غسان همداني_ليبانون تايمز
في العام 1952، تقدم بطل الاستقلال، الرئيس بشارة الخوري باستقالته من رئاسة الجمهورية في ولايته الثانية، تحت ضغط الشارع ونقمته من الفساد الذي استشرى في الدولة، وتسلط شقيقه الملقب ب ” السلطان سليم” الذي وجد في بعض الموظفين أدوات طيعة يأمرها فتجيب، عابثة بالأنظمة والقوانين ومبادئ الأخلاق، حتى ضجت البلاد وارتفعت الشكوى وعم السخط على الدولة وجميع الطبقات.
اقترن اسم “السلطان” بفساد شاب العهد وتوظيف المحسوبين عليه ومنحهم امتيازات، ونُسبت اليه، تعبيراً عن غطرسته، عبارة ان في البلاد “سرايا فرن الشباك”، حيث يقيم، و”سرايا البرج” مقر رئاسة الحكومة، في اشارة واضحة الى الحجم الذي اتخذه تدخله في الحياة السياسية اللبنانية.
لم يخلو اي من العهود المتعاقبة من ابن، او شقيق، او صهر، او مستشار، الا ان أي من هؤلاء لم يصل الى مرتبة “السلطان سليم” سوى الوزير جبران باسيل.
يتصرف رئيس التيار الوطني الحر كأنه الرئيس الفعلي في البلاد، ويعمل على تمهيد الطريق أمامه، بدعم من الرئيس ميشال عون، للوصول الى سدة الرئاسة، محاولا وضع اليد على كل المؤسسات الادارية، من خلال تعيين تابعين له في المناصب، وازاحة المناوئين من مناصبهم باي وسيلة ممكنة، وهو ما حاول تمريره عند تشكيل الحكومة والإستيلاء على المقاعد المسيحية كاملة.
في سبيل تلميع صورته، يقدم نفسه المدافع عن حقوق المسيحيين، مستعيدا خطابا طائفيا، مستعملا مواهبه في تعطيل صدور مراسيم، لا تتوافق مع هواه، او لا تخدم هدفه، كمنع صدور مرسوم الناجحين في الخدمة المدنية، ووقف التشكيلات القضائية وغيرها، وتمرير المراسيم التي يرضى عنها كمرسوم كتاب العدل وغيره.
لا يتوانى الوزير باسيل، في سبيل الوصول الى رئاسة الجمهورية، من التنكر للالتزامات والتسويات والتفاهمات التي عقدها التيار الوطني الحر ، فينقلب على اتفاق معراب، ويحاول قطع الماء والهواء عن القوات اللبنانية، ولا يقبل بإعطائها ولو نزرا يسيرا من التعيينات، ، وليس الحال بأفضل مع الرئيس سعد الحريري، الذي وجد نفسه ضحية استئثار الوزير جبران بالقرار، ومحاولة مصادرة دور رئيس الحكومة، دون ننسى ابعاده كل معارض له في التيار، من الذين كانوا يحملون صليب القضية على ظهورهم، وتطويع الآخرين، بينما يختلف الوضع مع حزب الله، فيتعمد الوزير باسيل ارسال رسائل مشفرة حينا وواضحة احيانا أخرى، وما ورد في مؤتمره الصحفي قبل ايام الذي يشكو فيه من تخلف الحليف عن نصرته بوجه الوزير فرنجية، وتصريح النائب زياد أسود بعده الذي طالب فيه بضرورة تخلي الحزب عن سلاحه، الا دليل على صحة ما نقول.
في سبيل بناء حيثية شعبية له، اطلق التيار الوطني الحر والوزير باسيل وعودا كثيرا، من الإبراء المستحيل واستعادة الموال المنهوبة، الى محاربة الفساد، الى الإصلاح والتغيير، الى 24 على 24 كهرباء، لكن للأسف تبين فشل هذه الوعود، فزاد التقنين بالكهرباء، وظهرت التشققات في سد المسيلحة، وسد بسري لا يتوافق مع ادنى مقومات البيئة، وقضايا الفساد تصدرها وزراء الطاقة وخاصة في الفيول المغشوش، وليس آخرها الإصرار على انشاء معمل سلعاتا وكلفته العالية .
في السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019، نال الوزير باسيل الحصة الأكبر من هتافات الحراك، واهتزت صورته بشكل كلي، ما استدعى منه الإستعانة بشركات عالمية لتحسين صورته، ومن حينها لم يبقى للوزير باسيل، “أو لم يبقِ من حلفاء”، سوى حزب الله على مضض، وبعض المستوزرين ، مع ما يعني ذلك من تشكيل جبهة واسعة من المعارضة رفضا لوصوله الى رئاسة الجمهورية، ليس حزب الله ببعيد عنها.