عودة مثلثة في يوم واحد العودة الاولى للرئيس سعد الحريري بعد غياب طال كرئيس للحكومة، لكن العودة الحريرية المنتظرة لم تكن لا تقليدية ولا كلاسيكية، فهو لم يزر القصر الجمهوري كما لم يزر عين التينة، وقد استعاض عن الزيارتين المتوقعتين اللتين لم تتحققا بمؤتمر صحفي، وضع فيه النقاط على الحروف بالنسبة الى القضايا المطروحة.
الحريري اطلق مواقف واضحة قوية ولو بلهجة هادئة، وبدا في كل كلامه المكتوب كأنه يوجه كلامه الى الوزير جبران باسيل، وبعكس ما توقع البعض لم يقد الحريري استقالته ولم يعلن اعتاكفه، بل اراد وضع خط بين ماضي التسوية السياسية وحاضرها وبين مستقبلها، كما اراد من خلال ما قاله ان ينفس الاحتقان السياسي والطائفي في الشارع السني قبل ان يصعد الى القصر الجمهوري، وعليه فإن التسوية الرئاسية باقية ولو بعض التجميلات والتحسينات الكفيلة بحماية الحريري، بل الكفيلة بعدم تحوله من شريك اساسي فيها الى ضحية من ضحاياها.
العودة الثانية هي لنزار زكا بعدما امضى في السجون الايرانية حوالي اربع سنوات ورغم كل ما قيل ويقال فالاكيد ان عودة زكا الى لبنان لم تكن لتتحقق لولا الجهود اللبناني التي مورست على خط ايران وهي جاءت على التوالي من رئيس الجمهورية ميشال عون ومن وزير الخارجية جبران باسيل ومن حزب الله، لكن عودة زكا الى اهله لم تكن نتيجة الجهد اللبناني فقط، فهذا الجهد ما كان ليصل الى نهايته السعيدة لولا الحراك الذي تشهده العلاقات الايرانية الاميركية ولولا رغبة ايران في توجيه رسالة ايجابية نوعا ما الى الادراة الاميركي، وتبقى العودة الثالثة وهي عودة دايفيد ساترفيلد.
وفق المعلومات فإن ساترفيلد اتى ليبلغ المسؤولين اللبنانيين الجواب الاسرائيلي على الطرح اللبناني بعدم وضع سقف زمني للمحادثات بين الجانبين تحت علم الامم المتحدة، فهل تنتهي التفاصيل الشكلية ليبدأ البحث الجدي والعميق في رسيم الحدود الجنوبية برا وبحرا بين بيروت وتل ابيب؟