زهراء شرف الدين- خاص ليبانون تايمز
تساؤلات اجتاحت مواقع التواصل الإجتماعي، عن الوجود العسكري الأجنبي في لبنان، وذلك بعد وصول البارجة البريطانية احدى اهم البوارج في الاسطول الحربي البريطاني في مهمة لرصد اضرار مرفأ بيروت، وهي قد شاركت بمهمات عديدة في البحر المتوسط منها مراقبة مياه الخليج في ظل التصعيد مع ايران “HMS Enterprise”، إضافة إلى وصول حاملة الطوافات الفرنسية”Tonnerre”، وعلى متنها نحو 700 عسكري، ساد جوّ من الامتعاض عند أغلب اللبنانيين، معتبرين أن البلد متجه نحو وصاية دولية.
مساعدات طبية، غذائية وغيرها قدمتها الدول إلى لبنان بعد وقوع الإنفجار للتعبير عن التضامن والوقوف إلى جانب بيروت، ولكن مع تزامن زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، تحولت مساعدات بريطانيا وفرنسا إلى فرق عسكرية بالإتفاق مع الدولة اللبنانية حسب ادعائهم، بحجة مسح الأضرار، وهنا يستدعي هذا الأمر التساؤل، هل يحتاج تعيين الضرر الحاصل جراء الإنفجار إلى بارجة حربية وعسكر متمترسين على الشاطىء اللبناني؟؟
وفي هذا السياق، اعتبر العميد أمين حطيط لموقع “ليبانون تايمز” أن الذي يحصل لا علاقة له لا بالكارثة ولا بالأضرار ولا بالإغاثة، مضيفا ان “خطة بومبيو والحصار الأميركي في لبنان والإنفجار، يضع لبنان أمام مرحلة جديدة هي مرحلة رسم حدود النفوذ والفعالية للقوى الداخلية والخارجية”.
ورأى حطيط أن “كلا من الفريقين، الفريق المقاوم مع تياره والفريق المواجه لفريق المقاومة، اصبح على علم ويقين أنه لا يمكن السيطرة على لبنان بمفرده، بصيغة أخرى لن يكون لبنان ميدانا تستأثر به جهة واحدة، سواء أميركا ومحيطها الغربي او المقاومة والتحالفات الشرقية، وسيكون لبنان محل نفوذ مشترك، لذلك لردم الحدود بين مناطق النفوذ في لبنان وتحديد الاحجام”، موضحا أن “الجميع سيضع اقصى ما لديه من قوة، فالأميركي لم يكن يملك قوى عسكرية تهدد، لذلك استغل الإنفجار من أجل التحشيد العسكري للضغط على الفريق الآخر، وبالتالي الحشد العسكري الغربي المتعدد مع استعمال ورقة اليونيفيل والتهديد بالمراجعة، كل ذلك يقع في خانة تحديد الأحجام ورسم الحدود، وإلى الأن ليس مطروح المواجهة العسكرية “.
ولكن مع وجود قوة عسكرية قبالة الشاطىء اللبناني يعيد بلبنان إلى صورة الإنتداب كما يراها البعض، او الى وصاية دولية، وهذا ما نفاه حطيط، حيث أكد اننا لسنا بانتداب بل نوع من الاتفاق غير المباشر، وتفاهم ضمني مبني على أساس أن لبنان سيكون ميدان تعايش.
وفيما يتعلق بسلاح حزب الله لا يمكن نكران محاولة الدول الغربية تحجيم دوره بعد تخوفهم من بسط نفوذه أكثر، أفاد حطيط بأن “حزب الله ليس جيشا لديه مواقع معروفة، وبالتالي استعمال هذه القوة ضد حزب الله لها تجرية في العام 2006، حيث استعملت اسرائيل اقصى قوتها العسكرية ولم تقدرعلى فعل شيىء، وكان حزب الله بقوة أقل بكثير من الآن، ولكن طرح هذه العناوين انما هو من أجل الضغط والحرب النفسية”.
ولكن أكثر ما يثير الريبة، قبول الدولة اللبنانية بقوات أجنبية، حاولت مرارا المجيء إلى لبنان ولم تنجح، وما ان حصل الإنفجار حطت على الشواطىء اللبنانية، في هذا السياق يقول حطيط ان “الدولة اللبنانية ليس لها علاقة بما يحصل ولم تعطي موافقة، هي طلبت المساعدة في ثلاثة عناوين، المساعدة الإغاثية، والمساعدة الطبية، ومساعدة القدرات بالتحقيق (القضائية الجنائية) وبالتالي لم تطلب هكذا مساعدات، وقد فوجئت بحجم القوة العسكرية”، موضحا أن “البيئة التي صنعها الأميركي في حصاره على لبنان في غاية الألم، ولذلك ليس بمقدور الدولة اللبنانية ان تقوم بأي شيء، اي ليس بامكانها أن تقول لبريطانيا لا ترسلي جنودا، وهؤلاء الجنود ليس لهم لزمة، والأخطر من هذا كله، أن مجيء الجنود الأجانب مع المستشفيات الميدانية، حيث حاول البعض تبرير ذلك بأن المستشفى الميداني تابع للجيش، والجيش يحركه ولكن ما لزوم الـ 50 والـ 70 عسكري وهو يحتاج 5 جنود لإدارته؟؟”.
وكشف حطيط أنه “هناك حديث عن قطعتين أميركيتين كبيرتين ستصلان الى لبنان، مدمرة وحاملة طائرات، إضافة الى أن الروس سيحركون قطعهم مقابل الشاطىء السوري الى مقابل الشاطىء اللبناني، وأيضا ألمانيا سترسل أربع قطع كانت سابقا مع اليونيفيل والأن ستقوم بردها ولكن لا أعلم تحت أي شعار، إن كان تحت تعزيز قوات اليونيفيل البحرية أم ضمن الأطلسي، أي أنها تنضم إلى الأميركان والبريطانيين والفرنسيين، وإذا صحت كل الترتيبات وأعلنت رسميا سيكون هنالك تقريبا شبه اصطول أطلسي مقابل الشاطىء المتوسط، مفيدا بأن هذه القطع ستبقى على بعد 10 كلم عن الشاطىء اللبناني، وسينتشرون في المنطقة ما بين طرابلس وصيدا.
وأعلن حطيط أن المدة التي ستقضيها القوات الأجنبية في لبنان غير معلنة، لأن وجودهم رهن المهمة القادمين لأجلها، وحسب المفاوضات الجارية المعلنة وغير المعلنة من الممكن أن يبقوا في لبنان لأكثر من اسبوع، وكون وجودهم مرتبط بإظهار القوة، فمن المستبعد رحيلهم قبل تحقيق الأهداف، أقله الى آخر هذا الشهر، والمدة مفتوحة.
وأضاف حطيط أن جزء من وظائفهم على شاطىء المتوسط، ووجودهم ليس محصور فقط في لبنان بل متعلق بتركيا، عبر توجيه رسالة بحرية، فحواها انها ليست لوحدها من يتصرف في الشرق المتوسط، خاصة الفرنسي والألماني.
لا شيء دون مقابل، والدول ليست بفاعل خير لتقدم شيئا من الباب الإنساني، إنما تقديمها معتمد على مصالحها الشخصية، والأشهر القادمة ستكون حاسمة بالنسبة إلى الوضع اللبناني وتوجهاته، وربما ستحدد مصيره في السنوات القادمة.