محمد علوش – النشرة
بعد دخول جهاز الأمن العام على خطّ معالجة أزمة الدولار في السوق السوداء، دخل منذ أيام على خطّ معالجة الاحتكار والتخزين في قطاع المحروقات، وبات يتحرك بشكل يومي على أكثر من صعيد، بدءا من الإشراف على عمليات البيع التي تتم في منشآت النفط، وصولا لمداهمة أماكن يُتوقع تخزين المحروقات فيها.
أمس، أعلن الأمن العام في بيان أنه “في إطار متابعة موضوع عدم احتكار مادة المازوت والتقيد بالسعر الرسمي، قامت المديرية العامة بالتنسيق مع القضاء المختص بتسيير دوريات على كافة الأراضي اللبنانية إلى محطات الوقود والمخازن والأماكن المحتملة لتخزين المادة بهدف منع احتكارها أو بيعها في السوق السوداء أو بيعها باسعار مغايرة للتسعيرة الرسمية، تمّ بنتيجة المداهمات توقيف 16 شخصاً، وختم 13 محطة بالشمع الأحمر وبعض المصادرات”.
ومن ضمن هذه المحطات كانت محطّة الأيتام في دير الزهراني في الجنوب، حيث عمدت الدورية لإقفالها بالشمع الأحمر، وتوقيف مديرها ع. ش. على ذمّة التحقيق. وعلمت “النشرة” من مصادر مطّلعة أن المحطة قررت السبت عصرا إغلاق أبوابها للاحتفاظ بالمخزون لليوم التالي أي الأحد، لتتمكن من تلبية طلبات زبائنها خلال توجههم الى بيروت، لأن عملية تسليم المحروقات إليها لن تتم قبل أيام عدّة، وما لديها لا يكفيها، مشيرة الى أن أحدا ما اشتكى على المحطة فقامت دورية الامن العام بزيارتها وإقفالها، بعد أن وجدت في خزاناتها حوالي 3 ألاف ليتر من البنزين 95 أوكتان، فقط.
وتضيف المصادر عبر “النشرة”: “إن القيّم على المحطة أخطأ وستتحمل الإدارة مسؤولية الخطأ ولو أنه لم يصدر عن سوء نيّة، لذلك عمّمت على كل مديري المحطات الاستمرار بالبيع حتى آخر نقطة محروقات، وعدم التوقف قبل ذلك تحت طائلة المسؤولية”.
إن هذه المسألة، تُثير ملف نقص المحروقات في الجنوب تحديدا، اذ جرت العادة في الأيام الماضية أن ترفع محطات الجنوب “العشرة”، أو تشترط البيع “بعشرة”، الامر الذي أثار سخط الجنوبيين الذين لم يلاحظوا نفس المشكلة في كل المناطق، والسبب بحسب المصادر لا ينحصر بأمر واحد بل بعدة أمور، هي أولا نقص الكميات في لبنان ككل، بسبب صعوبة الاستيراد وفتح الاعتمادات من قبل مصرف لبنان، ما يجعل المخزون منقوصا، وبالتالي التركيز على تقديم “الدعم” لمناطق على حساب أخرى، وثانيا بسبب نيّة بعض الشركات معاقبة الجنوب ومحطاته، وذلك في سياق “خطة تأليب مجتمع المقاومة على المقاومة”، وثالثا بسبب ازدياد الاستهلاك بشكل كبير جدا، حيث بات كل بيت لبناني يعمد لتخزين البنزين والمازوت خوفا مما هو قادم مستقبلا او تحضيرا لفصل الشتاء المقبل، ورابعا بسبب احتكار المحروقات من قبل البعض.
تشير المصادر الى أن من واجب الدولة تأمين المحروقات للناس، وتخلّيها عن المسؤولية لصالح شركات استيراد المحروقات لا يُعفيها منها، مشددة على أن الاحتكار لا يحتاج الى غطاء، فشبكات المصالح التي تجمع المحتكرين على طول مساحة لبنان أقوى من أي تنظيم وطائفة، ولا شكّ أن عمل الأمن العام أظهر ذلك.
يتحرك الأمن العام كلما لاحت له “خبريّة”، ويتّخذ الإجراءات المناسبة، وبحال ثبُت وجود تغطية حزبيّة او طائفيّة على أيّ مرتكب، فسيكون لنا كلام آخر.