خطفت العملية الإرهابية التي استهدفت مؤسستي الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي، فرحة العيد، وشكّلت العنوان الأبرز للمواقف السياسية، وكذلك خطب العيد، التي دانت هذا العمل الارهابي، ودعت الى اليقظة والحذر مما يبيّته الارهابيون ضد لبنان. لكن جدول اعمال مرحلة ما بعد العيد، تتمحور حول بندين رئيسيين:
ـ الأول، العملية الإرهابية التي استهدفت عناصر الجيش وقوى الامن الداخلي في طرابلس، حيث راجت معلومات في الساعات الماضية حول فكرة دعوة المجلس الأعلى للدفاع الى الانعقاد خلال الأيام المقبلة، لدرس أبعاد وخلفيات هذا العمل الارهابي واتخاذ الاجراءات اللازمة في هذا الخصوص.
وقال مسؤول كبير لـ”الجمهورية”، “انّ ما حصل في طرابلس، يوجب مقاربته بما يتطلبه من اجراءات، واتخاذ الدولة الخطوات اللازمة وعلى أعلى مستوياتها السياسية والأمنية، للحؤول دون تكراره، ليس في طرابلس وحسب، بل في مناطق لبنانية أخرى. فما جرى ينبغي أن يشكّل صدمة للسياسيين، لكي يشعروا بجسامته وخطورته، وكذلك صدمة أكبر للجهات الأمنية على اختلافها، لكي تفتح أعينها اكثر، وتُشعر المواطنين اللبنانيين بأنّها موجودة على الارض ولا تكتفي بالقول بين حين وآخر إنّ الامن ممسوك”.
واكّد المسؤول الكبير: “انّ ما هو اسوأ من الجريمة، هو ان يأتي أحد ما، ويوجِد عن قصد او عن غير قصد، مبرراً لها”، وقال: “هذا أمر خطير يوجب المساءلة والمحاسبة”. وأضاف: “انّ الارهاب ما زال يهدّد لبنان، وما حصل في طرابلس لا يمكن اعتباره واحدة من الخلايا الارهابية النائمة، بل اكاد اقول إنّه واحدة من الخلايا الارهابية اليقظة، التي تهدّد بخطرها كل لبنان. إذ يُخشى ان يكون هذا الاسلوب الذي اعتُمد في طرابلس هو اسلوبهم من الآن فصاعداً في سائر المناطق”.
وفي هذا السياق، قال مصدر عسكري لـ”الجمهورية”، ان “هناك فارقاً كبيراً بين ان يكون عبد الرحمن مبسوط “ذئباً منفرداً” كما يوحي تصرّفه، وبين أن يقول البعض إنّ ما قام به هو عمل فردي، لأنّ من شأن ذلك تبسيط الجريمة التي ارتكبها والتخفيف من دوافعها ودلالاتها”.
كذلك، استغرب المصدر التفسير الذي يربط تصرّف مبسوط بـ”خلل نفسي لديه”، في حين انّ سجله الحافل يُظهر انّه صاحب خبرة في مجال الارهاب والقتال، وانّه مشبع بالعداء للجيش والقوى الامنية انطلاقاً من اعتباراته الايديولوجية.
ولفت المصدر العسكري نفسه، الى “انّ مستنقع الإرهاب لم يجف كلياً بعد، إلاّ انّ الجيش جاهز للتعامل مع كل الاحتمالات وهو يعمل في اتجاه تفعيل الامن الاستباقي وتحصينه، آخذاً في الاعتبار الدروس المستقاة من الاعتداء الاخير”.
وأضاف المصدر في “رسالة الى من يعنيه الامر”: “بصراحة، نحن نعتبر انّ بعض السياسيين يريد أيضاً ان يذبح العسكر، كما فعل مبسوط في طرابلس، وإنما بوسائل أخرى. للاسف هناك أكثر من مبسوط في الطبقة الحاكمة التي يوجد في داخلها من يسعى الى استهداف الجيش مباشرة من خلال التضييق المالي الذي تشمل مفاعيله الرواتب والآليات والصيانة والطبابة والتغذية وغيرها من الامور”.
ونبّه المصدر الى “انّ اي إضعاف للجيش يستفيد “داعش” منه تلقائياً، وهذه معادلة محسومة”، مشدداً على “انّ المطلوب تعزيز قدرات المؤسسة العسكرية، وليس تقليصها، عبر بنود مجحفة في مشروع الموازنة”.