ليبانون تايمز ـ حسن قبلان كاتب ومحلل سياسي
في سياق خطة التحشيد الشعبوي واستنفار العصبيات وعبر مسيرة سياسية يشكل الخطاب القومي الديني مادته الأساس ، يقدِم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على رمي المزيد من الحطب في آتون أزمات المنطقة والعالم التي لا ينقصها حريق آخر ، عبر لجوئه إلى المحكمة العليا من أجل تغيير واقع كنيسة آيا صوفيا والتي حولها محمد الفاتح والسلاطين الذين خلفوه إلى مسجد بعد فتح القسطنطينية عام 1452 ، وهو ما ألغاه مصطفى كمال أتاتورك عام 1925 محولا إياها إلى متحف مهديا إياه إلى البشرية كافة باعتبارها إرثا عالميا يعد اليوم أهم وجهة سياحية في القسم الغربي من اسطنبول .
إن خطوة أردوغان الرامية إلى اعادتها مسجدا إستكمالا لمسار بدأ عام 2014 جمع فيه خمسة عشر مليون توقيع بهذا الهدف تحت شعار (إحمل سجادتك وتعال ) ستوظف في اكثر من اتجاه داخل تركيا وخارجها .
فهي خطوة تزيد من الإستقطاب داخل المجتمع السياسي التركي وتدغدغ عواطف القوميين الأتراك وكذلك الإسلاميين وتقدم أردوغان باعتباره أمينا على مشروع سياسي قومي ديني يعتبر تحويل واقع آيا صوفيا معركة سياسية بامتياز .كما هي حركة تُلاقي مشاعر وعواطف تيارات اسلامية خارج تركيا .
من هنا يجب على الذين تمتد أبصارهم إلى أبعد من أنوفهم أن يتحسسوا رؤوسهم من مخاطر الإنزلاق إلى حروب دينية جراء خطوة تستفز العالم الأورثوذوكسي بل كل العالم المسيحي والتلطي خلف منطق حق الدولة التركية السيادي على جميع المنشآت والمعالم في المدينة الذي سيقدم ذريعة بل هدية ثمينة لإسرائيل للإقدام على اللعب بواقع المسجد الأقصى تحت ذات المبررات والذرائع .
في الطبقات غير المرئية من ملفات المنطقة الحساسة والتي تعبق فيها روائح التاريخ وتضج بها ابواق دعاة الحرب الدينية ، حذار الفرح والتهليل لخطوة سترتد سريعا على واقع مدينة القدس ومسجد الصخرة في لحظات من جنون الخطاب القومي-الديني من جهة ، وهياج مشاريع الضم والسيطرة على ما تبقى من فلسطين من جهة الصهاينة.
ليس هكذا تحسم معركة زعامة العالم الإسلامي فاللحظة بحاجة إلى حكماء وليس لإجراء يشعل إقليما ، النار مستعرة في كل مرابعه.