خاص ليبانون تايمز
على الرغم من تعدُّد مصادر المياه في لبنان، يظهر الواقع العملي وجود أزمة متعددة الجوانب، حيث يغلب الشح والتقنين طوال السنة، بالإضافة إلى الهدر والتلوث والسرقات الداخلية.
وقد اتفق جميع الخبراء المائيين على أن لبنان ينعم بموارد مائية متنوعة ومتجددة قادرة عند حسن إدارتها على تلبية احتياجاته الأساسية، إلا أن عدم وجود سياسة مائية واضحة والتأخر في تزويد المناطق اللبنانية كافة بمشاريع مائية شاملة للشفة والري وضعف الدور المؤسساتي للإدارات العامة التي تهتم مباشرة بشؤون تطوير وتوزيع المياه وصيانة المنشأت العائدة لها. كل هذه العوامل أدت إلى نقص في توفير المياه في العديد من المناطق اللبنانية لا سيما منطقة الجنوب اللبناني، فازداد الاستخدام غير المراقب للمياه الجوفية من دون مراعاة للتوازن بين تغذية هذه الطبقات الجوفية وكمية المياه المستخرجة منها، إذا ما أضفنا إليها تدني نوعية المياه الجوفية وتلوثها الناجم عن تسرب المياه المبتذلة إليها.
“انقطاع المياه من صيدا الى الشريط الحدودي”
وقد وجه ابناء الجنوب العديد من الرسائل يشكون فيها اوضاع المياه، بعدما وصلت المشكلة الى ذروتها. وقد وجه أهالي منطقة الشريط الحدودي رسالة الى المسؤولين، يشكون فيها معاناتهم من العطش، وسألوا “هل يعقل السكوت عن فشل ادارة مصلحة مياه لبنان الجنوبي التي اطاحت بكل ما أنجز بفعل تقصيرها وصرف نظرها عن عطش الناس؟ وهل يعقل ان 6 محطات مياه لا يعمل منها الا اثنتين و الباقي معطل؟ وهل يعقل ان تكون الذريعة الكهرباء خربانة ما فينا ندور مولدات”.
واعتبر اهالي الشريط الحدودي ان “اعظم ما انجزته هذه المصلحة عندما حاولت زيادة 50 الف ليرة على اشتراك المياه بحجة قلة الموارد المالية لديها وفي المقلب الآخر توظيفات عشوائية”.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر معنية بالموضوع أن مؤسسة مياه لبنان الجنوبي التي دخلت في مشاريع استثمارية مع الوكالة الاميركية للتنمية الدولية نقلت بموجبها مياه النبطية الى جزين، وفرضت عدادات على قضاء بنت جبيل، لتقوم بفرض الرسوم على اساسها دون قراءتها، وحاصرت الاحياء الشعبية في مدينة صيدا القديمة التي بدورها رفعت الصوت بسبب شح المياه.
بالاضافة الى ازمة المياه، برزت ازمة العمال والمستخدمين في مؤسسة مياه لبنان الجنوبي، وقد أعربت النقابة عن “استنكارها الشديد لما يتعرض له العمال والمستخدمين منذ فترة ليس بقصيرة من قبل ادارة المؤسسة التي دأبت على استعمال اسلوب القمع والترغيب والترهيب بالفصل واخرها ما حصل مؤخراً من الحسم المتكرر على عمال غب الطلب في هذه الظروف الصعبة دون أي وجه حق”.
وذكرت المصادر ان “نتائج سوء الادارة في المؤسسة والتوظيف لعشرات المهندسين براتب يومي يتجاوز مبلغ ٢٢٠ الف ليرة لبنانية، ومحاولات ارضاء النواب والجهات السياسية عبر صفقة غب الطلب، والتحول من تأمين المياه الى تأمين الوظائف، بالاضافة الى عشرات المشاريع والدراسات والتدريب والمؤتمرات بعشرات ملايين الدولارات، يدفع ثمنها سكان محافظتي الجنوب والنبطية ومستخدمو وعمال مؤسسة مياه لبنان الجنوبي”.
“المخالفات والفساد في مؤسسة مياه لبنان الجنوبي”
واشارت المصادر المعنية بالملف الى ان “المؤسسة التي تعمل على اقتطاع الرواتب عن مئات عمال غب الطلب العاديين بأجور زهيدة، تسدد رواتب عشرات المهندسين والمستشارين الحزبيين”. وذكرت انه تم افراغ صندوق المؤسسة لتنفيذ مشروع للطاقة الشمسية لمجموعات الضخ في كفرفيلا، علما ان المؤسسة اساسا لا تدفع فواتير الكهرباء لمؤسسة كهرباء لبنان حيث يترتب بذمتها اكثر من ٦٠٠ مليار ليرة لبنانية. كما تم إبرام مناقصة مع متعهد لردم جميع الحفر التي تتشكل جراء الصيانة لخطوط الجر والدفع في جميع دوائر المياه في الجنوب ودفع كل قيمة العقد في بلدة واحدة هي كفرفيلا على حساب كل بلدات الجنوب.
ولفتت الى انه تم حفر بئر في وادي جيلو لزيادة كمية المياه، فقام المتعهد بحفره بجانب بئر اخر، مما ادى الى تعطل البئر الثاني. وذكرت انه تم عقد اكثر من عشرة الاف اشتراك خلال السنوات السابقة للمشتركين دون تزويدهم بعداد اوعيارات (المدفوعة من قبلهم) مما سبب بهدر اكتر من 100 الف متر مكعب من المياه شهريا ناهيك عن عدم وصول المياه للمشتركين الآخرين.
وذكرت المصادر بأنه تم استحداث دائرة إعلامية خلافا للقانون وهي غير موجودة في الهيكل التنظيمي للمؤسسة أو ملاكها، كما تم إبرام صفقات مع شركات خاصة لتقديم دراسات واستشارات بكلفة فاقت مليوني دولار في حينه، وذلك بدل دراسة مشاريع حول المياه، مع العلم أن الداتا موجودة في أدراج المؤسسة منذ العهد السابق، ومن جهة أخرى كان من المفترض أن يقوم بهذا العمل طاقم المهندسين الذي قامت المؤسسة بتوظيفهم لتطوير المؤسسة وتخفيض النفقات”.
واشارت المصادر الى دفع اجور المهندسين الجدد رغم عدم الحضور إلى الدوام خلال أزمة كورونا بعد تسجيل حضور وهمي لهم، بالمقابل تم الحسم للعمال محدودي الدخل.
يذكر بأن النقيب علي حسين احمد كان قد تقدم بإستقالته لاسباب شخصية وعاد عنها بعد ان قررت المؤسسة استغلال الموضوع لتبرير ممارسات غير قانونية، واكد انه سيقف مرة أخرى إلى جانب العمّال في نضالهم لتحصيل لقمة عيشهم.
وكانت إدارة مؤسسة مياه لبنان الجنوبي قد اكدت بانها ستواصل الالتزام بواجباتها تجاه عمال ومستخدمي المؤسسة في الظروف كافة، ولن تسمح للضغوط أيا كان مصدرها بالتأثير على قراراتها النابعة من ايمانها بضرورة تطوير المؤسسة وتقديم أفضل الخدمات للجنوبيين والنموذج الأمثل للاداء في المواقع والمهام كافة ومن قبل جميع العمال والمستخدمين في خدمة الأهل والمواطنين.