خلود شحادة – ليبانون تايمز
درة الشرقين انطفأت، عتمة احتلّت وطن الأرز، سلطة ترزح تحت سطوة المحتكرين، وشعب اجتاح الظلام الدامس أيامه ولياليه! كهرباء 24/24، باتت بالنسبة للبناني أشبه بمقولة “فيل بيطير”، بعد سنين من الوعود “الزائفة” كلّما أبصرت حكومة جديدة النور في بلد يغرق بالعتمة، واستلم وزير جديد حقيبة “اللاكهرباء”.
وفي العام 2020، بينما تتسابق الدول لإكتشاف الفضاء، يغرق لبنان في العتمة، فمع انقطاع كهرباء الدولة “شبه الكامل”، بدأ أصحاب المولدات الكهربائية بتقنين ساعات التغذية بسبب أزمة شحّ مادة المازوت، لتضاف مأساة جديدة على حياة اللبنانيين.
ففي بعلبك، وفي ظل موجة الحرّ التي يتأثر بها الطقس في لبنان، تغيب كهرباء الدولة غياباً كاملاً، مما يدفع أصحاب المولدات الكهربائية الى تقنين مدة التغذية كل أربع ساعات لمدة ساعة تقريباً.
أما في بلدة عدلون الجنوبية، فمع انقطاع كهرباء الدولة، يلجأ أصحاب المولدات إلى إطفائها طوال النهار، فتقتصر مدة التغذية من الساعة الثامنة مساء وحتى الساعة السادسة صباحاً، وكذلك الحال في بلدة القليلة الجنوبية. ولأن الأزمة تبدّد الفوارق المناطقية، المأساة مشتركة مع منطقة عين زحلتا – الشوف.
والحال نفسه في الضاحية الجنوبية، التي يلجأ فيها أصحاب المولدات الى قطع التيار الكهربائي من الساعة الرابعة فجراً وحتى الساعة الثامنة مساء، وفي بعض الأحياء اقتصرت تغذية المولدات على 6 ساعات فقط في اليوم! وعن آثار هذا التقنين، أشار “محمد” في حديث خاص لموقع ليبانون تايمز إلى أن أخته التي تعاني من مشاكل في القلب، تعيق وصول الأوكسجين الى كل جسمها، وهذا ما يضطرها الى استخدام “ماكينة الأوكسجين”، فباتت حياتها وصحتها رهينة “محوّل الكهرباء” الذي يتحكّم به المحتكرون.
ولفتت “فاطمة” الى معاناتها كمريضة ربو، فعند اصابتها بالنوبة لا تستطيع استخدام ماكينة “الفنتولين” بسبب انقطاع الكهرباء. وأوضحت إحدى الأمهات أنها اتخذت قراراً بالاستغناء عن الأطعمة والخضار المثلجة في التعاونيات بعد فضائح المواد الغذائية الفاسدة، فلجأت الى تموينها في ثلاجة المنزل، ولكنها فسدت أيضاً بسبب انقطاع الكهرباء، وتساءلت: هل باتت الحرب علينا بلقمة عيشنا أيضاً؟ وشكت ميرنا، من أن صاحب المولد في الحي الذي تسكن فيه في الضاحية الجنوبية، يقطع التيار الكهربائي ليلاً ويكتفي بساعتين نهاراً. وأضافت: “المونة التي اشتريناها تحسباً للأوضاع المرتقبة وخوفاً من رفع سعرها في الأيام القادمة تم رميها في النفايات، كما أن الشمع انقطع في العديد من المحلات، وان وجد فإن سعره أصبح أغلى بعشرة أضعاف”.
ورضا، شاب يملك محل فلافل، اضطر الى رمي رزقه ليومين متتاليين في النفايات بعد أن فسد بسبب انقطاع التيار الكهربائي، أقفل أبوابه الى حين عودة التغذية بشكل طبيعي.
أما فاطمة، فأشارت الى أن أخاها يملك صالوناً للحلاقة، وبظل انقطاع الكهرباء تضطر الزبائن الى المغادرة مما يكبّده خسائر فادحة. ونفس المعاناة تعيشها مروى صاحبة احدى محلات “الأوبتيك” التي تحتاج الى توفر دائم للكهرباء لتتم عملها.
وعلم موقع ليبانون تايمز من عدد من المواطنين، أن “النبطية، زغرتا، حداتا، الشياح، شحور، معروب، البازورية، زوطر الشرقية، برج الشمالي، الشهابية، الغازية، تبنين، كفرصير، وكفرا، لا زالت معفيّة من تقنين المولدات الكهربائية مع طلب البلدية من السكان ترشيد الاستهلاك، والاشارة الى أنه قد تضطر الى التقنين اذا استمرّت أزمة المحروقات بعد نفاذ الاحتياط من المازوت لدى كل قرية”.
الظلمة التي يبصرها اللبنانيون في مستقبلهم، استحكمت بحاضرهم أيضاً. انطفأ بريق وطن النجوم، وانطفأت معه أحلام شبابه بهذا الوطن.. حتى بات الحلم الأكبر لديهم “تأشيرة” لذهاب بلا عودة، نحو وطنٍ يعطيهم أضعف حقوقهم كإنسان!