بتول فواز ـ خاص ليبانون تايمز
بظروف إستثنائية، تشكلت حكومة من المُفترض أن تُحدث فارقاً في الحياة السياسية، ليستعيد الشعب اللبناني ثقته برجال الدولة من جديد، مما ينعكس على دورة حياته اليومية.
لم يعُد مُصطلح رجال الدولة يقتصر على الجنس الذكوري، ففي الحكومة الأخيرة كان للحضور النسائي “حصة الأسد”، وسُجل للبنان مشاركة نسائية فريدة من نوعها باستلام “معاليهن” وزارات سيادية وخدماتية.
منصب لم تشغله إمرأة بتاريخ لبنان السياسي، فرضت خلفيتها الأكاديمية والمهنية دافعاً أساسياً في تولي هكذا منصب، مُرشدة إجتماعية، أخصائية نفسية-إجتماعية، حاجة لبنان لفئة عمرية شابة تحاكي تطلعاتهم وإحتياجاتهم، وتُمثل صرخةً في المحافل السياسية، جعلت من السيدة فارتينيه أوهانيان معالي وزيرة الشباب والرياضة.
سيدة اجترحت حلولاً بخضم بلد مجهول المُستقبل، مشهدٌ إقتصادي مُنهار، أزمة صحية، أوضاع معيشية تعكس معاناة الشعب الروتينية، فخلقت من قلب الأزمة مساحة للدراسة والتخطيط، وصولاً إلى قطاع رياضي مُزدهر.
في هذا الصدد، أكدت وزيرة الشباب والرياضة فارتينيه أوهانيان، في حديث خاص لموقع ليبانون تايمز، تأثير العديد من العوامل على الواقع الرياضي، أولها صعوبة الوضع الإقتصادي والذي نتج عنه تراجعا مُخيفا بالليرة اللبنانية، الأمر الذي بدّل أولويات المستثمرين ورجال الأعمال وأجبرهم على الإنسحاب من مشاريع الإستثمار الرياضية، وتفشي فيروس كورونا، إضافةً إلى إدراج الرياضة في أسفل سُلّم الأولويات، بحيث أن المواطن اللبناني يعمل فقط من أجل تحقيق أمنه وأمانه الغذائيين، دون إيلاء أي إعتبار لأي نشاطات أخرى، فضلاً عن الوضع المُزري الذي يعتري المُنشآت الرياضية اللبنانية.
وأضافت أوهانيان: بالرغم من الصعوبات التي يعاني منها لبنان على الصعد كافة، هناك إصرار من قبل الإتحادات واللجنة الأولمبية على إستئناف النشاط الرياضي لموسم 2020-2021، وكل إتحاد يسعى لإعداد إستراتيجية تتلاءم ونشاطه الرياضي، فكُلٍ منهم يملك حساً عالياً بالمسؤولية، هناك لقاءات مُرتقبة سنعقدها مع رؤساء الإتحادات المُختلفة، لنصل وإياهم إلى رؤية واضحة وموحّدة للإستراتيجيات الرياضية التي توفّق بين الوضع الحالي ومصلحة الرياضة مهما كانت، ونحن على ثقة بأنهم سيقومون بالمسؤولية على أكمل وجه.
وفيما خص المشاركات اللبنانية في الساحات القارية والعالمية، إعتبرت وزيرة الشباب والرياضة أن ما يحصل هو جمود في الإنجازات وليس غياباً لبنانياً، وذلك بفعل الواقع اللبناني المُتضرر على الصُعد كافة، قائلةً: عندما يتحسن الوضع وتتذلل بعضٌ من العقبات، سنلحظ تحسّناً تدريجياً في القطاع وأنشطته، بحيث أنه لا يُمكن الحديث عن واقع رياضي مُتراجع، بمعزل عن أزمة بلد على شفير الإنهيار.
وتابعت: لِنكن واقعيين، الوزارة اليوم تعمل على أكثر من إتجاه، الأول هو السياسة الشبابية في لبنان، أقرها مجلس الوزراء في 3-نيسان-2012، والتي تتضمن 137 توصية، تبنّتها الحكومة آنذاك، ومنذ ذلك الوقت بقيت حبراً على ورق، لأسباب مُختلفة لا علاقة لها بشكل مُباشر مع وزارة الشباب والرياضة، بحيث أن بنودها مُرتبطة بالوزارات كافة، اليوم وبالتعاون مع اليونيسيف والـ UNFPA، تم الإتفاق على رفع 20 توصية من أصل 137، الى طاولة مجلس الوزراء الأسبوع المُقبل، وسنطلب من الحكومة تبني هذه التوصيات كأولوية تنفيذية لها.
وشددت على نجاحهم في تصويب العناوين الخاصة بالسياسة الشبابية والتي تتركز على 4 محاور: أولها التعليم والثقافة عبر العمل على دعم البرامج التربوية لتأمين منح تعليمية للطلاب في الجامعات اللبنانية، ثانياً- العمل والمشاركة الإقتصادية، وذلك من خلال تفعيل إستفادة الطلاب الجامعيين من التدريب على برامج التوجيه المهني، لتسهيل الإنتقال من العلم إلى أسواق العمل، وتحقيق التوازن فيما بينهما، ثالثاً- برامج إبتكار إجتماعي، تهدف إلى تأمين بيئة حاضنة للشباب اللبناني لخلق مشاريعهم الصغيرة والمُتوسطة، رابعاً- برامج التوعية من المخاطر (كورونا- المخدرات-المُنشطات-العنف في الرياضة وغيرها).
وشددت على سعيهم في الأمد القريب لإقامة منشآت رياضية في القرى، وتفعيل التدريب المهني المُعجل للشباب في القرى أيضاً، باعتبارها عضواً في اللجنة الوزارية للتنمية الريفية.
ولفتت إلى إستغلال الوضع الصحي الذي يفرض تباعداً إجتماعياً ويمنع التطبيق الميداني لشتى المشاريع، بالتخطيط وإنهاء الأمور الإدارية، آخرها الورشة التشريعية التي تمت مع فريق العمل الداخلي وزارة الشباب والرياضة بالتعاون مع خبراء وأصدقاء، بحيث تم إعداد دراسة عملية وفق معايير عالمية، مُردفةً: سنعرض مشروع قانون جديد، قانون 629 المُعدّل، لكنه أكثر حداثة وعصرية، وسنعرضه قريباً على طاولة مجلس الوزراء، وهناك العديد من المراسيم ومشاريع القوانين قيد الدرس، بالتنسيق مع اللجنة الأولمبية والإتحادات الرياضية المُختلفة، فالعمل البنّاء يكمن في الشراكة.
ونفت وجود نصاً قانونياً يمنع مشاركة الفتيات المُحجبات من مزاولة الرياضة أو أي نشاط آخر مهما كان، باعتبار أن ذلك حق مُكتسب لهن.
وعن المُشاركة النسائية في العمل الحكومي، علّقت أوهانيان: المرأة اللبنانية اليوم تُمثل نصف المجتمع وهي قيمة مُضافة في كل المجالات التي تدخلها، ومشاركة 6 وزيرات ما هي إلا رؤية بعيدة للحكومة من منظار المرأة اللبنانية، أما على الصعيد الرياضي فنأمل أن يصل صوتها من خلال إنتخابات الإتحادات عبر الأندية الرياضية النسائية.
وختمت حديثها مُتوجهةً للشباب اللبناني بالقول: الجميع يدرك صعوبة المرحلة التي يمر بها لبنان، وهذا لا يعني فُقدان الأمل والثقة بالوطن وإتخاذ قرار الهجرة، لبنان لشبابه، ونحن نملك خيرة الشباب، أتمنى منهم التحلي بالصبر، والمشاركة بالقرار الداخلي، باب الوزارة مفتوح للجميع، وكلنا أمل بتخطي هذه الأزمة وصولاً إلى أيام أكثر إيجابية.
في عتمة واقع مرير يعصف بالبلد، تسنّت للشباب اللبناني فرصة لم يحظ بها من قبل، فئة عمرية تبذل كل ما تملك من طاقات في سبيل إيصال صوت الشباب على مساحة الوطن.