اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان الموضوع الاساس للحوار الذي دعا اليه يوم الخميس المقبل في قصر بعبدا، “هو تحصين السلم الاهلي عبر تحمل كل طرف من الاطراف الداخلية مسؤولياته، وذلك تفادياً للانزلاق نحو الاسوأ وإراقة الدماء، لاسيما بعد ما رأينا ما حصل في شوارع بيروت وطرابلس إثر التحركات الاخيرة”، نافيا ان يكون هدف انعقاد طاولة الحوار العودة الى حكومة وفاق وطني، ومشيراً الى أن النظام التوافقي يفتقد الى الديموقراطية في ظل غياب ما يسمى بالاقلية والأكثرية.
وشدد الرئيس عون على انه بالصناعة والزراعة تدعم الليرة اللبنانية وليس بالاستدانة من الخارج الذي لطالما اعتمدنا عليه في السابق الى جانب الاقتصاد الريعي، مشيرا الى أنه يتحمل كامل مسؤولياته كرئيس للجمهورية بهدف إيجاد الحلول للأزمة الراهنة، وقال: “نعمل على بناء لبنان من جديد وهذا يستغرق طويلا”.
كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا الهيئة الإدارية لجمعية الإعلاميين الاقتصاديين برئاسة السيدة سابين عويس، التي القت كلمة عرضت فيها هموم العاملين في القطاع وحددت اهداف الجمعية والاسس التي تؤمن بها، ومنها التمسك بمبادىء الاقتصاد الحر وتعزيز المبادرة الفردية القائمة على قطاع خاص ناجح، والعمل بكل الوسائل المتاحة من اجل تعزيز القطاع المصرفي وإعادة الثقة اليه محليا وخارجيا، انطلاقا من القناعة بان هذا القطاع لا يتحمل وحده مسؤولية الازمة المالية الراهنة. فالقطاع المصرفي ركن أساسي في الاقتصاد واحد اعمدته الأساسية لاستعادة التعافي واطلاق الصناعة والزراعة في اطار الانتقال من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد المنتج القادر على تأمين النمو المستدام والرخاء الاقتصادي والاجتماعي للبنانيين”.
ورأت ان التحول الى الاقتصاد المنتج يجب الا يكون على حساب القضاء على مميزات لبنان في المجال الخدماتي والمالي والمصرفي، ودعت الى اخراج الاقتصاد من دائرة التجاذب السياسي، بعدما دفع اثمانا باهظة نتيجة ذلك اوصلته الى الانهيار وافقدته مقومات صموده ومناعته، والإسراع في تحقيق الإصلاح باعتباره المدخل الصحيح والوحيد لمعالجة الازمة الاقتصادية والمالية والمصرفية، وتاليا وحكما الاجتماعية، والمبادرة فورا الى اتخاذ تدابير سريعة لمعالجة مشكلة ارتفاع الأسعار، لاسيما في ظل تراجع سعر صرف الليرة، ووضع حد للتفلت الحاصل في سوق الصرف، من خلال إجراءات جدية تعكس سيادة الدولة على نقدها.
واعتبرت ان قرار اللجوء الى صندوق النقد الدولي “خيار جريء ومتقدم على طريق استعادة لبنان مسار التعافي، لكنه غير كاف ويمكنه ان يكون مؤذيا اذا لم يبادر لبنان الدولة الى اتخاذ القرارات الإصلاحية الجريئة التي تقي ابناءه الطريق الموجع”.
وطالبت السيدة عويس بدعم القطاع الإعلامي بمختلف مؤسساته لان لبنان والاعلام صنوان متلازمان، مركزة على أهمية الإسراع في وضع قانون عصري يضمن الحريات العامة، ويشمل هيكلية جديدة قادرة على استيعاب كل العاملين في القطاع المرئي والمسموع والمكتوب والالكتروني، بعدما أدى غياب التنظيم الى تفلت ينعكس سلبا على واقع الحريات في شكل عام.
وقالت: ” لان الاعلام الاقتصادي يكتسب أهمية متزايدة، فلا بد ان يحظى بالتمثيل الصحيح ضمن مندرجات قانون الاعلام، كما ان يكون ممثلا حكما بالمجلس الاقتصادي الاجتماعي”.
ثم تحدث نائب رئيس الجمعية بهيج ابي غانم عن اهداف الجمعية ودورها في الاعلام الاقتصادي.
ورد الرئيس عون مرحبا بالهيئة الإدارية للجمعية ومؤكدا على أهمية الصحافة الحرة التي هي عنصر اساس في الحكم لما تعطيه من انذار للحاكم للانتباه الى الخلل أينما وجد، لكنه شدد في المقابل، على ضرورة التمييز بين معنى حرية الصحافة وبين حرية الشتيمة الشائعة اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي، مشددا على ضرورة صياغة قانون يضع حدا لهذا النوع من الممارسات.
وتناول الرئيس عون الموضوع الاقتصادي، فعدد المخاطر التي يتعرض لها القطاع المصرفي الراهن والتي انعكست على الواقع الاقتصادي عامة، لافتا الى المساعي الجارية لتقويم الواقعين الاقتصادي والمالي في آن. وذكر رئيس الجمهورية بما ورد في خطاب القسم لجهة الانتقال الى الاقتصاد المنتج لا سيما وان قطاعات الإنتاج كانت معطلة بالكامل في ظل ما كان سائدا من اقتصاد ريعي على مدى ثلاثين سنة.
ونوه الرئيس عون بالاهتمام الذي يبديه اللبنانيون اليوم بالزراعة، مشيرا الى انه لطالما اكد على أهمية ان تقوم الصناعة والزراعة بدعم الليرة اللبنانية وليس الاستدانة من الخارج الذي لطالما اعتمدنا عليه في السابق الى جانب الاقتصاد الريعي، متسائلا:” هل من المعقول ان ندعم الليرة بالاستدانة؟” واستشهد بتجارب عدد من الدول لا سيما اميركا والصين اللتين حافظتا على قيمة عملتهما الوطنية بفضل انتاجهما الوطني.
وفي ملف الفساد، أوضح الرئيس عون انه لطالما استقبل وفودا اشتكت من الفساد، “وكنت في كل مرة اسأل أعضاءها اذا كانوا يملكون اثباتات وما اذا كانوا على استعداد لتقديم شهاداتهم لكن اجاباتهم تأتي بالنفي”، متسائلا:” كيف يمكن مكافحة الفساد اذا لم يكن من يشتكون منه على استعداد لتقديم ما لديهم للقضاء؟ “وقال اننا اليوم نعمل على بناء لبنان من جديد منبها في المقابل الى ان هذا الامر يستغرق وقتا طويلا ، مشيرا الى ان الظروف التي مر بها لبنان في السنوات الأخيرة لم تساعده بدورها كثيرا بدءا من الازمة الاقتصادية العالمية مرورا بالحروب في عدد من دول المنطقة بالإضافة الى النزوح السوري الذي رتب على لبنان أعباء بلغت حتى آخر 2018 بحسب ارقام صندوق النقد الدولي 25 مليار دولار فضلا عن الخسارة التي لحقت باقتصاده بفعل اغلاق الحدود مع سوريا والتي تقدر ب 18 مليار دولار على مدى 9 سنوات.
وعن إمكانية تحقيق الاصلاح وتأمين حياة كريمة للبنانيين لكسب ثقة المجتمع الدولي، اشار الرئيس عون الى أنه ومنذ توليه سدة الرئاسة نبّه الى العديد من الاسباب التي أدت لوصولنا الى الحالة التي نعيشها اليوم، لافتاً الى أنه إذا كانت هناك اسباب اقتصادية خارجية عاصية علينا كدولة لحلها، فإننا نرى أن الاسباب الداخلية نستطيع حلها. فالنظام الحالي غير ملائم، لاسيما في ظل إمكانية تعطيل تنفيذ اي قرارات متخذة، اضافة الى غياب المحاسبة، مذكّراً بتقديمه الى مجلس النواب يوم كان نائبا العديد من اقتراحات القوانين المتعلقة بالاصلاح، إلا أنها لا زالت في الادراج.
وأكد الرئيس عون أنه يتحمل كامل مسؤولياته كرئيس للجمهورية بهدف إيجاد الحلول للأزمة، “إلا أن المجتمع لا يساعد على ذلك. فهو ينتقد وفي المقابل لا يقدم المساعدة المطلوبة.”
ودعا الرئيس عون الجميع، كما وسائل الاعلام، الى تحمل المسؤولية والاضاءة على الانجازات التي تحققت، خصوصاً على الصعيد الامني، ووضع قانون انتخابي جديد. وقال:”الصعوبة بالنسبة الينا تكمن في تغيير الذهنية لدى البعض، وانا على قناعة أن على الانسان عدم الاستسلام لليأس، ولدي الامل بأننا سنتمكن من عبور هذه المرحلة والوصول الى حل. ونعمل على ذلك، إلا أن الوضع ليس سهلاً.”
وعن الحوار يوم الخميس المقبل في قصر بعبدا، أكد الرئيس عون “ان الموضوع الاساس لهذا الحوار هو تحصين السلم الاهلي عبر تحمل كل طرف من الاطراف الداخلية مسؤولياته، وذلك تفادياً للانزلاق نحو الاسوأ وإراقة الدماء، لاسيما بعد ما رأينا ما حصل في شوارع بيروت وطرابلس إثر التحركات الاخيرة.”
ورداً على سؤال، نفى الرئيس عون ان يكون هدف انعقاد طاولة الحوار العودة الى حكومة وفاق وطني، مشيراً الى أن النظام التوافقي يفتقد الى الديموقراطية في ظل غياب ما يسمى بالاقلية والأكثرية.
على الصعيد الاقتصادي والمالي، استقبل الرئيس عون في حضور الوزير السابق سليم جريصاتي والمدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور أنطوان شقير، لجنة الرقابة على المصارف برئاسة السيدة ميّا الدباغ وعضوية السادة: جوزف حداد، مروان مخايل، كمال وزني، عادل دريك، وذلك لمناسبة تسلمهم مسؤولياتهم الجديدة في اللجنة.
وعرضت رئيسة وأعضاء اللجنة المهام الموكلة اليهم واهميتها خصوصا في هذا الظرف الدقيق ماليا واقتصاديا الذي يمر به لبنان.
سياسيا، استقبل الرئيس عون رئيس حزب التضامن النائب السابق اميل رحمة واجرى معه جولة افقتناولت التطورات السياسية الراهنة والأوضاع في منطقة البقاع الشمالي وحاجاتها. وأوضح رحمـــة انه نقل الى رئيس الجمهورية جو الارتياح الذي تركته الدعوة التي وجهها الى القيادات السياسية للمشاركة في ” اللقاء الوطني” الذي سيعقد يوم الخميس المقبل في قصر بعبدا، للتأكيد على وحدة الصف الوطني وعلى أهمية المحافظة على السلم الأهلي بعد الممارسات المرفوضة التي حصلت في بيروت وطرابلس خلال الأسابيع الماضية والتي كادت ان توقظ فتنة لا يرغب احد بايقاظها. وأضاف : من الطبيعي ان تتجاوب القيادات السياسية مع هذه الدعوة ذات الأهداف الوطنية بعيدا عن أي اعتبارات سياسية او مصلحية وذلك لاعادة التأكيد على الثوابت الوطنية التي تلقى الاجماع لتحصين الجبهة الداخلية ومنع تكرار حوادث كالتي عاشها اللبنانيون في العامين 1975 و 1976.
وأشار رحمة الى ان اهتمام الرئيس عون منصب هذه الأيام أيضا على متابعة الإجراءات المتخذة لمعالجة الازمة الاقتصادية والمالية الراهنة، إضافة الى متابعة شؤون الناس اليومية سواء بالنسبة الى تقلبات سعر صرف الدولار الأميركي او ارتفاع اسعار المواد الغذائية وهو طلب الى الوزارات المعنية التدخل بفعالية لمنع استغلال بعض التجار للوضع الراهن ورفع أسعار السلع والمواد الغذائية الضرورية لاسيما وان أسعار بعض المواد وعملية استيرادها مدعومة من مصرف لبنان.
واستقبل الرئيس عون، في حضور النائب ماريو عون، رئيس جمعية ” جاد” ( شبيبة ضد المخدرات) السيد جوزف حواط مع وفد من أعضاء الجمعية، اطلعوا رئيس الجمهورية على بدء العمل بالخطة الخمسية التي وضعتها الجمعية بهدف الاستثمار في الطاقة الشبابية من خلال تأسيس قرية وقائية متكاملة تعنى بمشكلة المخدرات على ارض مساحتها 5 الاف متر مربع في منطقة المنصف قضاء جبيل.