وُضعت قبل تشكيل حكومة حسان دياب بأن الحريري وباسيل متلازمان، فإما يدخلان سوية وإما يخرجان سوية.
الحل الأفضل بنظر التيار الوطني الحر هو تسمية شخصية جديدة مستقلة لرئاسة الحكومة، ولكن بشرط أن تحظى بتغطية كل الأطراف السياسية في لبنان، لان التجربة أثبتت ان النظام اللبناني يسمح لأي طرف، حتى ولو كان خارج الحكومة، أن يعطّل عمل مجلس الوزراء.
بالنسبة الى تيار المستقبل فالهدف ليس ترؤس الحريري للحكومة، بل «مهمة» الحكومة الجديدة، بحسب ما تؤكد مصادر قياديّة في التيار، مشددة على أن الواقع الحالي يفترض تغييرا بعقلية الحكم، وبحال لم يرغب باسيل ورئيس الجمهورية بتغيير العقلية القديمة، فليحكما لوحدهما، وليشكلا حكومة شبيهة بحكومة حسان دياب.
وتضيف مصادر «المستقبل» : «القوي لا يخشى البقاء خارج الحكومة، وكما خرج تيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي وحزب القوات اللبنانية من الحكومة السابقة، يمكن للتيار الوطني الحر أن يخرج من الحكومة المقبلة، لان مشاركة كل الاطراف بالحكومة المقبلة عبر شخصيات اساسية تابعة لها يعني استعادة لمشهد الفيتوات التي تُرفع من قبل كل طرف عند طرح أي ملف، ما يؤدي بالنهاية الى سقوط الحكومة في فخ فشلها مجددا».
وترى المصادر أن تغيير عقلية الحكم هو الحل الوحيد للنجاح، لأن المشكلة لم تكن يوما متعلقة بأشخاص بل بالعقلية، وعندما تتغيّر هذه العقلية يمكن عندها أن نبحث بفكرة ترؤس الحريري للحكومة من عدمها.